فاتح عبدالسلام
كانت مراكز قوى في العالم تمنّي نفسها أن يجوب اللاعب الأشهر ميسي ملاعب مونديال قطر برايات الشاذين جنسياً وشعارات أخرى أدمنتها الحملات العدائية في الشهور الأخيرة، فظهر النجم الارجنتيني مرتدياً العباءة العربية، التي ألبسه إياها أمير قطر، في اللقطة الأهم التي لا تفارق عيون البشر على الكوكب، تلك لحظة منح كأس بطولة العالم لكرة القدم.
إنّها ليست خطوة عشوائية أو تصرفاً وليد لحظته، فالحملة على قطر، الدولة الصغيرة التي لم تنحن أمام العاصفة القوية، كانت تستهدف فرض شعارات لقيم مجتمعات وثقافات أخرى قسراً، وتحويل المونديال الى وسيلة دعائية بعد الفشل في إعاقة تنظيم المونديال في الدولة الضئيلة مساحةً وسكاناً، والكبيرة بطموحها الإنساني وتمسكها بالقيم العربية والإسلامية كمرتكز حضاري منفتح وليس بؤرة للانغلاق، لذلك كان الرد مثل ومضة الرصاصة لمَن يضمر شرّاً، ومثل سناء القمر لمَن يظهر حبّاً.
رمزية العباءة العربية كبيرة و لها وجوه عدة، وهي في هذا المقام الكروي والتظاهرة العالمية الرياضية الأوسع انتشاراً في الأرض ذات دلالة مختلفة عن حالها في مناسبات اهداء أخرى، فهي تخرج من سياق التعاطي العربي التقليدي والمحلي، وتدخل في معنى تكريمي ينطوي على رسالة عالمية لعبتها الدولة المنظمة للمونديال لعبة معلم متقن التوقيت ومُحسن اختيار الوسيلة ودقيق التصويب نحوالهدف، وكانت واقعة لا تحتمل التأجيل لأنها بحد ذاتها حدث نوعي يصنع ردود الأفعال خلفه، من دون أن يتأثر بها.
النجم الكروي ميسي كان صاحب الأهداف الأجمل وصانع الألعاب التي منحته لقب أحسن لاعب في المونديال، لكنه كان في التوقيت الأصعب والأخطر والأبلغ وسيلة دولة قطر لتسجيل الهدف الرسالي الرمزي العميق في مرمى مئات الحملات المعادية التي انهالت من القريب والبعيد في السنوات الأخيرة لإعاقة تنظيم المونديال، ولعلّه كان الهدف الأثمن الذي جرى تسجيله في بطولة كأس العالم مقترناً بالنجم الذي يستحوذ على قلوب الملايين من عشاق الكرة، وهي الرسالة التي تعجز أن تؤديها وزارة اعلام أو قناة فضائية أو حملة علاقات عالمية، مهما أُوتي أولئك جميعاً من إمكانات وقوة.
إنّه الهدف الذهبي الذي تقفل بعده المباريات والبطولات ويسدل عليها الستار. والهدف الذهبي يكون حاسماً للنتيجة دائماً، وقد كان.
عذراً التعليقات مغلقة