توقيع
د . فاتح عبدالسلام
المعادلة لا تستقيم، الدول الكبرى تريد من دولة قطر تعاوناً أمنياً وعسكرياً في قلب الخليج العربي الساخن، وتهرع إليها لإدامة تأمين امدادات الطاقة الى أوربا وبقية العالم عند كل أزمة دولية، من دون أن يتذكر واحد من بين المسؤولين الدوليين تلك الملفات الثلاثة التي يتأبطونها منذ شهور في الحملة الساذجة على الدوحة المستضيفة لبطولة كأس العالم بكرة القدم، وعناوين الملفات الساخنة هي معاملة العمّال الأجانب والنساء والشواذ جنسياً.
أولاً، إنّ الحملة المعادية لتنظيم دولة عربية المونديال كحدث تاريخي واستثنائي تشتد وتتسارع بالساعات وليس بالأيام فقط مع اقتراب انطلاق صافرة حكم مباراة الافتتاح، على نحو يشي بسهولة بما تحته من أهداف وأجندات معظمها ابتزازي.
كما انَّ دولة قطر التي نالت شرف تنظيم المونديال وتحرص على اظهار هويتها العربية والإسلامية في الاعداد والتنظيم والتنسيق، بما يمنح العرب والمسلمين زخماً من الفخر والاعتداد بالنفس على المطاولة والتحدي والانجاز، لم تنل مؤازرة على مستوى لائق من الاشقاء العرب الذين لم يفهموا حتى الان انَّ استهداف دولة قطر اليوم هو استهداف لدولهم في أي مشروع أو انجاز تنافسي على مستوى عالمي مثير للاهتمام في المستقبل.
مونديال قطر مفخرة للعرب جميعاً، وعلى العالم أن ينظر اليه كمفخرة له أيضاً، فذلك يقع في صلب العولمة التي يتبناها العالم الغربي، إنْ كانت العولمةُ حقاً هي المشاركة التفاعلية الإنسانية للقيم والممارسات والمصالح تحت سقف السلام العالمي والصلة بين الضفاف، وليس شيئاً آخر.
أمّا الملفات التي يريدون تحويلها الى ادلة إدانة تضعف من عزم قطر في أيام عصيبة من الاستعداد والانهماك في العمل المضني لإنجاح البطولة، فهي لا تعدو أن تكون أكثر من ملفات إدارية وخلافية واجرائية، ذات شأن داخلي يخص الوضع السيادي لأية دولة، ولو كانت دول أخرى لها مواقف وسلوكيات ووجهات نظر اكثر حدّةً عشرات المرات مما يسجله متأبطو الملفات على قطر لما خطر ببال احد اثارة أية قضية ضد تلك الدول، حتى انّ ملف حقوق الانسان والمعارضين لسياسة بوتين، العلامة الفاصلة بين صراع موسكو والغرب، مرّ مرورَ الكرام حين نظمت روسيا المونديال السابق في العام 2018.
اللافت هو انَّ دول العمّال الاسيويين لا يحملون لواء الإدانة ضد الدوحة، في حين ترتفع الأصوات في عواصم دول كبيرة.
أمّا ملف النساء فهو جزء من تركيبة البنية الداخلية للنسيج الاجتماعي ولا توجد خروقات ضد النساء القطريات اللائي يتبوأن مناصب في الحكومة والإدارات والجامعات بفرص لا تمنح دائماً في دول غربية، فضلاً عن دول الجوار. وما حصل من خطأ اجرائي اداري على مستوي تنفيذي متدن في إجراءات متسرعة لملاحقة جريمة حدثت في مطار الملك حمد عند تفتيش سيدات أستراليات بما ينتهك الخصوصية بحسب دعاواهم القضائية انّما ذلك حدث محدود ومنعزل عن سياق وضع دولة كاملة، وانّ القضاء يأخذ مجراه في كل الأحوال، وينصف المتضررين، كما في أية دولة أخرى.
وبشأن ملف الشاذين جنسياً، تلك الظاهرة التي تغذيها الاجندات الغامضة في الغرب عامة، وسط رفض واسع من المجتمعات الغربية ذاتها برغم التشريعات الحامية لحقوقهم، فذلك أمر يخص قوانين وتقاليد وخصوصيات كل بلد، وبطريقة مبسطة جداً، فإنَّ ما تؤيده وتتبناه في مجتمعك لن تستطيع فرضه على مجتمعات أخرى، وهذا ينطبق على جميع الدول العربية والإسلامية التي تستنكر تشجيع ما يسمى بالمثليين.
مونديال قطر مفخرة للعرب جميعاً، وعلى العالم أن ينظر اليه كمفخرة له أيضاً، فذلك يقع في صلب العولمة التي يتبناها العالم الغربي، إنْ كانت العولمةُ حقاً هي المشاركة التفاعلية الإنسانية للقيم والممارسات والمصالح تحت سقف السلام العالمي والصلة بين الضفاف، وليس شيئاً آخر.
رئيس تحرير صحيفة “ الزمان” -لندن
fatihabdulsalam@hotmail.com
عذراً التعليقات مغلقة