د . محمد عياش
– كاتب وباحث سياسي
اخُتتمت القمة العربية في العاصمة الجزائرية ، الجزائر ، يومي /1 – 2 / نوفمبر تشرين الثاني2022 ، و شعارها أو عنوانها ، «لم الشمل العربي» ، وحل الخلافات بين الدول العربية ، هذا الاجتماع يُدرج ضمن إستراتيجية الإطار أو البرواز ومكانه تحت الطاولة ، بمعنى أي نجاح لا يمكن له أن يخرج عن المألوف سوى الحسابات الهابطة في المكان الخطأ .
الشعب العربي من المحيط إلى الخليج أو العكس ، لا يُعير أي انتباه لمثل هذه القمم ، لأن صورته الذهنية عنها مغلفة بالفشل ؛ لأن له تجربة ثلاثين قمة سابقة لا قدمت ولا أخرت ، والقضية الفلسطينية المركزية التي وغالبا ً تتصدر القمم ، وتأخذ حصة الأسد لم يطرأ عليها أي جديد ، بالعكس تماما ً في كل قمة تخسر الكثير من الأرض والأرواح .. والبيانات الختامية لا ترقى ومستوى الدم الفلسطيني المستباح صهيونيا ً .
الدعوة إلى قمة عربية ، بمثابة استحباب العذاب ، لأن الإنجازات في السلم البياني العربي يسجل هبوطا ً ، وبالتالي الاجتماع على سجل الكوارث يمثل العزاء والرثاء على مجد الأمة السليب ، فمن غير المعقول أن تلتقي الدول العربية وتخرج كالعادة ببيانات شبه مكتوبة في مجلس الشيوخ الأمريكي أو البنتاغون ، إرضاء ً لإسرائيل وطمأنتها بأن الوضع يبقى على حاله .
أكثر شيء ابتليت به المنطقة العربية هو « فقدان الذاكرة» ، والتعالي على الجراح والآلام التي سببته إسرائيل منذ اغتصابها للأرض العربية وقيام الكيان الغاصب على أرض فلسطين التي تعد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، هذه المكانة تكفي لأن تتفق الدول العربية على عدم التعامل مع هذا الكيان الكولونيالي ، وعلى الأقل اصطحاب كل رئيس دولة عربي وزير دفاعه بلباسه العسكري ، في رسالة واضحة للكيان الصهيوني ، أن الغضب العربي حاضر وعلى أعلى مستوياته ، وكذلك السلاح الذي صرف عليه تريليونات جاهز لأي طارئ .
سُئل العبدُ ، إذا حصلت على كثير من المال ، ماذا تفعل ؟ أجاب سوف أشتري أفضل سيد ! هذه سياسة العبيد التي ابُتلينا فيها ، العصا الأمريكية الغليظة تكاد تكون حاضرة فوق رؤوس هؤلاء المجتمعون على عذابات شعوبهم الطامحة والمتطلعة إلى حياة أفضل فيها من الكرامة والحرية ومواكبة كل التطورات العالمية والمنافسة في شتى المجالات ، وقراراتهم لا تساوي الحبر الذي كتب فيه .
القمة العربية التي أتصورها في مخيلتي ، هي التي تجتمع على إستراتيجية ذات أهداف واضحة ، على خلفية إنهاء الخلافات بين الدول ، ورسم معالم دفاعية مشتركة ، وبروز الغلظة فيما يخص الدفاع عن الحقوق الشرعية ، ومؤازرة أي دولة عربية تتعرض للعدوان أو النيل من هيبتها ، والحضور دائما ً على أعلى مستوى ، ومنع غياب أي دولة مهما كانت الظروف ، والخروج بقرارات ترضي الشعوب العربية ، قرارات فيها حزم وصرامة ، لاسيما بالعمل المشترك نحو الأهداف المصيرية التي من شأنها أن تحفظ العيش الكريم والاندماج مع العالم ضمن القوانين والمقاييس العالمية .
عذراً التعليقات مغلقة