جبار عبدالزهرة
— النجف – العراق
يراود الذين يهتمون بشأن التواجد العسكري الامريكي في العراق تساؤل هو :- اإذا تم تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وفق الرؤية الصدرية (حكومة اغلبيىة ) او وفق رؤية الاطار التنسيقي الشيعي والمتوافقين معه (حكومة توافقية ) , هل سيكن بمقدور هذه الحكومة اجبار القوات الامريكية على الجلاء من العراق عبر الجلوس الى طاولة المفاوضات على اعتبار سلمية النوايا لدى الطرفين وعلى افتراض ان من ضمن مواد برنامجها السلطوي في اطار السياسة الخارجية العراقية في التعامل مع الطرف الاخر ان هناك بند او فقرة تتضمن ذلك الهدف ؟؟
ومن اجل تسليط الضوء على هذا التسائل الطوباوي من زاوية ضعف الحكومة العراقية في ادارة شؤون البلاد واضطرابها السياسي وتذبذبها الدبلوماسي لا بد من الرجوع الى الوراء وفتح صفحات من تاريخ امريكا العسكري المعاصر وتحديدا بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها والتي كان اكبر رابح فيها هو الولايات المتحدة الامريكية بعد ان تقاسمت احتلال الارض الالمانية مع الروس واجبرت اليابان على الاستسلام في تلك الحرب نتيجة لضرب جزيرتي هيروشيما وناكزاكي بالسلاح الذري وبقيت على ارضها الى اليوم 0
تصدى نفر من خبراء العسكرة وفنون القتال وتقييم الطاقة التدميرية للاسلحة ونوعيتها واساليب وطرق التدريب تصدوا الى تقييم الاوضاع العسكرية للدول التي خرجت من هاتك الحرب بصنفيها الخاسر فيها والرابح منها فكان تقييمهم للولايات المتحدة من الناحية العسكرية يفيد :- بخروج الولايات المتحدة الامريكية من الحرب العالمية الثانية وهي تملك اكبر قوة برمائية في العالم وتستطيع بقوتها القتالية هذه ان تحارب عشرة دول في آن واحد 0
وتساوقا معه منذ الايام الاولى لتشكيل اول حكومة وطنية في العراق في العام 2005م بعد اجتياح ارضه من قبل تحالف دولي قادته امريكا في العام 2003م بدا الحديث ياخذ طريقه رسميا من قبل بعض الاوساط السياسية العراقية الحاكمة والاعلام المتناغم معها عن امكانية مغادرة القوات الامريكية ارض العراق عبر المفوضات وفي ذلك الوقت تم تعليق لافتات تمثل الجانب المطالب بالخروج الامريكي من العراق وكذلك المفاوض معها ولم يعرف الشعب العراقي في ذلك الوقت والى اليوم شيئا عن الوفد العراقي الذي تفاوض مع الامريكان واين وكيف ومتى وهل كان حكوميا ام شعبيا واية جهة قامت بتشكيله على المستوى الرسمي وعدد الاشخاص المشاركين فيه ومواقعهم في السلطة وبرئاسة من 0
وتفاجأ الشعب العراقي في ذلك الوقت مثلما تفاجأ اليوم بتوقيع عفو من قبل رئيس الجمهورية المنتهية ولا يته برهم صالح عن اكبر تاجر مخدرات وهو جواد لؤي جواد ابن محافظ النجف السابق مع اثنين من جماعته من مجرمي الاتجار بالمخدرات وكان قد القي عليه القبض في وقت سابق من قبل القوات الامنية وبحوزته (ثمانية آلاف من الحبوب المخدرة ) اضافة الى الى حمله سبع عشرة هوية منها هوية ضابط مخابرات وهوية ضابط شرطة وغيرها ومن الجدير بالذكر عندما دخل الى شارع الروان في مدينة النجف بعد العفو عنه حصبه بوابل من الحجارة الشباب والرجال الذين كانوا متواجدين في هذا الشارع في ذلك الوقت فغادر المكان مسرعا وتوارى هاربا منهم بسيارته وقيل ان العفو عنه جاء بامر من مقتدى الصدر وبضغط منه على رئيس الجمهورية وبعد صفقة مع ابيه للتنازل عن منصب محافظ النجف للتيار الصدري 0
اعود الى القول بان الشعب العراقي تفاجأ تماما من وجود لا فتات في شوارع العاصمة بغداد والساحات العامة وعلى جدران بعض البنايات فيها وهي تحمل عبارات شكر عميق للمفاوض العراقي (الحمش) كما يقول اخواننا المصريون الذي استطاع اقناع امريكا على مغادرة العراق فهو لم يكن على علم بتلك المفاوضات ولم يسمع بها اطلاقا لا عبر تصريحات مسؤولين عراقيين ولا امريكيين ولا عبر وسائل الاعلام الرسمية ولا المدنية ومن مثل الجانب العراقي فيها0
ولكن فيما بعد تبين زيف هذه الدعوة وتم كشف ما تحمل من كذب من قبل كبارالمسؤولين العراقيين وما اطلقوا من تخريفات وخداع تجاه الشعب العراقي والذي يدل على عدم مصداقيتهم ولكن الحديث والكلام عن ذلك يطول لا تسعه هذه المقالة 0
غير انه وفي مقابل ذلك كانت هناك اوساطا رسمية وكتلا سياسية عراقية من مختلف المكونات السكانية قد رفضت خروج القوات الامريكية من العراق والى اليوم هي ترفض ولكن يبقى القول لكل طرف عراقي على مستوى الانتماء العرقي والديني والطائفي والمناطقي موقفه من الوجود الامريكي يتناغم مع اهدافه وتطلعاته يبقى ساري المفعول 0
هناك تساؤل في الساحة العراقية ايا كان نوع الحكومة التي قد يصلون الى تشكيلها وبالاخص وفق الرؤيا الصدرية هل تستطيع هذه الحكومة اجبار الامريكان على الخروج النهائي من العراق ؟
من جانبها سعت الولايات المتحدة الى مدارات الجانبين وارضائهما والتوفيق بين ما يريد كل منهما وما تمليه عليها مصالحها في العراق وفي المنطقة التي هي فوق كل اعتبار فادعت ايام القتال مع داعش ان قواتها باقية في العراق للمساعدة في تحقيق النصر على عصابات داعش التي سيطرت على ما يقرب من ثلث مساحة العراق في العام 2014م 0
وبعد الانتصار في العام 2017م على هذه العصابات وانتزاع ارض العراق منها بالكامل خرجت امريكا على العالم واهل العراق بتقليعة تصريحية رسمية اخرى وهي ان قواتها ستبقى في العراق من اجل المساعدة في التدريب وتقديم المشورة وتمكين القوات المسلحة العراقية و الاجهزة الامنية من النهوض وصعود سلم الاداء القتالي بمختلف فنونه واسلحته بشكل متطور اضافة الى زيادة كفاءتها وتوسيع خبرتها القتالية وتحديث اسلحتها واساليب المواجه العسكرية لديها في سوح القتال وجبهاته مع اعداء بلدها وشعبها 0
واعود الى ما قلته في بداية هذه المقالة وهو رغم ان الصراع المرير والمستمر بين الاطراف المشاركة في انتخابات 10/10/2021م لم يزل على اشده بين مقتدى الصدر الفائز الاول في تلك الانتخابات باكبر ثقل فيها وهو (73) مقعدا وبين الاطار التنسيقي الشيعيى من اجل تشكيل الحكومة فمقتدى الصدر يريدها حكومة اغلبية والطرف الاخر يريدها حكومة توافقية 0
رغم ذلك فان هناك تساؤل يطرح نفسه على الساحة العراقية ايا كان نوع الحكومة التي قد يصلون الى تشكيلها وبالاخص وفق الرؤيا الصدرية هل ستستطيع هذه الحكومة اجبار الامريكان على الخروج النهائي من العراق ؟؟ خصوصا وان الصدريين يرددون دائما في مناسبة وفي غير مناسبة انهم قد اخرجوا امريكا من العراق في اشارة الى صدامهم العسكري المحدود والضعيف مع الامريكان في المناطق ذات الاغلبية الشيعية في العام 2004 وخاصة مدينة النجحف ومدينة الثورة (الصدر) وكذلك في العام 2008م 0
وان كان هناك غير ذلك فلا ادري متى واين وكيف وفي العراق قواعد امريكية عديدة اكبرها قاعدة عين الاسد ويتواجد فيها اكثر من (2500) عسكري امريكي من قوات المارنز وغيرها وهي مزودة بمختلف انواع الاسلحة المتطورة وذات التاثير القتالي الفتاك 0
انه تساؤل يكاد يكون طوباويا وفق تقييم الخبراء العسكريين للقدرات العسكرية الامريكية آنف الذكر ووفق موقف الادارة الامريكية من وجودها العسكري في العراق الداعم والمساند لوجودها الاقتصادي والسياسي فيه هذا الموقف الذي تبلور بشكل صريح وعلني في تصريحات لمسؤولين امريكان في اطارالرفض الشديد والعنيد للخروج من العراق 0
وتواصلا معه يقال حدث العاقل بما لا يليق فان صدق فلا عقل له وعليه فانه لا يقبل عاقل مهما كان حظ عقله من الرؤية الادراكية بسيطا ان يقبل ولو على سبيل الافتراض ان امريكا التي حشدت تحالفا دوليا واسعا لدعمها في اجتياح العراق وقطعت مسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلو متر من شمال الكرة الارضية الى جنوبها وقدمت ضحايا بشرية وخسائر مادية اخرى 0
ان امريكا ستضحي بذلك كله وستخرج من العراق بهذه البساطة او وفق هذه الرؤيا غير الصائبة التي تراود عقول البعض من العراقيين على مستوى الحكومة والشارع و كذلك تغادر المنطقة العربية واهمها بلاد الرافدين وتضحي بمصالهحا الاقتصادية واحلامها التجارية التي ما اجتاحت العراق الامن اجل تحقيقها وتجسيدها مهما كانت الظروف والمواقف والتداعيات 0
على كل عراقي ان يعرف بان امريكا ما دخلت العراق لتخرج منه وانها تخطط للبقاء فيه لفترة طويلة جدا اعتمادا على قوتها العسكرية الخارقة التي تستطيع من خلال استخدامها ان تفرض نفسها على الاخر بالشكل الذي تريد وفي أي وقت تريد والى أي مدى تريد وذلك على افتراض انهم لا يخططون للبقاء الدائم فيه من اجل ما فيه من امكانيات اقتصادية ضخمة وثروات معدنية متعددة الانواع والطاقات والفوائد والمنافع وفي مقدمتها النفط والغاز والفسفور الاحمر والموقع الستراتيجي المهم0
انها سياسة المصالح التي تستمد خلفيتها التاريخية والفكرية والتطبيقية من سياسة الاسكندر المقدوني الذي ترك العالم باسره وهجر اليونان موطنه وغادر اثنا مسقط راسه ليستقر في العراق حتى الممات لانه اراد ان ينعم بهذه الخيرات ويتمتع بهذه الثروات التي تضطم عليها جوانح ارض العراق وتحملها رحمها المعطاء رحم الخير والبركة 0
والله لو ان الامر كان بيدي لاتفقت مع الادارة الامريكية بان تجعل من العراق الولاية الامريكية الواحدة والخمسين وتبقي على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يحكم العراق بعنوان ولاية امريكية باعتباره مواطن امريكي يحمل الجنسية الامريكية وكل ذلك من اجل انقاذ الشعب العراقي من الاوضاع الماساوية التي يعيشها تحت نير حكومات ما بعد العام 2003م 0
وهي حكومات يتولى المناصب القيادية فيها مجموعة من الذين ليس لهم مؤهلات سياسية ولا خبرة ادارية ولا أي تحصيل دراسي وبعضهم من حملة الشهادت المزورة والتي هي مفتاح وركيزة فسادهم المالي والوظيفي وليس لديهم ادنى معرفة في الادارة والسياسة ولكن لديهم خبرة الشارع المنحرف بما يمشي عليه او يجلس على قارعته من لصوص ونشالين متخصصين في النهب والسلب وخبرة عصابات القتل والاجرام في قتل وتغييب وتعذيب وحبس كل مواطن عراقي يعترض على سياستهم الهوجاء وادارتهم العرجاء للبلاد 0
اما انا فقد راودني حلم منذ الصبا في الذهاب الى امريكا على خلفية رؤيتي لصورة لفتاة امريكية جميلة خلفها البرتقال ومكتوب عليها كاليفورنيا وقد قام بتعليقها صاحب اسواق لبيع المواد الغذائية على واجهتها الامامية في اطار الدعاية لمشروب غازي ينتج في امريكا يقال له (مشن) يصنع من برتقال كاليفورنيا وقد تجاوز عمري السبعين عاما ولم يتحقق هذا الحلم 0
عذراً التعليقات مغلقة