/ جبارعبدالزهرة العبودي
العراق -النجف
خلال فترة اتخاذ الرئيس سعيد لاجراءاته الاستثنائية التي ادت بدورها الى تضارب حاد بين مكونات الراي العام في تونس فقد عرف التونسيون جميعا من مؤيد ورافض ان الرئيس قيس سعيد قد انفرد بالسلطة وجمع كافة الصلاحيات التنفيذية بيده معتمدا حسب ما يقال على ظهير من داخل تونس وهو تاييد الجيش والقوى الامنية له0
وتواصلا معه ابدأ بذكر الاحداث من يوم الجمعة التي حملت احياء الذكرى الحادية عشرة للاطاحة بنظام زين العابدين بن علي في العام 2011م واهم حدث على مستوى المعارضة هو اعلان مجموعة من اعضاء البرلمان التونسي الدخول في اضراب عام عن الطعام وانظم اليهم نشطاء ومعارضون لسياسة الرئيس 0
وقد اتهموا الرئيس بجر تونس نحو الحكم الفردي من قبله ومن اجل ذلك سخر وبقوة غير مسبوقة آلة القمع ومؤسسات الدولة لإخماد كل أصوات معارضيه فقد شن حملة اعتقالات ضدهم وكان في مقدمة المعتقلين عضو البرلمان سيف الدين مخلوف ونضال السعود وكان من بين اهم المختطفين في اطارفرض الاقامة الجبرية نائب رئيس حركة (النهضة ) التونسية نورالدبن البحيري الذي قالت عنه هيئة الدفاع الأربعاء، إنه بين الحياة والموت بعد تدهور حالته الصحية إثر إضرابه عن الطعام 0
ينضاف الى ذلك ان السلوك الفردي للرئيس سعيد بحسب المعارضة التونسية له ادى الى إغلاق الباب أمام محاولات البحث عن حل وطني وديمقراطي للمأزق الذي هو وضع البلاد فيه بسبب سياسته الدكتاتورية 0
وقد ادى ذلك الى تمزيق الصف الوطني التونسي وتبعا لذلك فقد تظاهر التونسيون وهم على خطين متوازيين في عالم السياسة خط داعم ومؤيد بقوة لقرارات السياسية التي تبناها الرئيس قيس سعيد وخط آخر رافض وبشدة لهذه القرارات 0
فاما المؤيدون فقد اصطفوا وتجمعوا قبالة المسرح البلدي وكان تعدادهم نحو مئتين من المساندين للرئيس رافعين علميْ تونس والجزائر ورفعهم لعلم الجزائر لم يأت اعتباطا او من فراغ في قيعة سرابية انما جاء على خلفية دعم الجزائر للرئيس قيس بقرض مالي قيمته ثلاثمائة مليون دولار وقد صدحت اصواتهم بعبارات من عبارات التاييد والمؤازرة ورددوا لا رجوع إلى الوراء ومعك إلى النهاية لمحاربة الفساد والشعب يريد تطهير القضاء 0
فهم يؤيدون بحرارة الغاء الرئيس سعيد لبنود ومواد في الدستورالذي وضع في العام 2014م لانها برايهم لا تعبر عن طموحات الشعب التونسي وتقف ضد مرضاته في التحرر المعيشي والانعتاق نحو الافضل العصري والحداثوي واليوم ما بعد الحداثوي في لقمة العيش وفي الملبس والمشرب وفي امتلاك المركبة المتميزة والاجهزة المختلفة في آخر صرخاتها التطورية وحرمان الشعب من كل هذه الميزات والحسنات جاء نتيجة لخلفية هي ان الدستور كتب على عجل ووضع قيد التفيذ المتسارع من قبل احزاب ليتماها ويتمازج مع توافقاتها الانانية المتحيزة للذات وللفئة الحزبية لذلك جاءت مضامينه مليئة بما يغش الشعب ويخدعه وفي ذات القوت يقدم خدمة كبيرة لمصالحها في كل نشاط من انشطة الحياة ويحافظ على مواقعها في السلطة والحكم 0
وهي لا تنسى ان تضيف الى موقفها هذا قولا تؤيد فيه الرئيس قيس سعيد على اعتباره صاحب خبرة سياسية عميقة وقدرة ادارية واسعة وطاقة اقتصادية خلاقة سيوجهها مجتمعة لخدمة تونس من اجل تجسيد الحكم الديمقراطي فيها وانقاذها اقتصاديا واجتماعيا وتجاريا وامنيا وسياحيا عبر ما اتخذه من اجراءات وتبناه من تدابير تعبر بشكل حقيقي وجذري عن تطلعات الشعب نحو الديمقراطية الحقيقية في حكم البلاد وهي اداة الشعب الفعالة والمناسبة نحو ترميم بناء حياته باساليب وطرق تعيد اليه البهجة المنشودة والرفاه والحلم بوقع من العيش الكريم 0
ومن الجدير بالذكر هنا ان الجزائر قامت بر فع الدعم المالي الذي كانت تقدمه سندا للمواطن الجزائري على اسعار السلع والمواد الغذائية لتخفيض اسعارعها في السوق بهدف زيادة تمكين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري في شرائها غير انها تقطع لقمة عيش المواطن وتزيد التكلفة المعيشية عليه وترهق كاله بحجة عدم وجود السيولة في الاصول المالية الرسمية لدعم اسعار السلع ولقمة الخبز الخاصة بالمواطن ولكنها في المقابل تدعم قيس سعيد بمبلغ على مستوى القرض المالي ضخم قيمته كما قلت (300) مليونا دولارا امريكيا وذلك لاهداف سياسية فسحقا للمواطن الجزائري اينما طوحت به الحال وبعدا له وتسعا لمتطبات حياته فليتضور جوعا وليجف ريقه عطشا وليكن طريح الفراش مرضا وليعانق الامية جهلا وتخلفا فالمهم ان رغبات الحاكم تكون بخير وعلى ما يرام في السياسة والادارة والاقتصاد والاستثمار والسياحة والسفر0
اعود الى راي وموقف المناهضين من التدابير الاستثنائية التي اعلن عنها الرئيس سعيد والذي يحتل موقع الصدارة منها ومنزلة الاهمية فيها مواصلة تجميد عمل البرلمان حتى 17/11/2022م وهو التاريخ المزمع اجراء انتخابات نيابية مبكرة فيه وقد تعالت اصواتهم صراخا (الشعب يريد ما لا تريد ) (وحريات حريات دولة القانون انتهت) و( الشعب يريد إسقاط الانقلاب ) و (وحدة وحدة وطنية لا مجال للشعبوية )0
ولا بد من التعريج على الموقف الاقليمي والدولي وفي المقدمة الدول الاوربية مما يجري في تونس والذي يمكن استشراف ابعاده من طريق الصحف التي طالما تعبر بشكل جوهري وجذري عن مواقف حكوماتها عما يجري في العالم من وقائع واحداث وقد تناولت صحيفة لوفيغاروا ما يجري في تونس بقول سياسي مختصر رافض وغير مؤيد متهمة فيه الرئيس سعيد بالسياسة الاستبدادية فقالت ( سعيد نحو انجراف استبدادي اكثر فاكثر )0
ينضاف اليه موقف خارجي آخر وهو مطالبة سفراء الدول الصناعية السبع للرئيس سعيد بوضع سقف زمني واضح لتدابيره الاستثنائية وفي بيان مشترك صدر مساء الجمعة الماضية ، عبّر سفراء كل من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ووفد الاتحاد الأوروبي في تونس عن دعمهم الشديد والمتواصل واللامحدود للشعب التونسي في انتهاجه طريق الحوكمة الفعالة والديمقراطية الحقيقية والشفافية الوضاءة 0
وقد سبقهم الى ذلك الطلب المشروع والمهم من اجل انقاذ الشعب التونسي من حالة الانقسام والازدواجية الموقفية التي سببتها اجراءات الرئيس المذكورة الأحزاب واتحاد الشغل وعدد من المنظمات التونسية الأخرى الذين طالبوا الرئيس قيس سعيد وبالحاح الى وضع سقف زمني لتدابيره الاستثنائية المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر من اجل الوصول السلمي الى تحقيق تطلعات الشعب في الحرية وفرص العمل والعدالة الاجتماعية 0
ومن المستجدات المتعلقة بالاوضاع السياسية في تونس الدعوة التي وجهها في 20/12/2021م الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي الى محاكمة الرئيس الحالي قيس سعيد مدعيا ان هناك جرائم ارتكبها هذا الرئيس غير الشرعي لتونس بحسب قوله منها تقسيم الشعب واغتيال الديمقراطية وعرقلة عمل الحكومة التي سماها هو بنفسه 0
وفي رايي ان هذه الدعوة تتلاحم مع العداء الشخصي بين الرجلين فالرئيس الحالي كان قد اصدر امرا بالقبض بحق الرئيس السابق المرزوقي عن طريق شرطة الانتربول الدولية متهما اياه بالخيانة لتونس 0 وتمكن من دفع القضاء الى اصدارحكم غيابي ينفذ به لمدة اربعة سنوات يتهمة خيانة تونس 0
وقبل أيام كان المرزوقي قد دعا التونسيين للتظاهر بشكل مكثف في عيد الذي اشرت اليه في بداية هذا المقال للمطالبة برحيل الرئيس قيس سعيد واستعادة دولة المؤسسات والقانون والدستور0
ومن جانبه فان الرئيس سعيد قد رد على هذه المطالب الداخلية والخارجية والتي تندرج ضمن حيز المواقف الاحتجاجية بانه سيكون هناك استفتاء شعبي على ما سماها بالاصلاحات الدستورية وذلك في تموز من العام المقبل وقال ايضا :- سنعبر من اليأس إلى الأمل ونصنع تاريخاً جديداً مختلفاً، خاصة وأن لدينا كل الإمكانيات كي نحقق اهدافنا ونعيش بكرامة وفي كنف احترام إرادة الشعب التونسي 0
غير ان زبدة مخض القول بشان صورة الاوضاع العامة في تونس هي صورة قاتمة بسبب التجاذبات الخارجية والداخلية المتعلقة بها والنزاع الشخصي بين الرئيسين المقيم سعيد وانقسام الشعب بين مؤيد له ورافض لسياسته والرئيس الماضي المنصف المرزوقي ان ذلك سيؤدي بلا شك الى احتدام الصراع بين سعيد والمعارضين له في الراهن والمستقبل 0
وتاسيسا عليه يبدو أنّ تونس ستدخل عاما جديدا مثقلا بالاضطرابات والتوترات ومن المتوقع حسب المحللين والمراقبين لمسار الاحداث في هذا البلد أن يشهد صراعاً محتدماً بين الرئيس ومعارضيه، وذلك على ضوء استمرار الرئيس واصراره في تنفيذ إجراءاته والتي سميت بالاستثنائية والتي يحاول من خلالها فرض مشروعه المعروف بـ”البناء القاعدي”، الذي وضع اساسه السياسي والاداري منذ ما قبل عام 2011، وروّجت له حملته التفسيرية منذ عام 2019، عبر حملات توعوية به وتوضيحية له في الاجاء تونس ومختلفة ، قبل أن يبدأ بوضع الأسس لتطبيقه بعد “إجراءاته” التي بدأها في 25 تموز/يوليو من العام الماضي0
على اية حالة ترى تخمينات المحللين لاضطراب الاوضاع العامة في تونس أنه لا يمكن توسيع المشاركة التنموية الداخلية والخارجية في الاستشماروتعبئة الموارد التونسية إلا إذا غير رئيس الجمهورية خطابه وقام بإرساء حوار وطني شامل باحترام راي المعارضين له والاخذ به وليس تبني اضطهادهم والزج بهم في السجون فان هكذا خطوة سوف تدفع الى وضع حلول وطنية وليس احادية الجانب لكافة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية 0
كما ان اتساع نطاق المشاحنات والمنازعات بين الرئيس والشعب سيدفع بلا شك ثمنه الشعب التونسي المنهك معيشيا واقتصاديا 0
عذراً التعليقات مغلقة