بيروت- قريش
أفادت مصادر متطابقة في حزب البعث العراقي ان المحاولة الأخيرة في لمّ شمل الحزب في مؤتمر عام خارج العراق، هو الأول من نوعه، فشلت وتقرر ارجاؤها الى اشعار آخر بعد ان كان من المؤمل عقدها في الثالث والعشرين من شهر آيار -مايو الجاري. وكان حزب البعث الذي حظرته السلطات العراقية الحالية بنص دستوري، قد عانى من الانشقاقات والتشرذم بعد اعدام الرئيس الأسبق صدام حسين، وفشل نائبه عزة الدوري في إعادة لحمة التنظيم طوال سنوات اختفائه السبع عشرة بعد احتلال العراق وحتى وفاته قبل سنتين.
وقالت المصادر في تصريحات الى مراسلة ( قريش) في بيروت انّ حزب البعث طمح الى عقد مؤتمر تنظيمي خارج سياقات النظام الداخلي المتعارف عليها ، لظروف استثنائية، وهو مؤتمر عام لا يشبه مؤتمرا قطريا عاديا، من اجل تهدئة النفوس بعد انتخاب قيادة قطرية جديدة للحزب اثير اللغط حولها في اعقاب وفاة الغريري، وعدم اعتراف عضو القيادة القومية السنهوري السوداني بتلك النتائج والشرعية الجديدة.
وأضافت المصادر انّ أموراً لم يعتد عليها الحزب، تتداخل فيها حالات شخصية وعلاقات دول أيضا تؤثر على مسار الحزب اليوم، وانّ القيادة القطرية حذرة ومتأنية لكي لا يتداعى الوضع الداخلي، لذلك فتحت الباب لعودة جميع المفصولين في السنوات الأخيرة، وفي ضوء ذلك عاد الى منصبه في القيادة القطرية خضير وحيد المرشدي الملقب أبو محمد بعد إعلانه الاستقالة من الحزب وتأسيس معهد التجديد الفكري في اسبانيا .
وهذه العودة اثارت جدلا مكتوما بين البعثيين حول شرعية عودة المستقيل الى نفس درجته الحزبية. كما تحدث آخرون عن عدم وجود نص يجيز الاستقالة .
ولفتت المصادر انّ البعث حزب له امتدادات واسعة وله زخم شعبي مكتسب إثر انكشاف الوضع المتردي للأحزاب الحاكمة في العراق بعد الاحتلال، وان هذا الرصيد الجديد لا يمكن التفريط به لصالح خلافات تنظيمية مفتعلة، سبق ان تجاوز الحزب امثالها في سنوات مسيرته منذ أيام نشأته الأولى في سوريا.
وتحدثت المصادر عن تذمر أعضاء في الحزب من عدم وجود درجات تنظيمية لهم بحجة عدم انعقاد مؤتمرات انتخابية، وتعيب على القيادة التفكير بنفسها في تحديد موقعها التنظيمي وترك الأعضاء الاخرين من دون تسمية درجاتهم الحزبية، وخاصة الذين كانوا بدرجات عضو عامل عند الاحتلال واستمروا تسع عشرة سنة بالنشاط من دون ترفيعهم الى درجات قيادية داخل البلد او خارجه مع استثناءات قليلة لا يعتد بها .
وعبّرت المصادر عن صراحتها في أنّ البعث لم يعتد وجود قيادات تنظيمية تفكر وتجتهد وتقود في ظل صعوده الكبير في زمن حكمه والسلطة التي قادها صدام حسين، وانّ القيادات كانت تنتظر التعليمات من مصدر واحد يتداخل فيه منصب رئيس الجمهورية الرسمي مع قائد الحزب، لذلك يحتاج البعث سنوات أخرى ليبلور ما يسميه قو اعد العمل في النضال السلبي ، خارج السلطة ، وانها تجربة مفيدة ستقوي التنظيم نوعيا وليس عدديا كما كان، كما ان الامتيازات وفتح العيون على المكافآت في ظل السلطة السابقة افسد الروح النضالية الثورية وحولها الى حالة إدارية متواضعة .
وواصلت المصادر حديثها على نفس النهج الصريح، في انّ الحقيقة المطلقة ان العراقيين وحدهم مَن ينوء بحمل اثقال ومصاعب مسيرة البعث اليوم، وان الرفاق من الأقطار العربية يشكلون تمثيلا نخبويا صغيرا، ولا يمكن ان يستولى على مقاليد القرار في بلد النضال الفعلي اليوم.
لكن المصادر البعثية اعترفت بضعف النشاط الداخلي في السنوات الأخيرة، وان البعث لم يشكل هاجسا مقلقا عمليا للسلطة في بغداد كما كان في سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي قبل الصعود الى السلطة نهاية الستينات في العراق.
ولم تنف المصادر وجود اختراقات، لكنها اكدت ان هناك تنسيقات للحزب مقررة عن عمد مع جهات ودول، قد توحي للمراقب الخارجي بأنها اختراقات.
عذراً التعليقات مغلقة