إلى أين تمضين أمّي؟
أمينة المريني
شاعرة من المغرب
ألقيتُ القصيدة بين يديها سنة 2011 وهي تحزم أمتعتها إلى مكة المكرمة، وكانت رحمها الله محبة للشعر ذواقة له:
إلى أين تمضين أميّ؟
دعيني قليلا
أريح يديّ على راحتيكِ
أسافر في مقلتيكِ
بعيدا
بعيدا
واستنشق الحُب
من خافقيكِ
طويلا
دعيني لأغفوٓ في حضنكِ
الليلكيِّ
فقد هدّني الليلُ
لا فجرٓ لاحٓ
وتاهت خطايٓ
دعيني، فإني الشريدةُ
إني التي شطّٓ عنها
ربيعُ الحياة
وهذا الخريف مخيف
ويُتمي بنوْء البحار
بدمع الجليد
فلا تتركيني
فاني أخاف الغيابٓ الطويلا
أخاف انتظارٓ من لا يعود
فلا أستريحُ على كتفيك
قليلا
&&&&
أخاف وجومٓ المكان
وظلمةٓ وقتي
إذا لم يعدْ صوتُكِ النبويُّ
يلوّن بيتي
ويضفي على وحشة الروح
لحنا جميلا
وأنت التي اخترتِ أن تتركيني
وأشياءٓ تذبح قلبي
وسادٌ، ونعلٌ
وسجادةٌ للصلاة
مناديلُ فوق المشاجب
تُرخي عليّ انتظارا ثقيلا
&&&”
وكيف سيسلوكِ “مهدي”
ويجرع كأسٓ الغياب؟
وكيف سيلعب دون عيونك
تزرع في البيت ظلا ظليلا؟
ومن ذا يهدهد دمعةٓ ” فوزٍ” ؟
إذا شحب الروضُ
وانفضّ عنها الحٓمامُ ؟
ومن ذا سيرفو أسى “عمرٍ”
إن أتاكِ يجرّ الجبالٓ كليلا؟
وكيف لأطفالنا أن يناموا
إذا لم تعودي
وفي الوجه روضُ الطفولة
يٓهمي هديلا؟
وأنت التي اخترتِ أن تتركيني
فلا تتركيني
سيقفر من حولنا الدربُ
والقلبُ
والصحبُ
تخمد هذي الحياةُ
وكنتِ على ضفتيها
سناً ونخيلا.
&&&&&
دعيني أقبلْ يديكِ
فقد تشرق الشمس آخر مرّهْ
وقد تغرب الشمس أولٓ مرّهْ
وقد لا أرى بٓعدُ ظلا
ليُفسحٰ للحٓرّ صدرٓهْ
وقد لا أصادف في الكون
سيدةً في انهمار السماء
وفي خلُق النخل
في شغف الأرض
لا ترتجي للعطاء بديلا
دعينيٓ أخلدْ على كتفيكِ
قليلا
وأكحٓل قلبي من النور
ينساب من ورعٍ سلسليلا.
&&&&&
دعينيٓ ألثمُ كعبكِ
علّ خُطاكِ تكون إلى رفرف
الخالدين دليلا
ولا تحرمينيٓ قُبلةٓ كفكِ
لا تحرميني دعاءٓ الصباح
يُفتِّح في وجهيٓ المستحيلا
ولا تحرميني وصحبي
دعاءٓ المساء
انهمارٓ النجوم على قدمٓيّٓ
يُبايعْنٓني بكرةً وأصيلا.
وإلا خذيني إليكِ
احمليني كأيِّ متاعٍ
تُعدّينه للرحيل
فإني أخاف الثوانيٓ
بٓعدكِ
إني أخاف الرحيلا.
إفران في 26 نونبر/ تشرين الثاني 2011
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة