هل من استراتيجية جديدة في اقليم كردستان لمواجهة التحديات؟

آخر تحديث : الخميس 13 أكتوبر 2022 - 3:41 مساءً
    هل من استراتيجية جديدة  في اقليم كردستان لمواجهة التحديات؟

 محمد واني

 حاولت الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية الهائلة التي مارستها على سلطات إقليم كردستان بدعم مباشر من ايران ، بهدف تدجينها واخضاعها لاجندتها السياسية ، ولكنها قاومت تلك الضغوطات واحتفظت بخصوصيتها السياسية والقومية وحقوقها الدستورية في ظل نظام اتحادي فدرالي ، ورفضت بشدة الدخول في محاور طائفية وان تكون قوة تابعة وجاهزة تحت الطلب لاي دولة إقليمية ، واصرت على هذه السياسة رغم الاغراءات والتهديدات المستمرة ، وظلت عصية على التطويع والاستسلام وتتمتع باستقلالية في إدارة سياستها وتتعامل بنوع من الندية مع بغداد ، وانتهجت سياسة اقتصادية مستقلة نوعا ما في زمن رئيس الوزراء السابق ورئيس الإقليم الحالي “نيجيرفان بارزاني” من خلال اصدار قانون الاستثمار عام 2006 ودعوة الرأسمال الأجنبي الى التدفق نحو الإقليم والاستثمار في مدنها التي شهدت انماءا عمرانيا واقتصاديا واسعا في غضون سنوات قليلة وانتعشت حركة التجارة حتى وصل حجم التبادل التجاري بين إقليم كردستان وتركيا يوما الى 15 مليار دولار،  اما بخصوص الاستثمارات النفطية ، فقد تدفقت عشرات الشركات النفطية العالمية الكبرى الى الإقليم حتى ارتفع إنتاجه من النفط إلى 580 ألف برميل يوميًا .

وعندما ضاقت سلطات الإقليم ذرعا بالسياسات العدوانية للأحزاب الشيعية وميليشياتها وعقوباتها الاقتصادية الجائرة و وبعد ان غلبت حمارها معها اتجهت الى الشعب ليتخذ قراره المصيري بتحديد نوع العلاقة  مع بغداد ، اما البقاء معها و تحمل رزالتها ، واما الانفصال عنها من خلال  عملية استفتاء جرت  في 2017 ، فاختار الشعب الاستقلال والانفصال عن بغداد “الازمات!”وحاول الابتعاد عن الشر على وقع اغنية راشد الماجد ؛ “ابعد عن الشر وغنيله” ولكن الشر لم يبتعد عنه وظل يطارده ويدخل في عقر داره على شكل الدرونات والصواريخ! 

كان الاستفتاء ضربة قاصمة للقيم المألوفة البالية التي تجذرت في عقلية أنظمة الحكم في المنطقة وتمردا صارخا على المعادلة الدولية والإقليمية والاستراتيجية الغربية التي قسمت المنطقة بهذا الشكل الجائر. والاهم ان الشعب الكردي كله “93%”اجتمع في صعيد واحد ليصوت للاستقلال لأول مرة في تاريخه المعاصر ، ونبذ الحزبان المتصارعان الديمقراطي والوطني الكردستانيان خلافاتهما التاريخية جانبا واجتمعا على قلب رجل واحد للتصويت على الاستقلال والايذان بانتهاء التبعية! 

ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه … تجري الرياح بما لا تشتهي السفن!

رغم الرفض الاممي والامريكي لنتائج الانتخابات “الشرعية” ، فان الاستفتاء يظل يعتبر علامة فارقة في حياة الشعب الكردي الذي قرر ولأول مرة الخروج عن الوصايا الدولية ومعادلاتها الاستراتيجية في المنطقة والتخلص من البؤرة السرطانية في بغداد واسدال الستارة على حقبة تاريخية دموية مع أنظمتها القمعية المتعاقبة الى الابد… كان من الممكن جدا ان ينجح الاستفتاء ويصبح امرا واقعا لولا خلافات البيت الكردي وانشقاق في الصف الكردي في آخر لحظة . 

ربما ادرك بعض القادة ومنهم رئيس الإقليم “نيجيرفان بارزاني” الذي يسعى منذ فترة لترتيب البيت الكردي وجمع الفرقاء السياسيين على طاولة الحوار الوطني ، خطورة الأوضاع في ظل الهجمات العسكرية الوحشية التي يتعرض لها الإقليم والهوة الكبيرة التي تتسع بين الحزبين الرئيسيين يوما بعد يوم  وخاصة في مسألة اختيار مرشح لمنصب رئيس الجمهورية العراقية المخصص للمكون الكردي ، وإصرار كلا الطرفين على مرشحه ، بادر الى دعوة الحزبين الى “ابرام اتفاق استراتيجي جديد ، يتوافق مع هذه المرحلة “بدل الاتفاق “الاستراتيجي”الذي عقد بين الحزبين في عام 2007 وبموجبه تولى جلال طالباني رئاسة الجمهورية العراقية بينما تولى مسعودبارزاني رئاسة إقليم كردستان ، ولكن أمور سياسية و”انتخابية” كثيرة تغيرت في المشهد الكردستاني والعراقي ، لذلك تحتم على الحزبين ابرام اتفاقية جديدة تواكب التطورات وتعزز وحدة الإقليم”… فقوتنا تكمن في وحدتنا”.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com