بقلم: المراقب السياسي
غادر الرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية الى واشنطن بعد حضوره مؤتمر جدة للأمن والتنمية بوجود زعماء ست دول خليجية، ومصر، والأردن، والعراق.
غادر بايدن متأبطاً ملف الشراكة( غير الجديدة أصلاً بسوى التفاصيل) مع السعودية، وترك المنطقة وراءه على أمل تصحيح الأخطاء الامريكية الذي وعد به، مع افتخاره انه اول رئيس امريكي يزور الشرق الأوسط وليس لبلاده قوات عسكرية مشتبكة او في حالة حرب أو عمليات هناك، ولا يبدو انه يريد أن يخسر هذا الفخر.
لم يسأل أحدُهم بايدن: كيف انّ قواتك تنسحب من المنطقة وفي نفس الوقت تقول ان امريكا لا تتخلى عن دول الشرق الأوسط لصالح روسيا والصين وإيران. لا أحد يتحرك بحريته في المنطقة سوى إيران، فماذا انت فاعل يا رئيس البيت الأبيض؟.
لا أحد من دول المنطقة سينتظر فك رموز جملتك المبهمة في ان أمريكا قررت تصحيح الأخطاء وستعود للمنطقة، فالخطر الإيراني لو وصلهم سيكون أسرع كثيرا من أي عودة امريكية مبهمة، لذلك يتجه عرب الخليج لترتيب أوضاعهم وصلاتهم مع ايران.
غادر بايدن وتركهم مع المحاذير التي غلبت على كلامه، وأهمها عند العرب هي إيران التي تحاول دول المنطقة كسب ودها منذ سنوات طويلة وليس اليوم، فالدول العربية المصممة بشكل غير قابل للمواجهة العسكرية لنقص عوامل الخوض في الحروب كافة باستثناء المال، تدرك انَّ الوحش الذي حذّرها منه بايدن يعيش في الجوار الى الأبد، ويده تصل الى أعماق الإقليم من دون أن يتحدث بايدن، ولو لفظياً، عن نية أمريكا العظمى قطع إصبع واحد من تلك اليد. ولم يكلف بايدن نفسه التوقف عند مطلب الرئيس المصري السيسي، حين قال انه يجب ان لا يكون هناك مكان للمليشيات ولمَن يمولها ويدعمها في دول العرب.
لنحصِ كم مرة ردّد فيها الزعماء جملة حق اسرائيل في دولتها الى جانب دولة فلسطينية في مشروع حل الدولتين المقترح، وكم مرة وردَ ذكر المليشيات في كلمات بايدن او الزعماء الحاضرين، تلك هي المعادلة التي تسير عليها المنطقة.
والايرانيون عبر حرسهم الثوري وعقيدة التمدد والهيمنة والثأر التاريخي، يمكنهم الاستمرار في نهجهم كما كانوا دائماً، مع وجود العقوبات ضدهم ما دامت ايديهم تصل براحتها الى الجيب العراقي. فليس هذا هو العقاب الذي يخشون أن يقتلع نظامهم او حتى نفوذهم.
قديماً، قالت العرب، انّ اليد التي لا تستطيع كسرها قبّلها. وربّما همس أحدهم في اذن بايدن بهذا المثل العربي الشائع من دون أن ندري، أو لعلّ العرب من دون أن يدروا تركهم بايدن أمام خيار تقبيل اليد القوية في المنطقة، وغادر.
عذراً التعليقات مغلقة