ربيع الحافظ
مؤسسة الموصل / الأمين العام
استفتاء أوكرانيا تحت الاحتلال الروسي في بداية الحرب العالمية الثالثة لا يختلف عن استفتاء الموصل تحت الاحتلال الانكليزي في نهاية الحرب العالمية الأولى في منظور المواثيق الدولية.
استفتاء الموصل بلغة الوثائق
[وفقاً لوثائق مفوضية عصبة الأمم للبت في مصير الموصل بين بريطانيا وتركيا في عام 1925 وتقارير المسؤولين الإنكليز فقد أخفق الاحتلال الانكليزي بعد سبعة أعوام (منذ احتلال الموصل عام 1918 وحتى غاية 1925) في ثني أهل الموصل عن هويتهم كعرب عثمانيين وأخفق في إقناعهم بمفهوم الدولة القومية … ولجأت بريطانيا إلى اعتقال المتعاطفين مع تركيا والمثقفين المفوهين وتلقين العامة ما ينبغي أن يقولوه امام مفتشي بعثة عصبة الأمم وشجعت المظاهرات المؤيدة للدولة العراقية ووزعت الأعلام العراقية والشارات التي ألزمت الاهالي بوضعها على الصدر (بمن فيهم المؤيدين لتركيا).
المفوضية حملت بريطانيا مسؤولية تأجيج الأجواء وقيام عناصر الشرطة والمخابرات بمتابعة مفتشي المفوضية أينما ذهبوا لاسيما مقابلاتهم مع أهل الموصل، وفي المقابل منعت المسؤولين الذين مثلوا الجانب التركي من مرافقة مفتشي عصبة الأمم واعتقلتهم وراء أسلاك شائكة… سجلت المفوضية دهشتها من البناء الاجتماعي للموصل الذي يقوم على أساس الأسر والمحلات والدين والمهنة واللهجة أكثر مما يقوم على القومية كما سجلت تعاطف الفقراء مع تركيا على نحو يثير المشاعر.
على مدى سبعة أعوام قطعت بريطانيا العلاقات التجارية والاجتماعية بين الموصل وسوريا وشرق تركيا وحولت نظامها الاجتماعي والاقتصادي نحو مناطق الانتداب جنوباً في بغداد والبصرة. في النهاية ومع حلول عام 1926 كانت بريطانيا قد أوجدت أوضاعاً إدارية واقتصادية جديدة توافقت مع رؤية مفوضية عصبة الأمم لإقليم الموصل]
*من كتاب “الموصل قبل العراق”، والورقة البحثية “الموصل: التركة العثمانية وعصبة الأمم” وهي مجموعة أوراق وتقارير لمسؤولين بريطانيين وأوربيين في زمن الاستفتاء للمؤرخة الأمريكية المتخصصة بتاريخ الموصل سارة شيلدز
لم تكن الموصل تختار بين عروبة العراق وتركية الأناضول وإنما بين النظام الاجتماعي (الذي جعلها عاصمة إقليمية لرقعة واسعة من القوميات والأديان ذات نظام اقتصادي عالي الكفاءة) وبين انتماء قومي مغلق سيجعلها مدينة ثانوية في مجتمع محلي ويجردها من عمقها الحيوي الاستراتيجي والاجتماعي والاقتصادي الإقليمي.
العالم على أعتاب حرب عالمية أخرى وهو موعد اعادة رسم الخرائط السياسية ومع غياب الدولة تصبح خيارات الموصل التي تحتلها إيران ويتآكل مجتمعها محدودة جداً.
ربيع الحافظ
مؤسسة الموصل/ الأمين العام
عذراً التعليقات مغلقة