عبد القادر العفسي
كاتب مغربي
إذا كانت السياسة من حق العموم فإنّ فهم مطابخها تبقى حكرا على أشخاص محدودين ، خاصة إذا التهمت بعض المنابر الإعلامية الأحداث العامة و لم تُحسن هضمها !
مناسبة هذا الكلام ، هو تهجم مجموعة من الأفاقين و عدمي الضمير على أحزاب وطنية كُبرى و ركوبهم موجة التطبيل خدمة لأجندة اللقط و الريع دون احترام لأخلاقيات المهنة الإعلامية، و متحولين إلى متحورين و وكالة لتصريف مواقف سياسية و شخصية أقل ما يقال عنها أنها الغباء بعينه ، و مساهمين بذلك عنوة في تميع الحقل السياسي و ضرب مفهوم السياسة و الصراع السياسي المبني على المطارحات في البرامج والتصورات .
إنّ هذا الاصطفاف إلى جانب مهندسي المرحلة و الذين أخرجوا لنا ممارسات و هياكل فارغة و استعراضية ، كشيء طبيعي! لأنّ أصحاب الحال الذين صنعوا ما صنعوا بأيدهم لم يكن لهم طيلة مشوارهم أي تكوين سياسي أو إداري خارق إلا في ركاب أَكَلةِ الأكتاف و حاملي الأظرفة الثقيلة …
غابت الحقيقة إذن عن الشعب العرائشي ! لولا بعض الأصوات الكادحة والتي تُحاول ايقاضنا من الخدعة لَكُنا نظن أننا نعيش في الجنة ، و إذا كان لكل مناسبة شرط فإنّ شرط كلامي هذا هو تلبية لنداء صديق عزيز مُختص في الغذاء و التغذية و أحد أقارب مسؤول جماعي لمجلس جماعة العرائش طلب مني أن أكتب و أدلي برأي في نقاش عمومي حول ” أزمة الحكامة و التدبير بجماعة العرائش ” و لدلك فله مني كل هذه الكلمات وهذه الحروف الناطقة ” بِلطف ” و بلسانه قبل أن يخطها قلمي ‘ صُبحا ‘ .
إنّ المغرب_الوطن الذي يُسابق التاريخ من أجل المستقبل لا يُمكن أن يترك ذوي الأهواء الشخصية أن يتحكموا في مسيرته نحو التقدم و الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان و الكرامة ، كما أنّ المغرب العميق لا يقبل واسطة و الحمد لله بين الملك و شعبه ، و هو ما يمكننا من تسجيل شيء أساسي وهو أن في المغرب أشخاص وجهات مُخلصين للوطن و مصالحه و يقومون بواجبهم ولا أدّل على ذلك من الإدانة القضائية الأخيرة لإقليم ” الحسيمة ” عبر إسقاط أربعة برلمانين ، و هي رسالة واضحة على منهجية الدولة في توازن القوى داخلها ! كما أنّ تقلص الأغلبية بمجلس جماعة العرائش في دورة ماي 2022 و تحول الأغلبية العددية لصالح المعارضة هو كذلك إدانة لمدبري هذه الانتخابات الجماعية بالعرائش و واضعي هذا التطبيق الذي سقط في أول منعرج ما دام خرج من خيمة المُقيم مائلا .
و حتى نجهر بما يتداول سرا بين النخب و بين صفوف الشعب العرائشي فإنّ نُهمة هذا المجلس ليست الفساد و الريع أو غياب الشخصية أو الأغلبية أو المعارضة …بل أنّ تهمته أنه من إنتاج جهات لها قُفزات حريرية استعملتها في ولادة قيصرية سرية و خارج مؤسسات التعاقد ، و كأنه ابن غير شرعي لعملية غير شرعية وغير أخلاقية … هذا ما يُقال .
و حتى نفهم موقف ” الأغلبية المعارضة ” و هي أسقطت (معارضة) مجموعة من النقط كي ترسل رسالتها المباشرة ليس إلى السيد رئيس المجلس فقط بل إلى الجهات التي سهرت على غرفة العمليات ، و التي لا زالت ترعى الطفل التي تفرقت به السُبل وهو لم يبلغ بعد الفطام .
ان رئاسة المجلس لجماعة العرائش توجد في موقف محرج ، فلا هي قادرة على قطع حبل الصُرة مع الحاضن و إثبات شخصياتها و لا هي قادرة على تجاوز منطق الحلقية و التخطيط التناقضي لجماعة العرائش و سياسة فرق تسود و كأننا أمام تنظيم سري ! لكن يُمكن فهم ذلك ما دام أن أصابع أحد الأذرع السياسية و التي لا تُخفي دعواتها للجمهورية و لتقرير المصير للأقاليم الجنوبية و تنشر خرائط المغرب المُقسم عن جنوبه ، أصبح لها أي هذه الأصابع تأثير كبير في تدبير شؤون الجماعة و التدخل في كل المستويات و الملفات و الأدونات و القرارات ، و هذا ما يؤكد ما سبق أن قلناه على ضرورة رجوع العرائش إلى جادة صوابها و إلى السياسة العامة التي تُقررها الدولة و ليس الخضوع لأهواء و تحالفات لوبيات تخدم مصالحها .
إنّ المغاربة بالوطن المغربي الكبير و ” دياسبورا ” تربطهم رابطة خاصة مع العرش المغربي ، رابطة روحية قبل أن تكون مادية ، و رابطة حب قبل أن تكون رابطة حُكم ، و كما قال السلطان العظيم ” الحسن الثاني ” جلل الله روحه في إحدى خُطبه : ” و الله لو علموا أنني أسيرهم كما يُسير بعض القادات شعوبهم كالأكباش ، و الله ما أطاعوني ” ، إنها العبقرية المغربية الممتدة عميقا بجذورها في تاريخ الإنسانية و المشرئبة بطموحها نحو المستقبل و الرفعة و السؤدد .
عذراً التعليقات مغلقة