عبدالواسع الفاتكي
نحن واهمون إذا اعتقدنا أنا سنتجاوز الكوارث ، التي حلت باليمن ، بذات الأدوات والأطراف ، التي كانت ومازالت تثخن في الوطن الجراح ، تنظر للحلول من خلفياتها العصبوية الإقصائية ، وصراعها مع الأطراف الأخرى ، الوطن في نظرها، هو مقدار ما تكسبه من سلطة أو ثروة ، والذي لا يمكن أن تناله إلا إذا أزاحت الآخر أو حددت له مساحة معينة ، يتحرك فيها ، بما لا بؤثر على مكاسبها، هكذا ترى أغلب النخب والقوى السياسية الوطن ، ولأجل ذلك هي تسعى وتناضل .
المواطن اليمني بل السياسي والمثقف والمفكر والصحفي والإعلامي ، باتت رؤاهم وأفكارهم ومواقفهم ، أسيرة قوى ، تتصدر المشهد السياسي والنضالي ، تنخر في جسد الوطن تعصبا وتخندقا وراء شعارات ، وتصيد أخطاء ؛ لتضمن لها موطئ قدم في السلطة .
الدولة والجمهورية التي تزعم كل القوى المتصارعة أنها تناضل من أجلها ، هي التي تفترسها ، وتحكم السيطرة عليها ؛ لتفرض توجهاتها على الآخرين ، ولتحمي وتحصن مصالحها، ومراكز النفوذ التابعة لها .
لو أن قضايا التنمية وهموم المواطن ، كانت هي السبب الأبرز لكل الصراعات ، وهي الغاية المرجوة منها ، لما استمرت الصراعات لهذا الوقت الطويل ، لو أن استقرار اليمن كان هو ما يؤرق كل أطراف الصراع ، لما كان الصراع بهذه الحدة ، نحن أمام متاجرة بآلام ومعاناة الناس ، رفع شعار الوطنية ، وفي ذات الوقت غرق في الفساد والوصولية والانتهازية ، وتوجبه خناجر الموت والجوع والانقسام لصدور اليمنيين .
كل يدعي الوطنية ، وأن الآخر عميل ورجعي ومرتزق ، إذن من هم غير الوطنيين الشعب المغلوب على أمره مثلا ! المواطن الذي يدفع ثمن صراع ، فرض عليه ، لن يستقر اليمن ، بنفس الوجوه أوالأدوات أو القوى أو النخب ، التي أوصلتنا لهذا المنزلق الخطير والوضع المأساوي .
سنستمر في انتاج الأزمات ، طالما نصر على فرض تصورنا على الآخرين ، وطالما استمرينا في دائرة التحيزات والتخندقات الحزبية أو المذهبية أو المناطقية ، العابرة للهوية الوطنية ، والتي لا يستفيد منها غير مراكز قوى ونفوذ ، خنقت وتخنق مستقبل وطن في دهاليز أوهامها ، القادمة من أدغال الماضي ونفسياتها المأزومة .
ليعيدوا الأمر للشعب اليمني ، هو الذي يحدد من يحكمه عبر صندوق الاقتراع ، ليقلعوا عن الوصاية عليه وعن مصادرة حقوقه، في اختيار من يحكمه ، الصراع لا أقل ولا أكثر هو صراع من أجل كرسي الحكم ، مصبوغ بشعارات استهلاكية ، تبقي الشعب اليمني مخدرا أو في غيبوبة مستديمة .
عذراً التعليقات مغلقة