قريش:
قبل نحو 108 أعوام، وتحديداً في يوم 25 كانون الأول من عام 1914 توقفت الحرب العالمية الأولى لفترة وجيزة بين قوات بريطانيا وألمانيا، للعب مباراة كرة قدم بين الجانبين فيما عُرف فيما بعد بـ«هدنة عيد الميلاد».
كانت تلك المناسبة يوماً لا يزال الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يُذكّر به عشاق الساحرة المستديرة حول العالم سنوياً، تأكيداً لسمو المشاعر الإنسانية، وتذكيراً بشعاره: «في كرة القدم لا مكان للسياسة».
وظهر أحدث وجه لدور الرياضة في فتح باب لتلطيف الخلافات السياسية ، مع افتتاح بطولة كأس العالم «FIFA قطر 2022»، والذي شهد المصافحة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، بعد قطيعة استمرت 8 أعوام، وهو ما دعا محللين إلى تسميتها «مصافحة المونديال»، في إشارة إلى وجود احتمالية لتحسن في العلاقات المصرية – التركية.
على مدار السنوات الماضية؛ أصبحت كلمة السر هي أن «الرياضة تُصلح ما تفسده السياسة»، حيث أصبحت الأحداث الرياضية تحمل على هامشها مصالحات بين طرفيها، بعد توترات ومشاحنات سابقة بينهما.
وبالعودة إلى الواقعة التاريخية التي يفخر بها «فيفا» خلال الحرب العالمية، فإنه وبعد 57 عاماً عليها، وتحديداً في العام 1971، وصل لاعبون ولاعبات أميركيون حملوا معهم مضارب وكرات لعبة تنس الطاولة (البينغ بونغ) إلى الصين، في ذروة الخصام بين البلدين، حيث كان هذا الحدث مقدمة لزيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون للصين الشعبية في العام التالي، ولقاء نظيره الصيني ماو تسي تونغ، لتنمو العلاقات الصينية – الأميركية من بعدها، وهو ما عُرف بعد ذلك بـ«دبلوماسية البينغ بونغ»، في إشارة إلى الدور الذي تلعبه الرياضة في التقريب بين الشعوب وحل الخلافات السياسية.
واحد من المشاهد اللافتة في تلك الظاهرة السياسية – الرياضية، ظهر عبر التقارب بين الكوريتين الجنوبية والشمالية خلال «دورة الألعاب الشتوية في بيونغ يانغ 2018»، حيث شهد حفل افتتاح البطولة في شباط مصافحة تاريخية بين الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، والزعيم الكوري الشمالي كيم يو جونغ، الذي كان أول فرد في الأسرة الحاكمة يزور الجنوب منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953، في مشهد كان مستبعداً.
وجاءت المصافحة بعد عامين من التوتر الحاد بين الجارتين بسبب برامج الشمال الباليستية والنووية.
وفي خطوة سبقت المصافحة، قرر منتخب كوريا الجنوبية لهوكي الجليد للسيدات، المتأهل للألعاب الأولمبية الشتوية، بصفته منتخب البلد المضيف، ضم 3 لاعبات من الجارة الشمالية، لتشكيل منتخب هوكي الجليد الموحد لكوريا، ليشهد حفل الافتتاح أيضاً تجاورهن في منتخب موحد للبلدين تحت علم واحد.
ما دعا سيول أن تطلق على البطولة وصف «الألعاب الأولمبية رسالة سلام»، بعد أن أسهمت في تحسين العلاقات المتوترة بين الكوريتين.
سبق ذلك، في مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 1998 في فرنسا، وقوع منتخبي الولايات المتحدة وإيران في مجموعة واحدة، وهي المباراة التي أُطلق عليها «أُمّ المباريات»، وأخذت تغطية إعلامية كبيرة قبل انطلاقها، بل قال مراقبون وقتها إن المونديال أصبح مهدداً بسبب المباراة المرتقبة بينهما.
ومع مراسم ما قبل المباراة، وحيث تتأهب العدسات لنقل ما سيجري، أهدى اللاعبون الإيرانيون باقات زهور بيضاء لخصومهم الأميركيين، كرمز للسلام.
وتحمل بطولة كأس العالم «FIFA قطر 2022» مواجهة المنتخبين مجدداً، لتعيد للأذهان مباراة مونديال 1998، كما أجبر «فيفا» الجانبين أيضاً على العمل معاً من خلال طاقم تحكيمي أميركي – إيراني، أدار مباراة كولومبيا واليونان في مونديال البرازيل 2014.
عذراً التعليقات مغلقة