جبار عبدالزهرة
حمدوك وما ادرى القاصي والداني من حمدوك في السودان الذي تفاعلت معه شريحة كبيرة من مواطني بلده السودان وتضامن وإياه هيئة الامم المتحدة ودول عديدة في مقدمتها امريكا.
هذا الرجل الخبير الاقتصادي الذي تولى منصب رئاسة مجلس وزراء السودان بعد الاطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير يبدو انه شخصية محورية لديها قدرة على الاستقطاب المتعدد الاوجه والاتجاهات، لذلك سحر العالم بشخصيته الجذابة فالكثير من الكل الدولي والاقليمي والداخلي يدعو الى اعادته الى منصبه على اعتباره محور التحول الديمقراطي في السودان وداينمو النهوض نحو افق حياة الرفاهية للشعب السوداني بمختلف جوانبها وانشطتها .
وبصراحة اكثر الكثير في الداخل والخارج يعول عليه في اخراج السودان من عنق زجاجة التدهور العام للاوضاع فيها وفي مقدمتها انهيار الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وارتفاع تكلفة المعيشة على خلفية اجراءات وقرارات الحكومة السابقة حكومة البشير وقد وصفت في حينها بأنها اجراءات فاشلة وهشة 0
لذلك كانت هناك ردود فعل شديدة على الانقلاب الذي قاده الفريق الركن عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ضد الحكومة الانتقالية التي كان يتراسها حمدوك وقام بحل مجلسي السيادة والوزراء واعتقل العديد من الوزراء ووضع حمدوك تحت الاقامة الجبرية في منزله فضلا عن اعفاء الولاة من مناصبهم 0
لقد ترجمت كل جهة اعترضت على الانقلاب العسكري رفضها لهذا الانقلاب استنادا الى قدراتها التاثيرية وزاوية رؤيتها له في تحجيمه ومحاصرته بهدف اجبار العسكر على التخلي عنه وقامت بتصعيد لهجتها وتحركاتها ضده بعد مضي البرهان في طريق استكمال الصورة التي يريدها لانقلابه باصداره مرسوما بتشكيل مجلس سيادة جديد برئاسته وتعيين الفريق محمد دقلو نائبا له مكافئة لحميدتي على تقديم الدعم والاسناد العسكري المطلوبين في انقلابه وهو امر مطلوب في اي انقلاب عسكري لتثبيته على ارضية الواقع السياسي والاجتماعي وصد اي هجوم مقابل او حركة اختراقية للجهات التي حصل الانقلاب ضدها لقد كان حميدتي في وقت تنفيذ الانقلاب قائدا لقوات التدخل السريع التي كانت الذراع الايمن والساعد الاقوى للبرهان في نجاح انقلابه العسكري وتوفير الحماية له والغطاء الدفاعي عنه 0
هناك رفض واسع لهذا الانقلاب على المستوى الداخلي السوداني فقد اعتبرالشارع السوداني انقلاب الجيش تمردا عسكريا على المسار الديمقراطي في البلاد وبسببه شهدت العاصمة الخرطوم، وقفات احتجاجية، رفضا لما اعتبره المحتجون ( انقلابا عسكريا ) ودعما للتحول المدني الديمقراطي في السودان، وتمهيدا للمشاركة في مظاهرة 13 نوفمبر.0
وفي سياقه نفذ العشرات من موظفي شركتي “بترو نيرجي” (خاصة)، و”دال” الغذائية”، ومنتسبي “مستشفى محمد الأمين” للأطفال، في مدينة أمدرمان غربي العاصمة الخرطوم، وقفات احتجاجية متفرقة، رفضا لـ”الانقلاب العسكري”، ودعما للتحول المدني الديمقراطي في البلاد. ورفع الموظفون لافتات مكتوب عليها”يسقط الانقلاب العسكري” و”دعم التحول المدني الديمقراطي” و”لا وصاية على الشعب السوداني” و”نعم للحكم المدني” و”الشعب أقوى والردة مستحيلة”.
وفي ذات السياق اعرب ائتلاف الحرية والتغيير وهو( الائتلاف الحاكم السابق ) يوم الاربعاء المصادف 10/11/2012م عن رفضه القاطع للانقلاب وشدد في بيان له على ضرورة “عودة الحكومة المدنية الشرعية لمزاولة مهامها تحت قيادة رئيس الوزراء الشرعي، عبد الله حمدوك والتمسك بالوثيقة الدستورية0
كما نشطت ( لجان المقاومة ) بين أحياء العاصمة الخرطوم في نشر الدعاية والحملات التوعوية عبر صفحاتها على “فيسبوك” وتوزيع قصاصات ورقية في الشوارع للدعوة للمشاركة في مظاهرة 13 نوفمبر يوم السبت .
وقد تصدر جبهة الجهات المناوئة للانقلاب تجمع المهنيين السودانيين الذي أعرب عن رفضه لمجلس السيادة الانتقالي الجديد الذي قام بتشكيله الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني كما دعا هذا التجمع المواطنين السودانيين إلى الخروج يوم السبت 13/11/2021م كما اشرنا في مظاهرات مليونية والمطالبة بعودة الحكومة المدنية مؤكداً عبر عدة تغريدات في تويتر على ( مواصلة المقاومة السلمية) التي اعتبرها طريق الشعب لإسقاط الانقلابيين وتأسيس السلطة الوطنية المدنية الانتقالية 0
وبالفعل فقد تظاهر مئات السودانيين بالعاصمة الخرطوم، السبت 13/11/2021م احتجاجا على ما اعتبروه انقلابا عسكريا وشددوا على المطالبة بالحكم المدني غير ان قوات المجلس العسكري الانقلابي فتحت النار على المتظاهرين مما ادى الى مقتل متظاهر واحد في ام درمان ووقوع العديد من الجرحي بالرصاص الحي الذي اطلقته عليهم 0
اما على الجانب المجتمع الدولي فان الامم المتحدة من جانبها ادانت الانقلاب العسكري واعتبرته خطوة غير صحيحة ستساهم في حال استمرارها في تعقيد الاوضاع في السودان وتدمير البنية التحتية والاجتماعية للبلاد التي تعاني اصلا من كثير من المشاكل المعقدة ومنها مسالة الديون وفي صدد ذلك أعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس عن القلق إزاء تعيين مجلس سيادة جديد في السودان.
وقال:- إنّ التعيين الأحادي الجانب لمجلس سيادة جديد من قبل قائد الجيش السوداني الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان ؛ يزيد من صعوبة العودة إلى النظام الدستوري ،. وشدد بيرتس مجدداً على أهمية التوصّل إلى حلّ عاجل عن طريق المفاوضات لإعادة الحياة السياسية والاقتصادية في السودان إلى طبيعتها.وهو يريد بذلك عودة حمدوك لقيادة الحياة بمختلف جوانبها في هذا البلد 0
قبل الكلام عن المساعي الدولية لايجاد حل توافقي يرضي جميع الاطراف صاحبة التشاكس والتناكب والصراع في السودان على مصالحها واهدافها المختلفة لا بد ان نشير الى حقيقة معروفة للجميع من ان كل ما يجري من وقائع واحداث في بلدان العلم الثالث له صلة وثيقة باطماع الدول الاستعمارية الكبرى وهي انعكاس لمصالحها الاقتصادية والسياسية والامنية في هذه البلدان لذلك فان جميع المتغيرات الداخلية في الدول النامية ودون استثناء تجري في فلك اطماع ومصالح امريكا وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا لان مفتاح محرك كافة اشكال الصراعات والتحركات والاتجاهات في جميع الدول الخاضعة لارادة المستعمر هو بيد ذلك المستعمر وبعبارة اوضح الدول الصناعية الكبرى 0
وعليه فان إطار المبادرات المبذولة دوليا نحو اعادة حمدوك الى سدت الحكم وفي مقدمتها مبادرة دول الترويكا (أمريكا وبريطانيا والنرويج) التي التقت البرهان الثلاثاء 9/11/2021م وطرحت عليه رؤيتها وهي ضرورة تخلي البرهان عن الانقلاب وأكدت فيها عليه على “ضرورة المضي في الانتقال الديمقراطي وقيام حكومة برئاسة حمدوك الذي ترى أنه بدأ العمل على ملفات عديدة، ويجب أن يواصل العمل عليها 0
غير انه يبدو ان البرهان لم يقتنع براي المجتمع الدولي (هيئة الامم المتحدة) كما لم ترق له طروحات التسوية التي اقترحتها عليه دول الترويكا فمضى في تجسيد اهدافه من وراء انقلابه في تشكيل مجلس سيادي جديد برئاسته مما اثار حفيظتها ضده وعدم رضاها عنه فشرعت في ترجمة موقفها في امتعاضها وعدم قبولها للنهج الدبلوماسي والسياسي للبرهان بميلها الى الى التلميح والتلويح لمحاصرة السودان اقتصاديا تمهيدا لاسقاط الانقلاب وتسليم مقاليد السلط لحمدوك 0
وقد عبرت عن ذلك بشكل صريح وواضح بما أكدت عليه الخارجية الأمريكية أن إخفاق السودان في استعادة الحكومة المدنية ارادت بذلك (اعادة حمدوك الى موقعه السيادي) سيزيد من عزلته عن المجتمع الدولي، وأوضحت أن أكثر من 4 مليارات دولار من مساعدات وعلى الأقل 19 مليار دولار من إعفاءات الديون، سوف تكون في خطر.0
وفي سياق الالحاح على ضرورة عودة حمدوك لقيادة السودان قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الأسبوع الماضي خلال موجز صحافي:- إن الإخفاق في استعادة الحكومة المدنية بالسودان (حمدوك ) سيزيد من عزلتها، وقال ايضا :- وتحدثنا بالفعل عن تعليق تمويل بمقدار 700 مليون دولار ( اذا لم يعد حمدوك) 0
وعليه فان الحياة السياسية في السودان في خطر وان الاقتصاد السوداني في الموقع الاخطر وان مقومات عيش المواطن السوداني في مهب ريح اقصاء حمدوك والاصلاح والسلامة وهدوء الاوضاع وعودة الحياة السودانية الى مجاريها الطبيعة المحفوفة بالسلامة الاجتماعية والتعافي الاقتصادي واختفاء المظاهر المسلحة من الشوارع كله هذا وآخرغيره حسب رؤية وموقف المستعمر فيه الخير للسودانيين مرهون بعودة حمدوك على راس السلطة في السودان 0 وهذ الامر بيد العسكر الانقلابيين وعلى راسهم قائد الانقلاب الفر يق اول الركن عبد الفتاح البرهان اذا ارادوا ان يجنبوا بلدهم ويلات الحرب والانهيار الاقتصادي والتمزق الاجتماعي 0
كاتب عراقي -النجف
عذراً التعليقات مغلقة