بقلم المراقب السياسي
قبل زيارة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الى تركيا، كانت الامارات قد اتخذت قرارها النهائي بتصفير المشاكل مع القوى الإقليمية وبدأتها باتفاقية السلام مع إسرائيل.
وسياسة “صفر مشكلة” ذات وهج تركي قديم ومندثر ، إذ كان قد اعلنها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في بداية ولايته قبل سنوات وانتهت في تدخل عسكري في سوريا وملف مفتوح مع العراق فضلا عن مشكلة خارجية مع أوروبا بسبب الهجرة، وخلاف النفط في البحر المتوسط والاخوان في مصر، ولم يبق من المصطلح شيء عملي ، وكان الواقع الإقليمي اكبر من التمنيات السياسية ..
فهل قرأت ابو ظبي سياسة صفر التركية قبل ان تشرع بممارسة مثيل لها؟
ايران أبدت اعتراضات إعلامية خفيفة على تطبيع الامارات مع إسرائيل، وكان المتوقع ان يصدر عنها رد فعل كبير، كون التعاون الإسرائيلي الاماراتي مفتوحا وبات في قبالة حدودها البحرية مباشرة، لكن ايران تنظر الى الامر من زاوية أخرى، وان المصلحة الاستراتيجية مع الامارات هي اكبر من أي وجهات نظر سياسية قد تكون ظرفية ليس إلا ، في حين ان الامارات دولة غنية ومركز الأنظار العالمية، ومن باب أولى ان تكون في دائرة اهتمام ايران البلد المعاقب أمريكيا والذي يعاني من قيود في اكثر من مجال إقليمي ودولي ، بالرغم من كل نفوذها القوي .
التصريحات الإيرانية الأخيرة في انّ هناك اتفاقا لفتح صفحة تعاون جديدة مع الامارات يؤكد ان لا مشكلة إماراتية في ميدان الانفتاح الكامل مع إيران، لاسيما ان الملفات الخلافية في العقود الماضية جرى طيها، وابرزها الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
ولم تدخل الامارات في معركة سياسية او إعلامية صاخبة مع ايران منذ قامت دولتها قبل نصف قرن .
في حين انّ صراعا اندفع بسرعة البرق الى السطح مع تركيا البعيدة جغرافياً في السنوات الأخيرة، تحت عناوين شتى ، مركزها جماعة الاخوان المسلمين واطرافها دول وجماعات وشخصيات مختلفة. وحين انتهت الازمة الخليجية وجرى التصالح مع دولة قطر، بدا الصراع مع تركيا وهماً واضحاً، لاسيما ان مصر الحليفة للامارات والتي لها خلافات اعمق مع تركيا أبدت مرونة وتقاربا مع انقرة منذ سنتين.
من هنا انتبهت الامارات الى ضرورة الانفتاح السريع على تركيا عقدة الربط بين قارتين وأكثر من قوة عالمية أساسية.
لكن لا يمكن الجزم في انَّ الامارات تضع مركز تركيا الكبير في استراتيجية المنطقة وحده في ميزان هذا الانفتاح. فالحسابات لا تزال معقدة، لأن الساحة الاقليمية مليئة بالمنافسين، وان الجو لم يصفُ تماما بين تركيا والسعودية بعد ملف خاشقجي .
كما ان أزيد من عشرين الف جندي تركي لا يزالون مرابطين في دولة قطر للدفاع عنها ضد اي تهديد خارجي ، يبدو ان الدوحة لا ترى انه ازيل.
في المحصلة ستكون الامارات نقطة ترابط مصالحية بين إيران وتركيا وإسرائيل، بغض النظر عن شعارات الاستهلاك السياسي والخلاف بشأن الملف النووي وسوى ذلك. لكن الذي يخشى منه ان تكون الامارات قد تلبست دورا قطريا بات محجما الان في مد النفوذ في الإقليم لكن هذه المرة ،من الباب الاقتصادي، وهذا يعني فيما لو اثبتته الأيام ، ان كل الأمور مربوطة بتوقيتات لها نهاية ما .
عذراً التعليقات مغلقة