الطوباوية

آخر تحديث : الإثنين 17 يناير 2022 - 12:06 مساءً
الطوباوية

جبار عبدالزهرة

–النجف – العراق 

الطوباوية هي  في ابسط تعريف لها افكار تراود مخيلة انسان متطلعا نحو اهداف غير واقعية او بعيدة المنال في ذلك الوقت وهذا ما  راود تركيا ممثلة بحكامها بعد سقوط الامبراطورية العثمانية   فهي من جهة تعمل بكل ما لديها من جهد سياسي ودبلوماسي وعلاقات اقتصادية وتجارية واستثمارات مع الغرب وتصدير بضائع وصناعات  ومواد خام ومعادن وثروات الى الغرب والاستيراد منه تعمل بكل ما لديها من جهد دبلوماسي على الحصول على العضوية في الاتحاد الاوربي 0 

ولم يكن هذا المسعى او العمل من تركيا بمختلف حيثياته جديدا ولا من ابتكارات وابداعات الدبلوماسية الاردوغانية ولا حتى من اولويات العمل والعقل السياسي للرئيس التركي الحالي رجب طيب اردوغان وانما له امتداد تاريخي الى حقبة ما بعد الحرب العالمية الاولى التي خسرت  فيها الدولة العثمانية تلك الحرب امام  دول المحور وفي مقدمتها بريطانيا التي جاءت بالنخبة التركية الاولى بقيادة مصطفى كمال اتتورك والذي تحرك لجعل تركيا دولة اوربية  وذلك باعتماد الجذر الجغرافي لها عبر وقوع بعض الاراضي التركية في قارة اوربا 0 

ومن اجل تحقيق هذا الحلم فقد اتجه اتتورك اتجاها علمانيا  في حكم تركيا وهو ما تم التعبير عنه في حينها بفصل الدين عن الدولة، فكان اول تحرك قام به هو العمل على اجتثاث اي اثر للاسلام في الحياة السياسية والحياة العامة في تركيا فوجه ضربة الى البناء القانوني والنظام الاسلامي السياسي والاداري والدبلوماسي الذي كان يسود مختلف انواع التعاملات الانسانية الرسمية والشعبية في  تركيا في زمن الدولة العثمانية وقد نجح في ذلك نجاحا منقطع النظير 0

ورافق ذلك الاتجاه هدف آخر لاتتورك وهو الانضمام الى الاتحاد الاوربي  فتحرك بخطى متنوعة وعلى مختلف الاصعدة السياسية والاجتماعية والدينية ومن خطواته بهذا الصدد الغى التعامل بالحرف العربي  وجعل محله الحرف الانكليزي لتعزيز امله في قبول الاتحاد الاوربي تركيا عضوا فيه لقد مات كمال اتتورك ومضى الى قبره ولم يصل الى مبتغاه 0

 ومضى على مخططه للوصول الى هذا الهدف  اكثر من قرن من الزمن ولم يفلح من جاء بعده في التعاقب على حكم تركيا بالوصول الى هذا الهدف وآخرهم  اردوغان الذي يتحرك على منوالين الاول هو الحصول على قبول الاتحاد الاوربي بانظمام تركيا اليه والثاني استعادة امجاد وتاريخ ومنزلة  تركيا في المناطق التي كانت تخضع سياسيا واداريا لسلطة الامبراطورية العثمانية لذلك قام بالتدخل بالشؤون الدخلية لدول في منطقة الشرق الاوسط  وبكافة انواع التدخل فقد تدخل عسكريا في سوريا ولا زالت القوات التركية موجود في الاراضي السورية وكذلك تدخل عسكريا في ليبيا وهو اليوم ينتقل للتدخل في دولة من دول آسيا الاوسطى وهي كازاخستان بعد تدخله في الى جانب اذربيجان في حربها مع ارمينيا وقد في حينها بتزويدها بطائرات مسيرة جعلت كفت الحرب تميل لصالح اذربيجان 0

ومن جهة اخرى يبدو ان التدخل التركي في كازاخستان رغم اطماعها في هذا البلد سيكون من النوع الدبلوماسي الخجول او المتوجس خيفة من روسيا التي لها معاهدة دفاع امني مشترك تربطها بكازاخستان اضافة الى دول اخرى تحت عنوان (منظمة معاهدة الأمن الجماعي) والتي تأسست في مايو/ أيار1992، وتضم كل من روسيا وأرمينيا وروسيا البيضاء وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزيا 0 

 ويالمقابل فان تركيا لها علاقات سياسية او عرقية مع كازاخستان ضمن اطار ما يسمى ( تجمع الدول الناطقة بالتركية ) وتحاول تركيا عبرالدخول الى كازاخستان من هذا المنفذ اللغوي الى احياء النفوذ التاريخي للامبراطوية  العثمانية في آسيا الوسطى   اضافة الى استغلالها الروابط العرقية الاخرى الى جانب الرابط الديني ينضاف اليه تعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية والسياسية  من اجل الوصول الى هذا الهدف 0

غير ان الالة الحربية الروسية التي دخلت الى كازاخستان بسرعة فائقة اخذت مواقعها ضمن اطار الدفاع عن البلد وحكومته ومنشآته الحيوية وفي صدد تاكيد ذلك من قبل الحكومة قال :- مكتب الرئاسة في كازاخستان إن عددا من “المنشآت الاستراتيجية” في البلاد يخضع لحراسة تحالف عسكري تقوده روسيا دُعي لاستعادة النظام وسط أكثر أعمال العنف دموية منذ الاستقلال قبل 30 عاما 0

وعليه فان تركيا يسجبرها هذا الوضع ولو بشكل مؤقت على التراجع حتى تتضح لها الامور بشكل يسمح لها بلعب دور في احداث هذا البلد الى جانب روسيا وتحالفها 0

واعتقد ان ما يراود تركيا من اهداف في هذا البلد هو نوع من الاماني الطوباوية التي لن يسمح لها الروس بالهبوط على ارض كازاخستان التي تعتبر هذا البد جزءا من نفوذها الماضي قبل سقوط الاتحاد السوفيتي ودرعا لحمايتها من الخلف 0

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com