من الرواية الى كتب التنمية البشرية

من الرواية الى كتب التنمية البشرية

آخر تحديث : السبت 12 مارس 2022 - 11:18 صباحًا

هناء الديوري

20180218 164931 scaled - قريش
هناء الديوري

كاتبة من المغرب

فكرة كتب التنمية البشرية أصلا مستلهمة من فن الأدب الروائي (الرواية) ، لأن الروايات تأخذنا عبر صفحاتها لدراسة سيكولوجية و شخصية أبطال الرواية وطرح الأسئلة :كلماذا يتصرف أبطال الرواية على هذا النحو ،و ما هي دوافعهم و ظروفهم و خلفياتهم النفسية و السيكولوجية ؛ ثم إن شخصيات الروايات لا تأتي من عالم أخر و الروائي ليس بحاجة للبحث عن هذه الشخصيات من عالم ماورائي، بل هم يستلهمونها من الناس الموجودين في الواقع المعاش.

و حتى في ما يخص روايات الفنتازيا و الخيال و قصص الخيال للأطفال أو روايات الشباب الناشئ فأبطالها لها إسقاطات على العالم الواقع  ،وقد نجد كثيرا من الناس بيننا يحملون صفات أبطال هذا النوع من الروايات  ، و ربما الروائي يلجأ لعالم الفانتازيا و الخيال ليجعل القارئ يفكر مرتين و بعمق ليكتشف ماذا يقصد الروائي بأختراعه كائنات أخرى خيالية ليست موجودة في الواقع المعاش.  

و كذلك فإن كتب التنمية البشرية تستمد مضمونها من العلوم السيكولوجية و النفسية، و هناك العديد من المتخصصين في العلوم النفسية ألفوا روايات مستلهمة من العلوم النفسية و لقد أصبحت هذه الروايات من أهم الكتب في كتب التنمية البشرية، ولا عجب أن المفكرة نوال السعداوي صرحت أنها درست العلوم النفسية لتستطيع كتابة الرواية وأن هناك ممثلين أتو إلى عالم السينما و التمثيل بعد أن كان تخصصهم الأول العلوم النفسية.

أما في ما يخص القراءة فإن كنت من قراء الرواية وأصبحت تقرأ كتب التنمية البشرية و العلوم النفسية فقراءتك لرواية ستصبح أكثر عمقا و ستكتشف معاني أخرى كانت غائبة عنك قبل أن تقرأ كتب التنمية البشرية و علوم النفس .

مسلك العلوم النفسية أو ما يقابله بالتنمية البشرية علم مميز و من المفترض أن يدرس في المدارس كمادة ، لأنه من خلاله نتعرف على خبايا و اغوار النفوس البشرية و معاناتها، و كيف نتخلص من العقد النفسية و هو علم يفيد حتى في الحياة الإنسانية و العملية ، و من الممكن أن يدمجوه في التعليم من خلال تحليل أبطال الروايات العالمية و كذلك أفلام السينما الهادفة، و من خلال هذه الدراسة سيتوقف الإنسان عن إطلاق الأحكام على غيره و عن التنمر و عن التعميمات التافهة ، و عندها سيدرك  كل فرد أنه معرض للخطأ و من الممكن جدا أن يكون حاملا للعقد النفسية. فيدفعه هذا الوعي بالنفسية البشرية الى التركيز والإهتمام بنفسه ،و تهديبها ،و تحرير نفسه من الصدمات و ترك كل فرد لحياته وقدره و أوجاعه بل و سيصبح قادرا على تقديم المساعدة إن طلب منه ذلك فيصبح أنسانيا و رحيما بغيره عندها سيتفهم ظروفهم و دوافعهم.

لكن للأسف الكثير من الناس يتجاهلون هذا العلم و فوائده ، ولا يعلمون أنهم بذلك يتجاهلون ذواتهم و يظلمونها و يظلمون معهم الغير.

هناك من يعتقد أن الروايات مجرد كتب لا فائدة منها أو يقرؤنها من أجل التسلية و الترف ، هذا غير صحيح أبدا فالروايات عمل فني خصب لتحليل النفسي للمجتمع و مصدر تعليم ذاتي و خصب و كل قارئ يجد في الروايات شيئا مفقود كان يبحث عنه أو شيئا من ذاته ، و تعلمنا هذه الشخصيات الرحمة بالغير و عدم إطلاق الأحكام على الغير و تزيد من جرعة الإنسانية في ذواتنا ،و تجعلنا نستخلص العبر لتعامل مع الحياة ، و تغير أفكارنا و وعينا و حياتنا.

و لا أعتقد أن أي روائي عندما يكتب رواية يكون هدفه هو أن يجعل الناس يتسلون أو يعاملونها كمادة ترف ، و الرواية كغيرها من أنواع الكتب لها فائدتها و مهمتها الخاصة بها.

وكل الفنون لها هذا الجانب المعلم الذي لا يدركه عامة الناس و يستخفون به، ربما بسبب قصر النظر أو عدم التعمق في الوجود و جوانب الحياة.

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com