الدكتور محمد عياش
الكثير من البشر مع تراكم السنين والمواقف واللحظات .. تبتعد عن معرفة أو التعرف على شخصيتها ومن أي نوع أصبحت ، والمؤكد أنها تثبت على سلوكيات مع التقادم ، وربما تعتز كثيرا ً بما وصلت إليه ، وهي بالتالي قد أصابها اعتلال ولازمها جملة من العقد والمفاهيم يصعب على اختصاصي بعلم النفس من أين يبدأ وكيف بالمعالجة .
لا مكان للروائز ، بسبب التصلب والتكلس والتمترس خلف المكتسبات ، وإلغاء الاكتشاف والكفايات الطبيعية أو المكتسبة ، ويرافق كل هذا بعض من الإنكار والإقصاء والنكران لكل ما يمكن تسميته النماذج الناجحة أو التي تتطور وفق أدبيات العصور والقرون ومتطلبات اللحظة والتماشي مع المستحدثات الطارئة والممنهجة .
إن الشخصية السيكوباتية ، أو «ساخنة الرأس» التي لا تتحمل ولا تحتمل سماع كلمة خارج أدبياتها الموروثة ، شخصية عصبية سيئة مزاجية ، ولا تتوقف فقط عند الوصف ، بل تتعدى إلى الاعتداء اللفظي وربما الجسدي ، وهي شخصية مجرمة بامتياز لو امتلكت القوة وأمّنت عدم المحاسبة ؛ ضحاياها في ازدياد وفق المعادلة الطردية التي تقول : كلما ابتعدت عن المحاسبة ، أوغلت في أرواح الناس دون هوادة . فالنموذج الأقرب لضرب المثال هو الفوهرر هتلر وأفكاره النازية إذ تسود الشوفينية النرجسية التي تتطلب تطهير كل البشر في سبيل عرق واحد فقط وإن لم يستطيع التطهير جعل العالم الآخر خدم وحشم للعرق الآري أو الدم الأزرق وفق أيديولوجيات النازية.
الشخصية السيكوباتية ، أو «ساخنة الرأس» التي لا تتحمل ولا تحتمل سماع كلمة خارج أدبياتها الموروثة ، شخصية عصبية سيئة مزاجية ، ولا تتوقف فقط عند الوصف ، بل تتعدى إلى الاعتداء اللفظي وربما الجسدي ، وهي شخصية مجرمة بامتياز لو امتلكت القوة وأمّنت عدم المحاسبة
و«الباردوكسية» : أبشع من الأولى ، حيث أنها تظهر الطيبة والبشاشة الخادعة والتملق ، وهي تعمل بخبث فتتحرك ضمن دائرة المؤامرات معتقدة بأنها داخليا ً تمنع الضرر عن نفسها فتمارس الكذب المشرعّن من قبلها ، لا تشعر بتأنيب الضمير ولا للحظة واحدة ، تعيش في عالمين متناقضين متعاكسين دون أن تشعر بتناقضها . لماذا أبشع من الأولى ؟ لأنها متسترة أما الأولى واضحة الأهداف والمعالم والنيات .
الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية وفرنسا دول الاستعمار الكلاسيكي والكيان الصهيوني ينطبق عليها هذا المصطلح ، فواشنطن وحلفائها يتشدقون بحقوق الإنسان وأعضاء دائمين في مجلس الأمن الذي من المفترض من اسمه أن يؤمن السلام ويرعى الديمقراطية ، والمطالب الشرعية للشعوب في كل مكان ، وفي طيات نياتها السيطرة على العالم بكل السبل الممكنة ، وهي ماضية في سياساتها العدوانية تحت شعارات واهية ممزوجة بكراهية العالم الآخر الذي لا يتفق ورؤيتها التي تسعى دائما ً للتحكم والسيطرة واحتقار ثلاثة أرباع العالم .
إن ( إسرائيل ) فيها من الشخصيتين ، لو كان الصهاينة بالقوة الهائلة ببداية التأسيس ، لوصلوا إلى بلاد كثيرة ، السيكوباتية ، في أعلى درجاتها ، والباردوكسية مهرة ولهم باع طويل بالمكر والدهاء ومعظم كتب العالم عندما تتحدث عن المكر والخداع ، تأخذ اليهود الصهاينة القسط الأكبر من الأمثلة ، حتى لغة القوادين في أمستردام فيها من الكلمات العبرية .
لا بد لكل فرد في هذا العالم أن يتطلع على أنواع الشخصيات ، فيها دروس وعبر ، ومن خلال الاطلاع يتعرف الفرد على نفسه ، وأين وصلت لكي يدرك ما فاته أو يعالج الحالات الطارئة والدخيلة ، وتاليا ً يصبح شخص ناجح يستطيع أن يفهم ما يدور حوله ، ويخرج نفسه من دائرة التبعية العمياء .
الشخصية السيكوباتية السيئة لا يمكن لها أن تقود فئة أو جماعة أو حتى في مراحل متقدمة في عالم Establishment الاستبلشمنت المؤسسي لأن في قيادتها جريمة على المجتمع برمته ، حتى في الأمثال السياسية قالوا : عدو متعلم خير من صديق جاهل ، والباردوكسية أيضا ً أي الشخصية لا تستحق القيادة والريادة ، فكلمة الفصل هي الأخلاق العالية مصحوبة بعلم وتفان في العمل ، وكلما تقدم المجتمع في العلم كان القائد من طينته ، أما إذا ساد الجهل والفقر ، فكبر على هذا المجتمع أربع !
عذراً التعليقات مغلقة