بقلم: الدكتور نزار محمود
مدير المعهد الالماني العربي في برلين، استاذ في الاقتصاد
إنها مسألة لا يجب ان تكون عجيبة ومحيرة. فبريطانيا هي من رسمت حدود العراق وأسسته دولة بعد انهيار الخلافة الاسلامية التركية. وهي من طبعت ثقافة نخبته بتراثها وربطت مصالحه بمصالحها. فهي سيدة اكتشاف واستخراج وتسويق نفطه، وهي حامية دولته لمدة تقرب من الاربعين عاماً. وحتى بعد اسقاط مملكتها فيه، لم ينته دورها في شؤونه الداخلية، ناهيك عن الخارجية.
ليست هناك من دولة أجنبية تفهم تضاريس وسجايا الكتل البشرية العراقية كما تعرفها بريطانيا. ولم تكن بالقاصرة أو المقصرة بالتعامل معها.
فأبو ناجي يرد ذكره في كل حدث كبير في العراق، ويحسب حساب نواياه في استشراف توجهاته.
بريطانيا أدركت أن لعمر الشعوب والدول، كبيرها وصغيرها، دورات في القوة والنفوذ، وهكذا حافظت على شباب فعلها الدولي من خلال حسن اختيار “فتواتها” من قوى دولية ومحلية.
ليست هناك من دولة أجنبية تفهم تضاريس وسجايا الكتل البشرية العراقية كما تعرفها بريطانيا
لقد عرفت بريطانيا كيف تبني جسوراً الى داخل المجتمع العراقي في عربه وكرده، سنته وشيعته، بمينه وحتى يساره.
واذا كانت الولايات المتحدة الامريكية قد غزت العراق ودمرته وسلمت كثيراً من امور ادارته وتوجهاته الى العدو اللدود ايران الخمينية، فإن بريطانيا لم تكن بعيدة عن ذلك السيناريو، اذا لم تكن مشاركة في تخطيطه. ان بريطانيا تدرك من هم اعداؤها ومَن هم اصدقاؤها رغم ضجيج الهتافات والشعارات. وهي تعرف كيف تجبر أعداءها لكي يصبحوا اصدقاء وأصحاب.
فليس من الصدفة أن يصبح جعفر الصدر سفيراً للعراق في بريطانيا، ولن تنتهي علاقته بها حينما يتسلم رئاسة الوزراء!
وليس في كل ما يمكن أن يحدث من ضير طالما قاد ذلك الى كرامة وطنية وعدالة اجتماعية وفتح مستقبل مشرق لأبناء العراق.
برلين، ٢٥/٣/٢٠٢٢
عذراً التعليقات مغلقة