جبار عبدالزهرة
النجف- العراق
كل حرب تنتج عنها عديد مفاجآت واهمها ثلاث ،الاولى منها هي ايقاف الحرب لتجنب المزيد من التضحيات والخسائر ،والثانية التوصل الى وقف مؤقت لاطلاق النار ويتبعها حالة من الخوف والترقب خاصة بين اوساط المجتمع المدني، والثالثة هي وصول نيران الاطراف المتحاربة الى دول اخرى مجاورة او غير مجاورة وهي الاخطر لانها تؤدي الى التصعيد في مستوى القتال وعلى الاخص اذا دخلت هذه الدولة في الحرب كما حصل في التاريخ القريب ، عند دخول اليابان في الحرب العالمية الثانية الى جانب المانيا ووجهت ضربة عنيفة للاسطول البحري الامريكي في استراليا 0
وعليه فانه منذ غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاراضي الاوكرانية قبل تسعة اشهر فقد رافقت حوادث عنيفة ومهمة مسار هذه الحرب المستمرة الى اليوم ، انتجت الكثير من المفاجآت غير المرغوب فيها والمؤلمة والقاسية على مستوى البلدين المتحاربين وحتى انعكاساتها السلبية على مستوى مصالح العالم وهكذا هو شان كل حرب تجر الويل والثبور وتجلب الاذى وتدهور الاوضاع الى القريب والبعيد 0
واليوم تثار بشكل مخيف من قبل الاطراف المتحاربة والداعمة لكل طرف منها آخر مفاجئة ملموسة وغير متوقعة او غير محسوبة ولكنها في جميع الاحوال تكون غير سارة وهي سقوط صاروخ على الاراضي البولندية القريبة من الحدود الاوكرانية ودفع هذا الحادث المروع الذي ادى الى مقتل مواطنين بولنديين بوارسو الى التاهب ورفع درجة جهوزية بعض قواتها تحسبا واستعدادا للمفاجئات ومن جانبها فقد هددت دول حلف الناتو بالتصعيد طبعا ضد روسيا 0
ولكن اللافت للنظر هو موقف الادارة الامريكية الداعي الى التهدئة ونبذ التشنج والتخلي عن التصعيد العدواني الذي تجلى في تصريح الرئيس الامريكي بهذا الشان والذي اكد فيه جو بايدن استبعاد تورط روسيا في هذه الواقعة واضاف ان مسار الصاروخ يؤكد انه لم يطلق من روسيا وهو يدل على ان امريكا لا رغبة لها في جر نفسها وحلفائها في الناتو الى التدخل المباشر بالحرب وقد اقتصر دورها والناتو على تقديم المساعدات المالية واللوجستية لاوكرانيا منذ بداية الحرب الذي اتهم فيها بعض المهتمين بشانها امريكا في سعيها لاطالة امد هذه الحرب خدمة لمصالهحا في اضعاف روسيا من الناحية العسكرية وكذلك من الناحية الاقتصادية المترجمة واقعا في فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية على روسيا 0
ومن الداعين الى التهدئة ونبذ التصعيد والتخلي عن الاستفزاز هو الرئيس البولندي أندريه دودا الذي افاد في تصريح له قائلا :- من المعلومات التي لدينا نحن وحلفاؤنا، كان صاروخا من طراز إس-300 السوفيتي الصنع، وهو صاروخ قديم ولا يوجد دليل على إطلاقه من الجانب الروسي0
هذه قضية عسكرية حساسة جدا تتعلق بشكل كبير بالامن القومي لدول مجاورة لاوكرانيا وكل الاطراف ذات العلاقة بهذه المسالة محقة بالبراءة مما حصل ومتهمة به ايضا وان الطريق الافضل في معالجتها هي اللجوء الى التحقيق الدقيق والتحري الواسع بها فاوكرانيا وحلف الاطلسي ممكن اتهامهما بافتعال هذه الواقعة من اجل استغلالها في تصعيد مستوى الحرب مع روسيا بدفع الدول الاعضاء في الناتو للمشاركة المباشرة في الحرب الى جانب اوكرانيا من طريق تفعيل مبدا الدفاع الجماعي للناتو وبذلك تتخذ الحرب مسارا خطيرا على السلم والامن العالميين0
ومن التصريحات التي يتبين فيها رغبة المسؤول في التصعيد هي اللهجة الاستفزازية تجاه موسكو التي يتبناها في تصريحاته امين عام حلف شمال الاطلسي الذي لا يتراجع في كلامه عن سيناريو صناعة تهمة ضد روسيا ومن ذلك اصراره على إن موسكو، وليست كييف، هي المسؤولة عن اندلاع الحرب في المقام الأول بغزوها جارتها في فبراير شباط وإطلاق عشرات الصواريخ، الثلاثاء، مما أدى إلى إطلاق الدفاعات الأوكرانية.صواريخ لاعتراض صواريخ كروز الروسية 0
و هناك تصريحات لمسؤولين يشم فيها المتابع لها رائحة صب الزيت على النار وياتي في المقدمة منهم الرئيس الاوكراني فلاديمور زيلينسكي الذي قال حسبما أفادت به وسائل إعلام أوكرانية يوم الأربعاء الماضي أن الرئيس زيلينسكي رفض النظرية التي تبرئ ساحة روسيا من الواقعة وتعلق المسؤولية عنها برقبة بلاده اوكرانيا قائلا : ( ليس لدي شك في أنه لم يكن صاروخنا”. وأضاف أنه بنى استنتاجاته على تقارير من الجيش الأوكراني –لا يمكنه إلا أن يثق بها —
وفي ذلك من التصريحات الموقفية تهديد خطيرللحياة البشرية بعواقب وخيمة وكوارث فضيعة لذلك فاللجوء الى دراسة وضع الواقعة بتاني امر اكثر من ضرور من اجل تحديد الجهة المسؤولة عنها والحكم بتقصيرها وادانتها ومعاقبتها دوليا من اجل ردعها من تكرار هذا العامل العدواني غير المبرر اطلاقا ونامل ان تعدي الامور على خير لصالح البشرية التي بلغ عدد نفوسها خلال هذا العام ثمانية مليار انسان 0
ومما يبشر بخير في انفراج هذه الازمة هو تراجع المخاوف من اتساع رقعة الحرب بعد حادثة سقوط ذلك الصاروخ داخل الاراضي البولندية وكانت الحصيلة النهائية مقتل شخصين قد عدلت الاطراف المعنية بالامر رايهم في الجهة التي اطلقت هذا الصاروخ والتي اشارت في بداية الامر الى اتهام امريكا صاحبة الطرح المعتدل في هذه القضية واوكرانيا وحلف الناتو لروسيا في اطلاقه وكان التعديل الذي جرى على مدعاة الاتهام انه كان صاروخا طائشا وهذا يعبربشكل مفضوح عن الازدواجية والتعامل بمكيالين من قبل امريكا وحلفائها مع الاخرين استنادا الى قربهم من او بعدهم عن مصالح هذه الاطراف 0
غير انه عندما تاكدت الادارة الامريكية وحلف الناتو ان الصاروخ قد اطلق من اوكرانيا من قبل دفاعات الجو الاوكرانية لاعتراض صواريخ كروز الروسية فانحرف عن مساره نتيجة خلل فني علما بان المقذوفات وانا من المتخصصين فيها سواء كانت جو—جو او ارض – جو او جو—ارض فيها نسبة خطآ قد تصل الى (+) او (—) عشرة % من دقة المقذوف في اصابة الهدف الذي تم توجيهه اليه من هنا يكون الصاروخ قد تعرض الى هذه النسبة من الخطآ فسقط داخل ارض بولندة المجاورة لاوكرانيا 0
لقد سارعت الدول المشار اليها رغم اصرارها على اتهام روسيا باشعال نار الحرب الى التعديل كما سبقت الاشارة في لهجتها السياسية والدبلوماسية المتشنجة ضد روسيا والتخفيف منها الى مستوى يبعد الخطرعن اوربا والعالم بعد ان تاكد لديها بما لا يقبل الشك ان الصاروخ اوكراني وليس روسيا 0
ويبقى من الاحتمالات الواردة والمتوقعة في حسابات الحرب وطبيعة مسارها ان الخطورة في تطورها الى حرب نووية تبقى قائمة رغم ان الاستخبارت الامريكية والاستخبارت الروسية في اجتماعهما في العاصمة التركية انقرة اكدا من انه ليست هناك محاولة ولا نية لدى بلديهما من اللجوء الى الحرب النووية لكن احتمال تطورها نحو الاسوأ نوويا او عالميا يبقى واردا 0
وكذلك احتمال خمود جذوة نار هذه الازمة يبقى واردا أيضا بجعل الراي القائل بانه ( صاروخ طائش ) خلفية لكل موقف معادي او متناغم مع هذه الطرف او ذاك من اجل احتواء حالة الخطر الذي اقلق العالم وارعبه وهو عالم يعيش في مازق من القلق والرعب بسبب ازمة الغذاء والطاقة العالميتين ثم قد يجمع بين روسيا واوكرانيا الى ال
جلوس حول طاولة التفاوض من باب (رب ضارة نافعة)
عذراً التعليقات مغلقة