خطوة إلى الوراء للانطلاق

آخر تحديث : الإثنين 5 ديسمبر 2022 - 3:20 مساءً
خطوة إلى الوراء للانطلاق

د. عماد الدين الجبوري

 الدين الجبوري - قريش
د عماد الدين الجبوري

نحو 20 عشرين سنة والعراق يتدهور نحو الأسفل أكثر فأكثر، وأهم فترة زمنية فيها هي سنوات المقاومة العراقية ما بين (2003-2011)، التي تصدت لقوات صليبية غازية تقودها الولايات المتحدة الأميركية، وحققت المقاومة هدفها بإخراج القوات المحتلة رسميًا من أرض الرافدين. وقتذاك، كتبنا عن مرحلة ما بعد الانسحاب العسكري الأميركي، إذ طالبنا الجبهات الجهادية التحررية، كما انبثقت في عام 2007 استجابة للتحدي، عندما قررت الإدارة الأميركية بزيادة عديد قواتها جراء خسائرها الفادحة بهجمات وضربات رجال المقاومة الأشاوس، أن تستمر بالاستجابة للتحدي المستقبلي، وأن تشكل مجلساً أعلى أو قيادة عليا أو أية صيغة تلتقي بموجبها على أرضية سياسية تكمل فيها مسيرة التحرير للبلاد والعباد.  

فالجانب السياسي سيؤدي دوره النضالي بعدما حقق الجانب المسلح هدفه الجهادي، وقادة المقاومة ومستشاروهم يدركون ذلك جيدًا، لكن وبكل حسرة لم يحصل ذلك، وحلّت بالفصائل المسلحة مواقف متفاوتة تجاه التشكيل العسكري العراقي. فبالرغم من أنّ إنشاء “دائرة الدمج” عام 2005 التي غذت قطعات الجيش والشرطة والأمن بميليشيات طائفية موالية لإيران، حتى أن تقريراً صادراً من وزارة الدفاع العراقية عام 2010، ينص على أن 30 في المئة من تركيبة الجيش الآن هم من عناصر الميليشيات، إلا أن المقاومة امتنعت عن استهداف العسكريين، ومع غياب هيئة أو مجلس سياسي جامع للكل من جهة، وتجميد العمليات المسلحة من جهة أخرى، تمكنت الأذرع الولائية رويداً رويداً من أن تبسط هيمنتها على الدولة وعلى المجتمع تحت رعاية أميركية وإيرانية.

إنّ الاستمرار بالنهج اللفظي الرافض للعملية السياسية لن يؤدي إلى اسقاطها قط، حتى لو امتد إلى 20 سنة أخرى. وعليه، لا بدّ من إتباع نهج مغاير فعّال

في سؤال لأحدى الأخوات التونسيات، عن المحور الذي تحدثت فيه “إخفاقات العملية السياسية وتداعياتها على الواقع العربي والإقليمي” بمؤتمر منظمة المغتربين العراقيين الأخير، “أين المقاومة العراقية الآن؟”. كان جوابي أقرب إلى التبرير منه إلى التحليل، فهذا السؤال يشغل عقول ونفوس العراقيين خاصة، والعرب عامة. فمن الصعوبة جدًا الإقرار بأنّ المقاومة انتقلت من الجهد العملي إلى الجهد النظري، فمنذ عام 2012 ولغاية هذا اليوم، انعقدت الكثير من المؤتمرات والندوات في دول عدة، حضرت بعضها، ولم يتجاوز أثرها الحدود الإعلامية من دون أدنى تغيير على أرض الواقع. 

من هنا، أود القول إن الاستمرار بالنهج اللفظي الرافض للعملية السياسية لن يؤدي إلى اسقاطها قط، حتى لو امتد إلى 20 سنة أخرى. وعليه، لا بدّ من إتباع نهج مغاير فعّال، وبحسب تصوري، يجب الرجوع خطوة إلى الوراء والانطلاق ثانية، وذلك بالعمل بين قادة المقاومة في إحياء العمل المسلح، إضافة إلى تكوين أرضية سياسية مشتركة ينبثق منها مجلس نواب وحكومة بدلًا من الإنجازات النظرية أو الإعلامية المنفردة، التي يقوم بها هذا الطرف أو ذاك من القوى السياسية المرتبطة أو المؤيدة لأية من الجبهات الجهادية وفصائلها المسلحة.  

وربّما يرى بعضهم، أنّ ما أطرحه ليس أكثر من تنظير آخر أقرب إلى الأمنية، التي لم تتحقق في عهد القائد المجاهد عزة إبراهيم والشيخ المجاهد حارث الضاري وغيرهما، بل وصل التفكك والانشقاق اليوم إلى داخل الفصيل الواحد والحزب الواحد، وبذلك أثرت سلبًا على الساحات كافة. وعلى الرغم من صحة هذا القول، ينبغي أن نكون متفائلين لا متشائمين، ونجدد دعوتنا إلى إحياء العمل المسلح لبث الأمل الواقعي في تحرير العراق من القبضة الإيرانية.

إنّ القمع الوحشي الذي مارسته قوات نوري المالكي الطائفية ضد ثورة العشائر العربية ما بين (2014-2015)، وكذلك الأداة ذاتها التي فتكت بثورة تشرين الشبابية منذ انطلاقتها عام 2019، يعود جزءٌ كبيرٌ منه الى الغياب التام لفصائل المقاومة العراقية في توفير الحماية الواجبة إلى الثوار والمنتفضين والمحتجين. ومهما كان تفهمنا وتقييمنا إلى ما مرّ ويمرّ به رجال الميدان الأبطال، لكن لن يحدث التحرير إلا من خلالهم في تثوير المجتمع ونزولهم إلى الميدان مرة أخرى، وإلا ستستمر بعض القوى السياسية مضطرة إلى عقد المؤتمرات والندوات لأثبات وجودها ليس إلا. وبذلك، ينطبق عليها القول: المقاومة من الخنادق إلى الفنادق.    

كلمات دليلية
رابط مختصر

التعليقات 11 تعليق

  • سركول الجاف

    احسنت وعاشت ايداك اخي عماد كفيت ووفيت والعراق الى الهاوية بفضل الدعم الدولي للمليشيات

  • سركول الجاف

    احسنت وسلمت يداك اخي عماد كفيت ووفيت

  • سركول الجاف

    احسنت وسلمت يداك اخي كفيت ووفيت

  • خطاب نوفل الجميلي- بغداد

    اتفق مع الدكتور الكاتب في ان العراق يحتاج الى جهود تنظيمية شعبية تقاوم التسلط عليه والتبعية للخارج . هذا مهم ، لكن يجب انفتاح السنة على الشيعة ، لان كل طرف يريد احتكار مشروع المقاومة. لكن معلومات الكاتب تقف على بعد 12 عاما من التطورات التي حدثت في الخارطة السياسية للعراق وانحسار دور امريكا وتنامي ايران وتركيا ايضا وغياب العرب .

  • خالد عساف- النروج

    المقال قال الحقيقة لايوجد حلول بالعين والاغاتي مع المجرمين

  • ابو راجي المشهداني -تكريت

    كنت اتفاعل مع المقال على اساس انه وجهة نظر سياسية بعدها صدمني الكاتب باعتبار عرة الدوري مجاهد، والعراقيين يعرفون انه ما قاد عملية واحدة لتحرير رئيسه من السجن عند الامريكان بالعكس فعل. حتى قطر والسعودية وتركيا اكتشفت متأخرة كذب البعثيين وضعفهم وانهم كانوا يحتمون بقوة القاعدة وداعش قبل ما الله خلصنا من شرورهم.
    نريد عراق موحد بلا بعثية ولا ايرانية ولا تركية.لكن عجبني شي واحد بالمقال هو انه علس صدام سبب مصائب العراق اليوم ،وماذكره.

  • سارة- بغداد – الكرخ

    عرب وين طنبورة وين

  • علي حسين الفياض – النجف الاشرف

    الحكومة الفاسدة في المنطقة الخضراء التي تنتظر مصيرها الاسود على يد احفاد الشهيد الصدر وجنود القائد، ستزول اذا ما صلحت اوضاع الدولار، لكن استخدام السلاح سيقتل ابرياء والناس تعبت من الدماء ، اخي شهيد في تشرين والنتيجة كذب علينا الكاظمي واليوم حائرين بأطفال الشهيد. اللهم سلم

  • كاظم ميرزا الساعدي

    مليون ولائي يجينا ،ولا واحد يجينا مرة اخرى من العوجة يستخف بدماء الملايين وكرامتهم ويعدم بلا محاكمة ويصيرون عبيد له وعلي كيمياوي وبرزان, ليش ناسين اللي جرانا

  • سعيد محمد

    المقاومة كلمة فضفاضة سمعناها مليون مرة من قيس الخزعلي ومقتدى الصدر ، ولا نعرف معناها بعد خروج المحتل الامريكي, تبا للداعين للحرب من جديد.ربما ما ورد في المقال دلالة على اليأس ،

  • عادل ابو فراس- السويد

    لا ادري كيف ينظر الكاتب هنا الى زاوية واحدة من القضية في العراق ، ماذا يريد حين يدعو للكفاح المسلح ،، ضد من سيقاتل ؟ الحشد حتى لو كان هناك ولاءات ايرانية لكنه يدافع عن العراق ويقف في وجه داعش الارهابي، لماذا لا يتعظ الكاتب من تجربة القتال من اجل القتال كما حصل في الرمادي والفلوجة والموصل و حلب والنتيجة دمار المدن وتشريد شعبها . بعدين وين اكو مقاومة شعبية مسلحة الكل يستلم رواتب من الحكومة ويشتغل معها . شكرا لسعة صدر الكاتب

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com