بقلم: الدكتور نزار محمود
ما يجري اليوم من “حوار وطني” في العراق هو ليس بحوار وليس بوطني! لماذا؟الحوار مفهوم له ما يعنيه ويحتاج الى اشتراطات ويسعى إلى أهداف لا تتطابق بالضرورة مع أهداف مسبقة لأي طرف.اطراف “ الحوار الوطني” العراقي يجلس كل منهم مدافعاً ومناوراً لتحقيق أهدافه أو على الأقل كسب الوقت والحفاظ على مكاسبه وفي الغالب غير المشروعة.
بالأمس أسمع المتحدث باسم مجلس الوزراء العراقي وهو وزير الثقافة الدكتور حسن ناظم، والذي قيل انه وزير من خارج المحاصصة الطائفية الا انه شيعي من كربلاء. وهو، والحق يقال، متحدث يتمتع بالرزانة واللباقة واللغة النظيفة ، أشار الى ما تناوله “الحوار الوطني” الذي يهدف الى تنقية أجواء الخلافات والتناحرات السياسية بين اطراف “البيت” الشيعي في الواقع وتحديداً بين الإطار والتيار! بيد ان فرسان “الاطار” لا زالوا متمسكين بحقهم في تشكيل الحكومة الجديدة التي ستعمل على انتخابات مبكرة وبمرشح حزب الدعوة ودولة قانون المالكي، محمد شياع السوداني، وهو الفتيل الذي أشعل فتنة الاقتتال يوم ٢٩ من الشهر الماضي! وهنا يحضرني المثل الشعبي: تيتي تيتي، مثل ما رحت مثل ما جيتي!
أما موضوع تسمية الحوار “بالوطني” فهو الآخر خداع وضحك على الذقون. ان غالبية أطراف “الحوار الوطني” اذا لم تكن جميعها، هي أطراف تحمل حقائب تعليمات سادتها من خارج الوطن العراق أو التي لا تنتمي اليه فعلياً! فكلما وصلوا الى طريق مسدود عادوا الى المرجعية الطائفية المرتبطة بايران سراً وعلناً، أو الدعوة الى دستور “بريمر” الأمريكي الغازي والمحتل المفتت لشعب العراق ووحدته، ناهيك عن حضور بلاسخارت، وما أدراك من هي بلاسخارت، لورنس العراق الحديث!
ما يؤسف له هو حال شعبنا المسكين، المغلوب على أمره، الراكض وراء لقمة العيش والأمل الوهم في حكومته وبرلمانه وأحزابه، ناهيك عن ضياع منظومة الاخلاق الوطنية والهوية العراقية.كما ان ما يثير الشفقة كذلك هو عازف العود الجالس على الأرض في سوق الصفارين حيث لا يسمع نغماته أحد، لينطبق عليه المثل كذلك:عبال مين، يا اللي بترقص بالعتمة!
برلين، ٦/٩/٢٠٢٢
عذراً التعليقات مغلقة