روسيا – أوكرانيا .. على قيد شعرة من الحرب

آخر تحديث : السبت 4 ديسمبر 2021 - 7:08 مساءً
روسيا – أوكرانيا .. على قيد شعرة من الحرب

محمد عياش

قيل عن السياسي المحنك أي الماهر ، يتوقع أحداثاً ستجري ، وهو بنفس الوقت يقنعك بعدم حدوثها .

كل المؤشرات والدلالات الآتية من الأزمة بين روسيا وجارتها أوكرانيا ، والتي تعتبر بـ «الحديقة الخلفية»لروسيا ، وشريانها الرئيس في البحر الأسود . إلى تصاعد الخلاف الذي يرافقه اتهامات بين الطرفين بالتحشيد العسكري كلٌ عند حدوده.

   تتصاعد لغة التهديد والوعيد بخطوات متسارعة ، وكأنها كرة ثلج تتدحرج من قمم الجبال ، ووصولها سيخلف تهديدا ً مرعباً للأمن والسلم الدوليين , والعالم يعيش حالة من حبس الأنفس لما لها من تداعيات مخيفة لجهة تطورها وكثرة الجهات التي ستدخل على خط الأزمة .

   ثمة تساؤلات ملحة ومطروحة في الأذهان والكواليس ، سيما إذا أقدمت روسيا على عمل عسكري يخولها فيما بعد ، السيطرة على أوكرانيا وقرارها السيادي وإبعادها كليا ً عن الأحلام الأوروبية وأمنيات الولايات المتحدة الأمريكية بتحويلها أي أوكرانيا ‘‘ خنجر مسموم ’’ في خاصرة العدو اللدود روسيا .

   وفق معطيات كثيرة ، فإن الأزمة معقدة للغاية ، وفيها من التقاطعات المريبة ، بين الاتحاد الأوروبي الذي ينظر لـ ‘‘كييف’’ بالحليف المقبل سواءً بالقارة العجوز ، أو بحلف «الناتو» الذي يتحرك بخطوات شبه مؤكدة للغايات الاستفزازية لروسيا مع كل صباح ، وواشنطن التي تحاول بناء التحالفات وقيادتها لمحاصرة الصين الصديق الحميم لروسيا ، مثل ‘‘ أوكوس ’’ ، و ‘‘ كواد ’’ ،مع صعوبة الإدراك الأمريكي على معرفة ما ينوي له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .

   يتبادل الطرفان الاتهامات ، فكييف قالت ، أن موسكو العام الماضي وفي آذار ( مارس ) بالتحديد ، حشدت عشرات الآلاف من الجنود ، والمسألة متوقفة على إعلان البداية ، إلا أن أمور كثيرة حالت دون ذلك ، متهمة الرئيس بوتين عزمه وإصراره على احتلال أوكرانيا وتفويت الفرصة على الولايات المتحدة وأوروبا . غير أن روسيا وعلى لسان وزير الدفاع شويغو  ، أن الأوكرانيين جاؤوا بنصف جيشهم على الحدود معنا ، تنفيذا ً لأوامر الأمريكيين والأوربيين .

    إن الذهنية الروسية ثابتة ، وكذلك إستراتيجيتها التي تعد كييف شريان حيوي لا يمكن الاستغناء عنه ، وهو بمثابة السد المنيع لانهيار الروس ، والصورة السوداوية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي ماثلة أمامهم ، وبالتالي فإن الروس قد يذهبوا بعيدا ً وغالب التوقع ، ربما يفعلوها كما فعلوا بجزيرة القرم والاستفادة من ميناء سيفاستبول الحيوي الذي يعد الأوكسجين لروسيا بالبحر الأسود والوصول إلى المياه الدافئة ، البحر الأبيض المتوسط . 

   روسيا أكثر جرأة على عمل عسكري في أوكرانيا وإغلاق الباب نهائيا ً ، بينما الرد الأمريكي سيكون الاستنكار والإدانة ومزيد من العقوبات ، وهذا أعتقد أن موسكو قد تعودت على مثل هذه الإجراءات ، والاعتقاد الجازم أيضا ً ، أن واشنطن أرادت من الفتنة ، العودة إلى سياسة الحرب الباردة أو كما يقال ‘‘ السوفت باور ’’ القوة الناعمة ، أي استنزاف روسيا اقتصاديا ً ودفعها لصناعة الصواريخ والآليات العسكرية التي ستكلفها الكثير .

   الولايات المتحدة بسمعتها السيئة ، تتخذ خطواتها بحذر ، لأن منافسها شرس ومتكئ على تحالف وعمق لا يستهان به ، فكل دولة لا تقبل بالانخراط والخضوع لأوامرها ، هي صديقة للصين وروسيا ، وعلى هذا الأساس ترتسم معالم تحالفات معلنة وغير معلنة ونقطة الاختلاف بين الطرفان أن واشنطن تعلن عن تحالفاتها ، في الوقت الذي تخفي موسكو ، أو كما يقال أنها ليست في وارد العد والإحصاء للمعسكر الحليف ، لأنها تفضل عنصر  المفاجأة .

في حقيقة الأمر ، الصراع على أوكرانيا ، لا يزال في أروقة العقلاء بين الطرفين ، اللذين يفضلون العمل الدبلوماسي المضني على العسكري الذي لا يبقي على حجر وبشر وشجر .. ولا أحبذ أن يقتربوا أصحاب الرؤوس الساخنة من دائرة القرار وتغليب الإستراتيجية الكبرى على المصالح المشتركة ، فالقضية معقدة وخيوطها متداخلة وعليها ممكن لموسكو أن تعيد هيبتها كمنافس ند وحقيقي لواشنطن وكسر أحادية القطب ، بينما تعتبر واشنطن القضية فرصة لتثبيت أركانها كقائدة متفردة للعالم ، والشعرة بينهما مشدودة للغاية .

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com