*: عبدالوهاب العمراني
بضعة ايام فقط على إطاحة دولتي التحالف بالرئيس هادي والذي عرف بضعفه ومهادنته للإقليم
وينحني أمام العاصفة ويذل نفسه وبالتالي شعبه فكرامة أي شعب هي من كرامة دول الجوار والمجتمع الدولي للدولة
فإذا كان هادي مشكوكا في شرعيته أصلا مذ ما قبل الحرب وطيلة سنوات الحرب سواء بحكم المدة الدستورية والتي يفترض انها قد انتهت قبل سنوات وبقاء هادي وشرعيته فقط لشرعية الحرب على اليمن
وبغيابه لأكثر من سبع سنوات وبلده في حالة حرب وفي هذه الحال ماذا يسمى المجلس الحالي ورؤوس وقادة الميلشيات الذين أصبحوا اقوى من الدولة المركزية التي لم تعد الا نظريا في أدبيات الأحزاب والدستور الشبه مجمد
وإثر ثورة شعبية اندلعت ضده في 11 فبراير 2011. قذفت الأقدار بهادي كرئيس توافقي أصر عليه الرئيس السابق فقد كان بإيعاز وإسناد دول الجوار
تنصيب قيادة جماعية جديدة في مسرحية مرتبة هو لإنقاذ ميلشيا الحوثي وشرعنة سلطة الأمر الواقع في صنعاء
وبطريقة مشابهة تمت تنحيته والتخلص من شرعيته التي غدت عبئ على التحالف
وإنهاء صفة الاغتراب التي ظلت تلازم الحكومات المتعاقبة منذ انقلاب الحوثيين على السلطة، كما أن إنهاء الصراع إما من خلال مفاوضات جدية أو عملية عسكرية تضغط باتجاه الحل السياسي يمثل هدفاً ثالثًا
بناء جيش بعيدا عن الو لاءات.. أول تصريحات لرئيس المجلس الرئاسي اليمني
المطلوب من تحولات الأسبوع الماضي وتنصيب قيادة جماعية جديدة في مسرحية مرتبة لإنقاذ ميلشيا الحوثي وشرعنة سلطة الأمر الواقع في صنعاء
ويُراد لهذه الحرب ان تنتهي على وفق مشيئة المخرج لتضمن السعودية تأمين حدودها بتعهدات حوثية مع ضمانات دولية ، وستنتهي عاصفة العجز بدون تحقيق ما اعلن في اول يوم لها فبدلا من إعادة الشرعية استنسخ انقلاب آخر في عدن .
يعتقد بعض المراقبين بأن هناك جملة تحديات للمجلس الجدد ابرزها تحدي المسألة الدستورية، وتحدي الشرعية الشعبية، شرعية الإنجاز .
الحوثي أصبح يؤسس لدولة عميقة خاصة به، على أنقاض الدولة العميقة التي تكونت وتقولبت لنحو أربعة عقود.
وبمجرد انتهاء هذه الحرب والغارات ودور التحالف بداهة معطيات واقع الحال تشير لمعطيات بأن حرب ستلد أخرى
ولكن هذه المرة لن تكون بمفردة ” العدوان” التي بررت لكلا من الحوثي والتحالف لتحقيق أهدافهم .. وأعطت مسوغا للحوثي لمقارعة هذا العدوان .. وتجذر بحيث لغم مستقبل اليمن في كل مفاصل الدولة ، من جيش وامن وقضاء وتربية وحتى أوقاف نحو ذلك
صحيح هو تواطؤ دولي وإقليمي سواء على إبقاء الحوثي بأي مستوى مشاركة أو بفرض شراكة الدولة العميقة لصالح قبل سقوط صنعاء وبعدها وخلال بدايات الحرب.
مع ان الحوثي نفسه أصبح يؤسس لدولة عميقة خاصة به، تؤسس على أنقاض الدولة العميقة التي تكونت وتقولبت لنحو أربعة عقود مضت.
ورغم هذا فامريكا ليست على كل شئ قدير ودولتي الإقليم من باب أولى لن تفرض لليمن حلولا جاهزة وأن تمت فالحوثي بداهة ليس اليمن ولا يعبر عن سيادة اليمن وسيطرة الهضبة وأزال تحديدا ليس هو كل اليمن، وسلطة الأمر الواقع في صنعاء لا تعكس حلم اليمنيين بالدولة المدنية التي دأب من اجلها الأجيال لنحو مئة عام مضت
بعد نسف الشرعية الركيكة لن يكون هناك مرجعيات ثلاث نحتكم لها وصدعت رؤوسنا لتكرارها وغدت مجرد قيم افتراضية ليس إلا
بل سنبدأ من الصفر بفرض امر واقع لا مفر منه وهنا تبدأ جدلية المأساة الأبدية ولعنة الحوثي وحليفه الرئيس السابق تلاحقنا لعقود قادمة
وبداهة فالشرعية كشعار فضفاض لا يكفي لخلق صورة إيجابية عن محاسن الشرعية المفترضة فهي لا تؤمن خائفا ولا تطعم جائعا ولا تكسي عاريا بل إنها وعلى النحو الذي سارت طيلة الحرب قوِةّ من شوكة الطرف الآخر ، والشرعية على هذا النحو ليس مرحباً بها بأي حال من الأحوال إلا من قبل الانتهازيين والوصوليين .
حيرة القوى اليمنية المرتهنة والعميلة ومن ورائها التحالف بجناحيه السعودية والإمارات هي البحث عن مخرج سياسي في تسوية شاملة تخرج التحالف من مأزق ومستنقع الحرب في اليمن متوازيا مع حلول ومخرج قانوني في قيادة الدولة الصف الأول الرئيس ونائبة والحكومة والبرلمان ودور هذه المؤسسات الدستورية في سيناريو الحلول المفترضة
وفق كل هذه المسوغات تساؤل كبير يفرض نفسه .. شرعية هادي إلى أين واستمراره غدا محصورا فقط في خدمة أجنده إقليمية ولمصلحة للتحالف و لتجذِر انقلاب صنعاء وعدن
بضعة اسئلة تدور في ذهن المراقب والراصد للمشهد اليمني مفادها التالي
هل سيعود المجلس الرئاسي لعدن ومتى ؟
وهل هي بداية لوضع نهاية للحرب عبر التفاوض مع الحوثيين الذين رفضوا الاعتراف بالمجلس؟ أم لحسم المعركة معهم؟
وهل سيضل خيار الحل العسكري الوحيد تماما كما ترى السعودية وتحالف العجز رغم ان الحوثي لم يلتزم بالهدنة ويقصف مارب مجدداً بالصواريخ
ولأن الشئ بالشئ يذكر وقياسا على تجربة هرولة العرب نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ومحاولة استجداء السلام والتفاوض من الحوثي يشبه استجداء العرب سلاما مع إسرائيل
هل ستصدر لوائح تفصيلية يحدد صلاحيات المجلس وتنظيم العمل به ودور كل عضو وحدود ممارسة الصلاحيات
هل ستلغى المسميات السياسية المجلس الانتقالي الجيش الممول خارجيا من الإمارات ومسمى المقاومة الوطنية فيما يسمى بالساحل الغربي وجيش طارق الجرار الذي يأتمر بتوجيهات خارجية
هل سيقضى على المناطقية الفجة والعنصرية الطائفية السلالية أم يستمر استجداء السلام منها
لعل من أخطاء الحكومة الشرعية والتحالف هو إيهام الحوثيين بنصيب في كعكة السلطة مهما فعلوا، وعليه فأنهم لا يلامون فأن انتصروا بالغلبة استمرار لطبيعتهم الحربية والفتوحات فليكن وإلا فمكانهم محجوز بثلث السلطة مستقبلاً فمكافئة طرفي الانقلاب الذين سببوا بتشريد ثلاثة مليون يمني وقتل ألآف وعشرات الآلاف في ستة حروب وجعلوا أكثر من ثلثي الشعب اليمني تحت خط الفقر ، سيكون بعد المحاصصة والتقاسم تحت عنوان (التوافق) ليس شريكين كما كان بعد خروج الرئيس السابق الشكلي من الحكم بل وهذه المرة طرف ثالث مؤدلج سيكون خطرا على اليمن والمنطقة برمتها ، ومؤخرا يجرى التفاوض برعاية من يفترض انه اتى لاستعادة الشرعية يتفاوضون لإدخال مكون انقلابي آخر مستحدث في عدن , هو الآخر يسعى لشرعنته على حسابك تأكل الشرعية الضعيفة أصلا وسواء تم تطبيق اتفاق الرياض من عدمه فهو في الأصل ملغم ورغم هذا ففي الحالتين ليس في صالح الشرعية وبداهة لا يصب في خدمة استعادة الدولة ويكرس الانقلابين على نار هادئة
تناقض في خطاب الشرعية طيلة سنوات الحرب ففي الوقت الذي يتهمون الحوثي بالعنصرية ويطالبون بإدراجه ضمن قوائم الإرهاب في نفس الوقت يتوددون له ويطلبون وده كي ينخرط في العملية السياسية رغم كل ما جرى ويجري
فكيف يطالبون بمطالبة المجتمع الدولي باعتبار الحركة الحوثية إرهابية وهم يتحاورون من وقت لأخر مع هؤلاء ” الإرهابيين” بداء بالكويت وجنيف و”استوكلهم” ومسقط
بسبب مماحكة أطراف الشرعية وتأمر التحالف تفرغ الحوثي لتأسيس دولة عميقة مستحدثة في كل مفاصل الدولة وذلك على انقاض الدولة العميقة التي تكونت لنحو اربعة عقود مضت .
ورغم هذا وإجمالاً فأمريكا وكذلك دولتي الإقليم ليسوا على كل شئ قدير ولن تفرض لنا حلولا جاهزة وأن تمت فالحوثي بداهة ليس اليمن ولا يعبر عن سيادة اليمن وسيطرة الهضبة وازال تحديدا ليس هو كل اليمن ، وسلطة الامر الواقع في صنعاء لا تعكس حلم اليمنيين بالدولة اليمنية والتغيير الحقيقي
من يوميات الحرب يستنتج بداهة بأنه ثمة محاولة لتفخيخ اليمن بكل عناصر اللإستقرار، وجعل الأمل في عودة الحياة السياسية الطبيعية مستحيلاً. فقد انحرفت الحرب عن هدفها المعلن وكأن استمرارها فقط لتصبح نمط حياة يومية بمدى زمني مفتوح وبلا حدود وليس كأداة لحسم صراع يتعذر حسمه عسكرياً، وعلى هذا يبدو بأن ستشهد في الأيام القادمة تحالفات جديدة لكنها لن تكون على طريق الحل بل على طريق استدامة الحرب ، الأمر الآخر كأن التحالف يريد ان يثبت عملياً في تفاصيل يوميات الحرب بأنها حربا يمنية سعودية ويدحض ما أعلن بأن مسوغات التدخل لإعادة الشرعية وبهذا ليس فقط سيلتف اليمنيون مع طرفي الانقلاب بل وحتى مستقبلاً بعد ان تضع الحرب أوزارها فالذاكرة اليمنية وإيقاع الشارع اليمني سيتمحور حول تداعيات وإفرازات الحرب المادية والمعنوية وستسخر إيران ذلك لعودتها بقوة بفضل هذا الحرب لليمن لاستغلال حالة الانتقام لمأرب واجدات إيرانية على عاتق شباب ومقدرات اليمن ، بمعنى معاناة الشعب اليمني سيضل سواء في زمن الحرب او بعد ان تضع أوزارها.
وبداهة فأن قوة وصمود الحوثي لاكثر من سبع سنوات هو من ضعف خصومة.. والحرب هي الطريقة الوحيدة للهروب من استحقاقات السلام سلوك التحالف وتأمره وخذلان وارتهان ” الشرعي” جعل البعض يرى في الحوثي أشرف الخصوم مقارنة بالشرعية المغتربة وما يسمون بأرخص عملاء ويقصدون بهم الانتقالي فلا فرق ان تكون عميلا للعرب او العجم
كأن التحالف يرغم اليمنيين ان يصطفوا مع الحوثي
والتنكيل بالشرعية التي انتهت بصورة درامية وباحداث مسرحية متلاحقة
اجمالا رؤية الشعب العربي والمجتمع الدولي للحرب بأن التحالف يحارب اليمن وليس الحوثي وبأن اغنى بلد نفطي يحارب ويكل افقر بلد عربي
ومقولة الروائي امين معلوف (أنا على يقين بأن من سيكتبون التاريخ بعد مئة عام سيقولون إن النفط لم يحقق الثروة للعرب إلا التعجيل في هلاكهم)!
امة خلقت لتفنى ونفط العرب لهلاك العرب
* كاتب يمني وسفير في الخارجية
عذراً التعليقات مغلقة