قصيدتان:
فاطمة فركال
شاعرة من المغرب
1- اِنحلالُ الهوامش
لا شأن لي بالآخرين
ولا أهتمّ كثيراً
لما ستؤول إليه هذه الأرض بعدي
أمشي على دربٍ
لا يعدني بشيءٍ
وأحمِل في قلبي
أشكالَ التُّراب كلّها
أذرُوها في وَجْه المسافات .. وأهرب
فأنا ٱبنة الرّياح..
كل الجهات تَقبَلُني
وتحميني من العواصِف الغاضبة
….
أُشاغِب اللغة كلَّ ليلةٍ
أبحث عن مفرداتٍ جديدة
لملء الفراغ الشاسع
بين المعنى وصوتِه
بين الكلماتِ….
ووجهها في المرآةِ
كيف أستطيعُ أن ألامس سقف اللغة
دون أن تنهار المجازات فوق رأسي
..
دون أن تنحلّ هوامشُ الحروف
وتختلط ببعضها..
فأسبّب أزمة عالميةً جديدة
يكثر فيها الصّراخ.. وسوء الفهم
أعود إلى طفولتي
أحاولُ التعلّم من جدتي
كيفيّة التّحايل لسرد القصص
ومن أمي البسيطة
كيف تكون الولادةُ الطبيعيّةُ
عسى أن أنجب يوماً
قصيدةً سليمة..!
أظل هكذا أتعلّق بأكمامِ الشّعر
وأرسمُ خطة محكمة للإيقاع به
لكنّه مزاجيٌّ محظوظ..
يفلِت دوماً من المَصيدة
ويترُكني أصافحُ الصباح
بنظرة شاردة
وأسطرٍ مبتورة
2- وشمٌ من كحل قديم
وارسمني على شغاف ٱلقَلب
لوحةً لا يفسِّرها غيرك
وٱجعل ألواني غامقةً
فلا يمحوني المطرُ
حين يعصِف بنا زخُّ الحَنين
وٱنقشني على جدارِ الرُّوح..
وَشْماً من كُحلٍ قديم..
برموز عصيّة على الفهم..
وٱمنحني سرَّها وحدي..
كخرائط كنزٍ في كهوف الأَوّلين
تماسك ..
حين ينفجرُ بداخلك الغضب
وأصدُق نداءَ الكبرياء
ابق صامداً..
حتى ينوءَ بك الغباء
هكذا
تضيّع الفرصة الأخيرة
في إعادة كتابة تاريخك
أيها القدّيس
لا تبعِ اللَّهفة الجاثمة على صدرك
منذ آلاف السنين..
تصدّق بها على ٱمرأة ليل
واقتطع لنفسك من الحياة
مساءَ ٱنتشاءٍ كاذبٍ
يُعينك بعدها على جلد الذّات
هكذا تكون طقوس الاعتراف
ممتعةً أكثر
كن سريعا
وأنت تهرب من عطري..
علّك تصطدمُ في المنعطف الأخير
بنجمةٍ هاربةٍ من حتفها الأخير
هكذا
تقتلان بعضكما بشرف
اُنفثني في سماِء اللَّيل دُخاناً
تتكاثَف فيه الصُّور
والتزِم الصمت..
حتى لا تبوحَ بمكنون الفراشة..
التي حطّت قريبا من قلبك
هكذا
يموت في قلبك سرّ الربيع
أكمل لوحتك وتأملني جيّداً..
أنا أنتَ
…
في الجانب الآخر
والألوان بيننا شاهدة
أنَّ النزف الأخير..
هو لونٌ تمرّدَ
وأعلن الخروج على الإطار
ليترك أثرا على وجهك
ثوبك
روحك
فمن منّا يرسم الآخر..
أيها الذّكي ؟؟
القصيدتان خاصتان لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة