هل ترمم زيارة إبن زايد إلى تركيا مافسد بينها و مصر..أم هناك حاجة لزيارة من السيسي ؟

آخر تحديث : الأحد 28 نوفمبر 2021 - 9:50 مساءً
هل ترمم زيارة إبن زايد إلى تركيا مافسد بينها و مصر..أم هناك حاجة لزيارة من السيسي ؟

هشام استيتو 

 ستيتو - قريش

خبير حقوقي، ومحلل سياسي، من المغرب

ما فرقته السياسة، ترممه زيارة محمد بن زايد إلى تركيا، بعد عشر سنوات من التنافر السياسي والتباعد في المواقف، والصراع الاقليمي المحتدم في عدة ساحات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي نتج عن اختلافات في الرؤى حول قضايا الربيع العربي وما نتج عنه من حروب، وبسبب التوجس من الطموح التركي ليصبح القوة الإقليمية الأولى في عهد حكم تيار سياسي تناصبه أبو ظبي عداء ظاهر، وهو الأمر الذي ترجم في شكل تناقض بارز بين البلدين، حاول من خلاله كل طرف ضم ما اعتبره مجالا خالصا لنفوذه.

وبالتأكيد لم تكن الإمارات وحيدة  خلال هذا الصراع بل كانت في خندق واحد مع السعودية ومصر،  وقد تعددت خلال السنوات العشر من التوتر قضايا خلاف بينهم وبين تركيا، تراوحت من مسألة الحدود البحرية إلى وجود قيادات وأعضاء من تنظيم الاخوان في الأراضي التركية، إلى قضية اغتيال الصّحفي السعودي جمال خاشقجي، إلى الموقف من سوريا وحرب اليمن والوضع في العراق، والتدخل التركي في ليبيا.

وإذا كانت حدة المواقف تباينت بحسب سبب نزولها وفعالية دبلوماسية كل دولة، ووضعها الاقليمي، ومدى الضغط التركي وأثاره عليها، فإن نفس التباين يتحقق في مسارات تنقية الأجواء بين البلدان الثلاث وغريمها التركي.

فإذا كان التقارب الخليجي التركي أصبح أمر واقع، فإن مسار علاقات القاهرة أنقرة ما زال يراوح مكانه، ويعاني بعض التباطئ.

لقد دشنت مصر مرحلة الحوارات التمهيدية لإعادة علاقاتها مع تركيا، وهي الحوارات المرتهنة حتما بتطور الوضع السياسي والأمني في ليبيا، والتسويات المحتملة حول الحدود البحرية في شرق المتوسط، وملف عشرات الألاف من المعارضين المصريين الموجودين فوق التراب التركي. 

ورغم أهمية ملفي الحدود البحرية والتدخل في ليبيا، فإن الملف البالغ الحساسية بالنسبة للطرفين هو إيواء المعارضة المصرية في تركيا، لأن هذا الملف ارتبط بوصول القيادة السياسية المصرية الحالية إلى السلطة، وموقف أردوغان منها، بل أن شرارة التوتر الدبلوماسي بين البلدين انطلق بمناسبة ذلك، وبسبب تصريحات أردوغان المؤيدة للرئيس مرسي، فضلا عن الفتيل المزمن الذي يسببه اتخاذ المعارضة المصرية للأراضي التركية قاعدة لبت الدعاية السياسية في مواجهة النظام الحاكم في مصر، وهو ما جعل الأخيرة تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا، وإطلاقها حملة إعلامية مضادة في مواجهتها.

مهّدت مصر لإعادة علاقاتها مع تركيا، وهي الحوارات المرتهنة حتما بتطور الوضع السياسي والأمني في ليبيا

لذلك فإن أي تقارب بين البلدين مشروط بإنهاء سبب الاحتقان بين النظام السياسي في مصر والدولة التركية، وهو الأمر المرتبط بإنفراج سياسي في البلد وهو غير وارد حاليا لعدم نضج شروطه الموضوعية بعد، وبالتالي فإن أي جزر للخطاب العدائي بين البلدين لن يتعدى إطار الترضيات الإقليمية، ولن يصل إلى مستوى تنقية الأجواء، خصوصا وأن وضعية المعارضة المصرية اللاجئة في تركيا مؤطرة بإلتزامات البلد المضيف الدولية حول حقوق اللاجئين، وأقصى تعاطي ممكن حول ذلك ينحصر في تحجيم النشاط المصري المعارض في تركيا. 

أما بخصوص ملفي الحدود البحرية والوضع في ليبيا، فإن الجميع يعلم بأن حلهما ليس بيد الطرفين التركي والمصري، بقدر ما يخضع لسياقات دولية فوق إقليمية. 

إن التدخل التركي في ليبيا، جاء في سياق خلقها اختراق في الجدار  المصري القبرصي واليوناني المفروض على تركيا بتوقيع إتفاقيات حول الرصيف القاري والحدود البحرية، وهو الأمر الذي لم تقبل به في يوم تركيا بسبب جغرافيا المنطقة، وبالتالي فإن اتفاقها مع ليبيا والذي تعتبره تصحيحا سياديا وخاصا لمعاهدة الأمم المتحدة حول البحار جاء في إطار تسابق إقليمي لفرض الأمر الواقع من خلال الاتفاقيات الثنائية وكرد على توقيع مصر لاتفاقيتين متشابهتين مع قبرص اليونانية واليونان.

وبربط هذه المعطيات مع التقارب الخليجي التركي فإن أي خطوات مماثلة على المستوى المصري ستكون في صالح الجانب التركي، وبضغط خليجي على الحليف المصري، مادام أن السعودية هي أقل الدول تناقضا مع تركيا في هذا المحور رغم بروز بعض الملفات في هذه العشرية المنصرمة إلا أنها لم تمس عمق العلاقات بين البلدين، وكثيرا ما وصف أردوغان السعودية بأنها الشقيق الخليجي الأكبر، وتنزيهه الملك سلمان عن ملف الصحفي جمال خاشقجي، الأمر الذي سيجعل مصر وحيدة في موقفها مع الأتراك ويعيد علاقاتها إلى منطق الندية، بل ستحسن تركيا توظيف وسائل الضغط المتوافرة لديها في أفق تحقيق أكبر المكاسب ولها في ذلك فرصة تاريخية غير مسبوقة إن أحسنت لعب ورقات التقارب الخليجي والانفراج الليبي المرتقب لصالحه. 

  مقال خاص لصحيفة قريش – لندن

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com