بقلم المراقب السياسي في لندن
في حالتَي النفي أو الاثبات بشأن حدوث أو عدم حدوث الغارة الجوية العنيفة على سجن في صعدة معقل الحوثيين التقليدي في شمال اليمن، والتي نفى التحالف الذي تقوده السعودية تنفيذه لها، فإنَّ الحوثيين المدعومين من ايران وحزب الله اللبناني، سجلوا نقطة ثمينة ونوعية لهم، تكاد توازن أو تتفوق على النقطة التي سجلت ضدهم عندما قصفوا أبو ظبي قبل ذلك بأيام قليلة.
لقد انتزع الحوثيون بسرعة ودقة من حدث قصف سجن صعدة، الحقيقي او الوهمي، ادانة دولية لصالحهم من الأمم المتحدة والأهم هو حصولهم على ادانة مباشرة من الولايات المتحدة، الحليف لخصومهم في السعودية والامارات، وباتت الأضواء مسلطة من جديد على مأساة حرب اليمن وضرورة وقفها فورا، من باب الغارة ضد الحوثيين وليس من باب الغارات الحوثية ضد اهداف استراتيجية في السعودية او الامارات.
ونقل بيان عن وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن قوله إنّ “الولايات المتحدة قلقة جدا (…) من التصعيد في اليمن”، داعيا “جميع أطراف النزاع إلى وقف التصعيد والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي والمشاركة الكاملة في عمليّة سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة”.
وجاء الرد الأمريكي بعد أن قُتل سبعون شخصا على الأقلّ وأصيب 138 بجروح في غارة على سجن في صعدة في شمال اليمن
وقال وزير الخارجيّة الأميركي إنّ “الغارة الجوّية تأتي بعد أيّام فقط من هجوم الحوثيّين المتعمّد على مدنيّين في أبوظبي”، واتّهم المتمرّدون الحوثيّون طيران التحالف العسكري بقيادة السعوديّة بالهجوم.
وكذلك ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان الجمعة بـ”الضربات الجوّية للتحالف الذي تقوده السعوديّة والتي استهدفت سجنا في صعدة”.
هل تقرأ الأجهزة السياسية والاستخبارية والإعلامية في السعودية والامارات الدلالات في تطور الصياغات اللفظية للخطاب الأمريكي والدولي؟
هل ربطت الامارات التطورات الجارية مع الإهمال الذي لاقته دعوتها لواشنطن بإعادة تصنيف جماعة الحوثي على قائمة الإرهاب، كما كان قد فعل ذلك الرئيس السابق ترامب؟
هل جاء الرئيس بايدن من كوكب آخر حين ألغى مع قدومه الى البيت الابيض التصنيف الارهابي بما منح صك اعتراف غير مباشر بالحوثيين وادارتهم لصنعاء، برغم انه جرى تمرير كل ذلك تحت الدواعي الإنسانية لتوزيع المساعدات؟
ولماذا لم يترك الامريكان الامر للأمم المتحدة في توزيع المساعدات بغض النظر عن نوع السلطات هناك، كما يحصل في سوريا حيث تتلقى مناطق تحت سيطرة الحكومة السورية والفصائل المسلحة المختلف عليها مساعدات اممية من دون الحاجة الى قرارات من البيت الأبيض في رفع صفة أو تثبيتها؟
إنَّ سياسة معالجة قضية تخص حرباً من الحروب الكبرى في زمنها واتساعها في القرن الواحد والعشرين، لا يمكن الركون الى تغريدات هنا وهناك لمعالجتها، مع أجهزة إعلامية تفتقر لغة الخطاب والتأثير والتوقيت المناسب مع العالم.
المسألة تخضع لتحليل النقاط المستجدة، بعيداً عن العواطف.
عذراً التعليقات مغلقة