الدكتور محمد عياش
– كاتب ومحلل سياسي
الكيان الوحيد في العالم الذي تطارده كوابيس النهاية الحتمية , وتؤرقه كل الحركات والتحركات في محيطه , ولا يستطيع أن يعيش دون العدوان على دول الجوار في كل مرة يشعر فيه بأن أمنه مهدد , وهو الذي يراقب كل سياسات العالم وحكامهم , وحتى غالبية الفعاليات صغيرها وكبيرها ويقيسها على مقياسه الأمني !.
كيف لا يشعر بالقلق وهو القائم على جماجم الشعب العربي الفلسطيني , وهو الذي تميز عن سابقيه في الإجرام بإبادة العائلات من الطفل حتى الكهل مرورا ً بالنساء والبهائم .. وكيف لا ينتابه القلق وهو قائم على أرض تختلف كل الاختلاف مع عاداته وتقاليده , وتحيط به عادات وتقاليد هي نفسها للشعب الذي اقتلع من أرضه وتم تهجيره وتشريده في باقي الدول العربية ..
ذات يوم راقبت ” غولدمائير ” ، “بن غوريون “وهو ينظر بحرقة تجاه الحدود مع سوريا ،وسألته : مالي أراك متجهم الوجه ؟ فأجابها :” كيف لا أكون كذلك والدولة الناشئة تعيش في محيط كله أعداء ” . عاموس عوز , أديب إسرائيلي أكد ” إن إسرائيل تقف قريبا ً من الهاوية ، وأن مستقبلها سيكون أسود ” , واصفا ً المجتمع الإسرائيلي بأنه ” متصدع “. وعن العلاقات السائدة فيه علاقات تشوبها ” الحذر” وهناك دعوات من داخل المجتمع تدعو جميع الإسرائيليين لممارسة أعمالهم اليومية بشكل طبيعي , وأن الحكومة قادرة على إحداث التوازن بين المشاكل الخارجية والداخلية . جاء كلام عوز , من خلال مقابلة مع القناة الثانية بمناسبة كتابه الجديد ” البشرى وفق يهودا ” , وأردف أيضا ً بأن الواقع الإسرائيلي سيء جدا ً رغم كل المحاولات الرامية لإظهار العكس , وأن الصهيونية ليست بحال جيدة , وتقف قريبا ً جدا ً من الهاوية , لأنه وبدون حل الدولتين ستقوم إما دولة أبرتهايد عنصرية أو دولة عربية , وفي كلتا الحالتين سيكون المجتمع الإسرائيلي منهارا ً .
انتقد عوز عصابات ” فتيان التلال ” و ” تدفيع الثمن ” وقد وصفهم بالنازيين , مشددا ً “لا أعتذر عن تسمية مجموعة إسرائيلية بالنازيين الجدد ، لأن هناك الكثير من التشابه بينهم وبين تلك المجموعات في أوروبا , هؤلاء يحرقون المساجد وهؤلاء يحرقون المساجد ” . ونحن بدورنا أكثر الناس معرفة بهذا العدو الذي قام مؤخرا ً بالعدوان على قطاع غزة أباد العائلات ودمر البنية التحتية لمعظم المدن والمحافظات ..
وكما هو معروف لا نية للاحتلال بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني , وكل ما يمارسه على الأرض يعطي مؤشرات بتثبيت احتلاله وتوسيعه على حساب السكان الأصليين , وعن المفاوضات باعتقاد الجميع قد ماتت ولن تعود , وهذه المرة جاءت القناعة من الطرف الفلسطيني الذي تجرع كأس المر من مفاوضاته العقيمة التي لم تجن ولن تجدي مع احتلال تنكري إقصائي بهذا الشكل .
إن ( إسرائيل ) مهما حاولت وراوغت من جهود لإيجاد صيغة ترضي الفلسطينيين لن تتكلل بالنجاح , فهي مجبولة على التوسع من جهة , وتعتمد بسياساتها على تفسيرات تلمودية خرافية ..والحديث عن القديم من الزمان وحضورها في المنطقة قبل العرب من جهة أخرى , وهي بالتالي تنفي الصلة العربية بالأراضي المقدسة , واستحالة التراجع عن المشروع الاستعماري لو كلفها الأمر احتلال باقي الدول العربية تنفيذا ً وترجمة ً لأيديولوجيتهم المزعومة .. لذلك تأتي تخوفات الأديب الصهيوني عوز , وهو العارف والقارئ جيدا ً في بطون الكتب , وعن معرفته التامة بكيفية انتهاء الامبروطوريات مهما بلغت من القوة . أما نحن أصحاب القضية , فاعتمادنا على عدالتها بالدرجة الأولى , ويقيننا, السير وفق زمن ومتغيرات لا بد نهاية المطاف أن تنصف الشعب المظلوم , وتساعد على الخلاص من ربقة العدو الصهيوني الغاشم الذي يختلف كل الاختلاف مع السكان الأصليين فلا الأرض تشبههم ولا الجبال ترضى بهم وحتى الحجر في آخر الزمان سينطق ويلعنهم .
عذراً التعليقات مغلقة