د فدوى أحماد
كاتبة من المغرب
التربية على مناهضة العنف ضد النساء مسؤولية الجميع..
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً..”
قرآن كريم
يؤول الرجل والمرأة إلى أصل واحد؛ هو النفس الواحدة وهذا المؤشر القرآني الموجه إلى عموم الناس يضع حدا لكل سلوك تمييزي ضد النساء..
المرأة حقيقة والرجل حقيقة، وكلاهما يشترك في رسالة الإنسان الهادفة إلى الإعلاء من شأن الواجب..
شغلت المرأة عبر العصور مواقع هامة من أجل تحقيق الاستقرار والأمان المجتمعيين.
وأما ظاهرة العنف ضد المرأة فهي ظاهرة عالمية، لكنها تتخذ أبعادا مأساوية في المجتمعات المتخلفة..
تزايدت وتائر العنف ضد المرأة في السنوات الأخيرة في سياقات عدم الاستقرار والنزاعات، ولما اخترق الوباء الكوفيدي جغرافية العالم ارتفع منسوب العنف ضد النساء نتيجة واقع الحجر..
وتسعى المنظمات الحقوقية إلى التحسيس بهذه الآفة والنهوض بثقافة الحقوق على أساس واحد هو الإنصاف الشامل الذي يبلوره مفهوم العدل..
يتخذ العنف ضد النساء أشكالا، منها:
· عنف جسدي: يبرز في الاعتداء البدني..
· عنف نفسي: يتجلى في الآثار النفسية الناتجة عن العنف الجسدي مما يساهم في إضعاف الثقة والخوف وعدم القدرة على المواجهة…
· عنف لفظي: وهو الأكثر استفحالا نتيجة لرسوخه في ثقافة شعبية متخلفة تميل إلى البذاءة الكلامية..
· عنف اقتصادي: يشمل كل مظاهر الإقصاء الاجتماعي والإجحاف المادي في القطاع الخاص وشتى الأشغال التي تمارسها المرأة..
· عنف سياسي: تمارسه بعض المؤسسات خاصة الحزبية، حيث يتم استغلال صورة المرأة في هذه الكيانات بطرق نقيضة لحقيقة العدل..
ورغم ما عرفه هذا الموضوع من اهتمام متزايد بهذه الظاهرة واختلاف وجهات النظر حولها فإن النتائج المرجوة ما زالت بعيدة.
وقد صدر في بلادنا في الآونة الأخيرة القانون رقم 103/13 القاضي بزجر مرتكبي العنف ضد النساء مما يؤكد ارتفاع منسوب الوعي وانخراط الفاعلين في محاربة الظاهرة، ومع ذلك فقد صدرت دراسة أعدتها وزارة التضامن والأسرة تشير إلى أن نسب العنف وسط النساء ما زالت مرتفعة بين المتزوجات ومعظم الحالات لا يتم التبليغ عنها. .
إن محاربة العنف ضد النساء مهمة مستعصية كما وكيفا وهي تستدعي الاهتمام بأمرين:
– الأول: توسيع وتعميق الوعي بخطورة هذه الظاهرة في المجتمع بواسطة عمل منتظم تقوم به الدولة والمجتمع المدني الحقوقي ..
– الثاني : التربية على مناهضة العنف بكل أشكاله، وهذه مهمة المؤسسات التعليمية بكل أشكالها..
إن العنف بكل أشكاله مدان شرعا وقانونا وأخلاقا، ولا يمكن للإنسانية أن تتقدم وهي مجردة من قيم العدل بين الرجال والنساء وبين كل أصناف الطبقات الاجتماعية، كما أن القوانين لم توضع إلا لأجرأتها وتفعيل مقتضياتها وهذه مهمة القضاء العادل..
مقال خاص لصحيفة قريش – لندن
عذراً التعليقات مغلقة