المدامقة والمصاداة وخطورتهما على المجتمع

آخر تحديث : الخميس 29 سبتمبر 2022 - 9:40 صباحًا
المدامقة والمصاداة وخطورتهما على المجتمع

الدكتور محمد عياش

 
يصدف أن يشبه الإنسان في حياته اليومية كمفتاح المروحة من واحد إلى خمسة ، فكل كبسة ( طقة ) تختلف عن الأخرى ، تارة تراه شيخ زمانه وعلى مواعظ وفتاوي وحركات وهمزات ولمزات كلها قدسية وروحانية ، وهو أبعد كل البعد عن هذا الجو ، وكل ما يتفوه به عبارة عن مصاداة بمصاداة ( ترديد ) لا أكثر ولا أقل ،  وإذا ما صادف صاحب كار ساقط يتساوق معه حتى العظم ، وهو سريع التبدل والتلون ، بمجرد أن ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فإنه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة فهو عندما يكون فردا ً معزولا ً ربما يكون إنسانا ًمثقفا ً متعقلا ً ولكنه ما إن ينضم إلى الجمهور حتى يصبح مقودا ً بغريزته وبالتالي همجيا ً .

إن غالبية البشر من المدامقين ، أي أنهم يدارون بعضهم البعض وفي هذه الحالة تظهر المصلحة ، تظهر بمظاهر شتى ، ولا تحتاج إلى الإشارة إليها ، فأهل المدامقة مضطرون كل الاضطرار مع استمرار الفساد والنفاق … والعلاقة الاجتماعية وخصوصا ً بين الأقارب تزداد هذه الظاهرة فالغالبية ظلمة مستترون إذ تفوح منهم رائحة الحقد والغيرة والحسد .. وربما متسلقون وصوليون لغايات استكمال النقص والاحتياجات الغير مكتملة ، والتعويض على ظهر الأقارب الذي يخشون من فساد العلاقة .

ما يغذي هذه المظاهر هي القصص التي تتحول إلى أساطير ، فمثلا ً ، يحكى بين الناس قصة قصيرة يرويها شخص يريد من تدويرها وتحويرها ، إلى استثمارها أفضل استثمار في حياته الراهنة فمثلا ً رجل قتل كلب بحجر أصابه في رأسه . هذه مصاص القصة أي أصلها الحقيقي ، وصلت إلى الأجيال آخر ما وصلت إليه على أنه ضبع ، ويمكن مع قادم الأيام ( فيل ) وهكذا هي الحالة الميثولوجيا عند بعض البشر ، فالأرض الذي يملكها الأجداد كانت على مدى النظر طبعا ً مع السير على الأقدام ، يعني أن الكرة الأرضية هي ملك أبائه وأجداده ! يكون المستمعون مدامقون مع الشك طبعا ً ، يعلمون أن المتحدث كذاب أشر ، ومدلس ، لكن من غير المجدي أو في معادلة المنفعة للنقاش والاعتراض لأن تكاليف السكوت أقل بكثير من الحوار .

المدامقة مرض خطير يهدم المجتمعات برمتها ، فهو الشيطان الأخرس ، والمكاشفة والاعتراض وأحيانا ً النقد البناء هو اللازم والمهم ، حتى يقف الإنسان عند الأخطاء والوساوس ، وبناء المجتمع يجب أن يبنى على أسس متينة فالخطأ هنا مرفوض بالمطلق ، لأن أي لبنة ضعيفة في أي جدار تبقى مصدر قلق ورعب في البنيان ، على حسب «مورفي» , وعلى سبيل المثال لا الحصر ، قضية فلسطين ، هذه القضية التي تشغل العالم ، لو أنها أخذت حقها كما يجب ، وبقيت على أن هناك احتلال جاء من أصقاع الأرض وحط رحاله في هذه الأرض المقدسة التي تعتبر مهمة للعالمين الإسلامي والعربي ، وبالتالي التحريم على كل هذه الدول من العالمين التعامل أو مجرد التفكير في أي علاقة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ، لأن العدو الصهيوني بأمس الحاجة لها للانخراط في تأكيد الأراجيف والأساطير الكاذبة والترويج للدعاية بأنه الشعب المظلوم ، والأخطر من ذلك كله أن يتحول المطبعون إلى حالة المصاداة ، فترى قنواتهم تصف الشهيد الفلسطيني بالقتيل ، وصواريخ المقاومة بالعبثية والعنف الفلسطيني الوحشي ، وزاد الطين ماء ً الدعوات إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر معاهدات اقتصادية تخرج الفلسطينيين من دائرة العنف إلى البناء والازدهار على حد تصورات «كوشنير» وإدماج العدو الصهيوني بهذه النظرة الضريرة !؟ .

دائرة المخاطر والمخاتلة الصهيو – أمريكية ، مستمرة باستمرار هؤلاء المدامقون الصامتون المطبعون مع المشروع الصهيوني ، اللاهثون وراء أفضل العلاقات مع هذا العدو الذي في إستراتيجيته القضاء على الاقتصاد العربي وتدميره وإزاحته من وجه الامبريالية العالمية التي تريد للوضع العربي في أضعف حالاته ، ومن يريد أن يتأكد فليتابع العلاقات المغربية – الإسرائيلية وبوادر الأزمة الناشئة من التدخلات بالشؤون الداخلية للمملكة ، وطرد السفير الإسرائيلي .

لا بد من رفع الصوت عاليا ً ، وإلغاء المصاداة أي الترديد ، أن إسرائيل دولة يمكن التعامل معها وفق برتوكولات الدبلوماسية المتعارف عليها بين الدول ، لأنها لا تحترم لا مواثيق ولا معاهدات فقراءة متأنية للتاريخ اليهودي بالنكوص والتنصل من الوعود وعدم الوفاء كفيلة بإيجاد الإجابة الكافية والشافية  .. الخ .  

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com