الدكتور نزار محمود
يعيش العراق منذ غزوه واحتلاله واسقاط نظام صدام حسين فترة مليئة باللا استقرار والضبابية والتخبط. لقد نجحت مآرب اعداء صدام حسين في جره ونظامه الى مستنقع رمال متحركة.
أعداء صدام حسين، من هم؟
كان لصدام حسين اعداء كثيرون، منهم من كان يعلن ويمارس ذلك العداء، ومنهم من كان يخفيه وبحبسه في كهوف السكون والانتظار. ولكي نحدد من هم أعداء صدام حسين، لا بد من توضيح بعض مما كان يريده صدام، ومن هو ذلك الرجل سلوكاً وسجايا، مما ساهم في نشوء تلك العداوة.
وأود بدءاً ان يفهمني أو حتى يسامحني القارىء الكريم في ما اعتقده واعبر عنه.
فقائمة اعداء صدام تمتد من قريب الى بعيد، ومن يساري الى يميني، ومن كردي الى عربي، ومن شيعي الى سني!
من هو صدام وماذا كان يريد، وبماذا كان يحلم؟
صدام حسين شاب عراقي ينحدر من بيئة ريفية، وأسرية قاسية بعض الشىء في طفولته وصباه. كان طموحاً شجاعاً ومغامراً لا يتورع عن خوض طرق غير تقليدية أو حتى مقبولة لتحقيق غاياته. كما كان، ووفقاً لتلك الصفات، لا يتخذ من الكذب والنفاق سبيلاً لحل مشاكله أو تحقيق اهدافه، بغض النظر عن ما تطلبته السلطة والامن منه لاحقاً من مناورات واساليب خداع وتجسس واستخبار.
انضم الى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي البراقة اهدافه القومية العربية والاشتراكية لتشكل عنده رومانسية ثورية ونضالية واشباعاً لأحلام كبرت مع ايام نضاله وتضحياته من أجلها، لا سيما في زمن استلام السلطة. كما عرف عنه اعتداداً وثقة بالنفس والقسوة وشيئاً من النرجسية والانفة والكبرياء، الى جانب اخلاق الفروسية والبداوة العربية.
وفي ضوء ذلك يمكن ان احصر أولئك الأعداء في المجاميع التالية:
أولاً: على المستوى الدولي:
ان أهداف حزبه التي سعى لتحقيقها صدام حسين
والمتمثلة في الوحدة والحرية والاشتراكية، وشعار: أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، لا تروق لاكثر دول العالم، بل ترعبها في أمر تحققها. انها تعني زوال عروش وممالك ورئاسات وإمارات. انها تعني الوحدة في قوة متكاملة في سياستها واقتصادها وثقافتها. انها تعني تهديداً لمشاريع ومصالح دول عظمى.
ثانياً: على المستوى الاقليمي:
ان طبيعة الحزب الذي حكم به صدام العراق واهدافه، وما تحقق من بناء تعليمي وعسكري واقتصادي وثقافي وظروف محكوم استقرارها، قد جعل من دول الجوار تتحسس ما يمكن أن تأتي به الايام وما يمكن ان يصيبها، فراحت تتحين الفرص للايقاع بطموحات صدام حسين، الذي راح يهيج الشارع العربي ضد انظمته ورؤسائه.
ثالثاً: على المستوى المحلي:
ان قومية الحزب العربية كانت تثير عند البعض الكثير من ابناء القوميات الاخرى، وفي مقدمتهم الأكراد، نزعة معادية وتوجساً من مستقبل سلطة ذلك الحزب وقيادته.
كما ان الاشتراكية العربية الخاصة بحزب البعث ما كانت لتلبي طموحات الاحزاب اليسارية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي ذي المبادىء الماركسية اللينينية الأممية التي تستظل بالاتحاد السوفيتي والأنظمة الشيوعية الاخرى.
ومن ناحية أخرى كانت لسياسات الحزب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما يلقى رفضاً، أو على الأقل، عدم قبول من بعض الشرائح الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتضررة. فاصحاب رؤوس الاموال والتجار والاقطاعيين والاغوات ورؤساء القبائل والعشائر والاحزاب الدينية المختلفة واصحاب المرجعيات لم تكن بالراضية عن نهج صدام حسين في اطار اهداف حزبه وسلطته.
رابعاً: على المستوى الشخصي
كان في اشارتنا الى بعض الصفات والسجايا الشخصية لصدام حسين ما أعانه في قدراته القيادية، لكن منها ما كان مثيرا عند البعض لنزعة الصراع على السلطة أو خلق حالة كره لشخصها.
اعود فأقول: لقد نجح أعداء صدام، تحت راية الامريكان وبمعونة ايران، من اسقاط نظامه ومطاردة حزبه، لكنهم لم ينجحوا في بناء نظام وطني، ذي سيادة وكرامة، وعدالة اجتماعية، لأن من يحكم العراق لا يملكون من اياد نظيفة وعقول سليمة وقلوب صافية غيورة، لشديد الأسف.
برلين،
عذراً التعليقات مغلقة