: الدكتور نزار محمود
الساسة مواطنون ينحدرون من بيئات اجتماعية ذات الوان مختلفة، منها ما يشير الى علاقاتها وتركيباتها وطبقيتها ومنها الى دينها او مذهبها وكذلك الى نمط ثقافتها واحياناً الى لونها السياسي.
وفي دولنا التي ما يزال يلعب العامل الشخصي والفردي للساسة والقادة اكثر دوراً وتأثيراً من الموضوعي والمؤسساتي، يحظى الانحدار والانتماء الاجتماعي والثقافي، بما فيها الديني والمذهبي، بأهمية استثنائية. بيد ان ذلك الأمر ليس واحداً في جميع الحالات. فاذا كان قد صح القول سابقاً: “أن الناس على دين ملوكها” وكيف دخلت شعوب بكاملها الى هذا الدين والمذهب، فإن الامر لم يعد كذلك منذ وقت ليس بالقصير. وهنا نتذكر، على سبيل المثال: اعتناق جزء كبير من شعوب الخزر اليهودية محاكاة لحكامهم، وتشيع شعوب ايران على عهد شاههم اسماعيل الصفوي.
وفي الشعوب التي تتلون طوائفها فقد حرص كثير من ساستها وقادتها على تجنب اثارة النعرات الطائفية، حتى ولو بقوا هم على التمسك بخصوصيات طوائفهم، ولكن مع تجنب اظهار ذلك، لا بل والتعامل معه سياسياً وبالأسلوب الذي لا يؤجج الفتن أو يجرح مشاعر طائفة أو الطوائف الاخرى.وفي هذا الخصوص لا بد لنا كذلك من القاء الضوء على الواقع المخفي لعامل الانتماء الطائفي لدى الساسة وأصحاب السلطة والمتمثل باسناد الجزء الاكبر من المناصب الحساسة أمنياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً، بصورة مباشرة وغير مباشرة، الى من تتوفر فيهم الثقة من ابناء طائفته ومذهبه.
وفي المقابل نجد ان غالبية رجال الدين، ومن منطلق ما يعلمونه ويؤمنون به ويفتون ويجدون كياناتهم فيه، يحرصون على خصوصيات طوائفهم، لا بل ويوظفونها خدمة لأغراضهم التي لا تخلو من سياسية كذلك، باستثناء البعض فيهم ولأسباب مختلفة.وهنا لابد من الاشارة كذلك الى تأثير ودور الانحدار الاثني أو العرقي لدى رجال الدين في تحديد مواقف تبني والتزام الخصوصيات الدينية والمذهبية.
وفي جميع ما مر تلعب الأصابع الخارجية دورها في تهيئة الظروف التي تخدم مصالحها!
برلين،
عذراً التعليقات مغلقة