قراءة في المشهد السياسي العراقي ، رفقة الأمس وعداوة اليوم

آخر تحديث : الأحد 27 مارس 2022 - 6:57 صباحًا
قراءة في المشهد السياسي العراقي ، رفقة الأمس وعداوة اليوم

علاء المعموري

كاتب عراقي


قد يكون خيار الحربِ (الشيعية ) في الطريق أو الدفع باتجاهها والتملص من الحساب والقصاص المجتمعي هو خيار المليشيات المسلحة التي يضيق الخناق عليها مع مرور الوقت ومع الدعم المجتمعي والعالمي لخيار الانتفاضة السلمي, وتزايد مطالب المجتمع الدولي في محاربة مجرمي المليشيات الحاكمة, وبالتالي ترى المليشيات الحاكمة في الظل فرصتها الوحيدة للهروب من العقاب المجتمعي بعد خسارة الانتخابات هي في الدفع باتجاه خلط الأوراق والوصول الى الذروة في إعلان الحرب.
إن مشكلات العراق الاقتصادية والاجتماعية السياسية والمتراكمة لعقود ستتفاقم  في حال نشوب حرب بين اخوة الامس تحرق الأخضر واليابس وتضيع بصيص أمل التغير, وناهيك عن التداعيات الاقتصادية والمالية الخطيرة على البلاد الى جانب عجز القطاع الصحي عن التخفيف من هول ما يعانيه المواطن من الأمراض , فهناك وبالأرقام فقط بعيدا عن التفاصيل ما يعكس عمق الأزمة المجتمعية وتفاقمها :
3 ملايين و400 الف مهجر موزعين على 64 دولة. 4 ملايين و100 ألف نازح داخل العراق. مليون و700 ألف يعيشون في مخيمات مختلفة. 5 ملايين و 600 ألف يتيم ( اعمارهم بين شهر ـ 17 سنة ). 2 مليون ارملة أعمارهن بين 15 ـ 52 سنة. 6 ملايين عراقي لا يجيد القراءة والكتابة وفي مقدمة المدن التي منتشرة فيها هي: البصرة وبغداد والنجف وواسط والانبار. نسبة البطالة 31% وفي مقدمة المدن: الانبار والمثنى وديالى وبابل في الصدارة تليها بغداد وكربلاء ونينوى. 35% من العراقيين تحت خط الفقر(اقل من 5 دولار يوميا). 6% معدل تعاطي الحشيش والمواد المخدرة ( بغداد في الصدارة تليها البصرة والنجف وديالى وبابل وواسط). 9٪‏ نسبة عمالة الأطفال دون ١٥ عاماً. انتشار 39 مرض ووباء ابرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفايروسي وارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية. توقف 13 ألف و 328 معملا ومصنعا ومؤسسة انتاجية. تراجع مساحة الاراضي الزراعية من 48 مليون دونم الى 12 مليون دونم. استيراد 75% من المواد الغذائية و91% من المواد الاخرى. التعليم الاساسي في اسوء حالاته( 14 ألف و658 مدرسة, تسعة آلاف منها متضررة و 800 طينية والحاجة الى ألف مدرسة جديدة). الديون العراقية اكثر من 124 مليار دولار من 29 دولة. بلغت مبيعات النفط للأعوام ( 2003 ـ 2016 ) الف مليار دولار لم تسهم في حل اي مشكلة من مشكلات المجتمع العراقي, بل هناك تقديرات بأن مابلغ من اهدار للمال بلغ 1400 مليار دولار.
إن الوعي في القضايا المصيرية واتخاذ موقف منها محددا هو ليس سلوكا فطريا تحمله لنا الوراثة البيولوجية على نسق ما نولد به من صفات جسميه بل انه سلوك وموقف عقلي وفكري يتربى عليه المرء والمجتمع من خلال زرع منظومة قيمية صالحه تكون مخرجاتها النهائية هو تشكيل وعي محدد اتجاه الوطن والمواطنه وادراك حجم المخاطر التي تهدد البلاد وما يتبع ذلك من سهولة وانسيابية في تشكيل رأي عام يصب في مجمله في التعبئة الوطنية الصالحة ووفقا للأمكانيات المتاحة وخلق حالة من التلاحم بين الشعب والحكومة بما يعزز تماسك الجبهة الداخلية في العراق وحيث الجبهة الداخلية تعاني من تصدعات كبرى على مستوى السياسة والأقتصاد والمجتمع وحيث معاناة الشعب وعدم اشباع الحاجات الأساسية التي تشكل بدورها الحد الأدنى من ضرورات تشكيل المناعة الصالحة, نجد اليوم خلاف حاد حول اولويات المواطن العراقي في حياته اليومية وخاصة عندما يرى الفساد الأداري والمالي ينخر في السلطة الحاكمة ومؤسسات الدولة والمجتمع, وفي وسط هذا التراكم وتراكم ما بعد سقوط النظام يرى المواطن العراقي نفسه في قلق وجودي يتمثل في فوضى الحاضر وغياب المستقبل الى جانب عدم ثقته في النظام السياسي الحالي. كل هذا التراكم يعزز من صراع الأقدام والأحجام في المواقف المصيرية.

الطريق للتغير الايجابي ليست سهلا لأن طبيعة وبنية السلطة في العراق وأحزابها القائمة على الهويات الفرعية وليست على فكرة المواطنة والولاء للوطن لن تؤمن بالتداول السلمي للسلطة وديمقراطية الانتخابات, وترى في صناديق الاقتراع وسيلتها للاستحواذ على السلطة والانفراد بها, وبالتأكيد ستتشبث القوى القديمة البالية في البقاء والعناد وسوف تلجأ الى كل الخيارات غير النزيهة لتغير وتشويه مسار ونتائج وعملية الاقتراع, طبعا الى جانب عبثها الحالي بالتوقيتات الدستورية والتحايل على القوانين ذات الصلة, فضلاً عن اتخاذها سياسة الإقصاء والتشهير والمقاطعة والتسقيط لكل القوى المعارضة لهم في التوجهات السياسية ، حتى صارت عندهم رفقة الأمس= عـداوة اليوم ، وفي حال حصل الصدام سينتهي الأمر بتمزيق البلاد  شر ممزق .

فائدة:  تبقى إيران هي اللاعب الأساس في حسم الأمور.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com