مقتضيات العودة للكفاح المسلح

آخر تحديث : الأحد 18 ديسمبر 2022 - 2:08 مساءً
مقتضيات العودة للكفاح المسلح

د. عماد الدين الجبوري

 الدين الجبوري - قريش
د عماد الدين الجبوري

عندما غزت قوات الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها العراق، ودخلوا بغداد في 9 نيسان/أبريل 2003، كان رد الفعل العام بين العراقيين يتمثل في ثلاث فئات رئيسة: الفئة الأولى، تجلت في فصائل المقاومة المسلحة في رد الصائل، التي تجيزها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية بالدفاع عن الأرض والعرض، واستجابة إلى التحدي الميداني انضوت تلك الفصائل في جبهات جهادية تحررية، وفق عقائدها الوطنية والقومية والإسلامية، وكان العامود الفقري إلى مقاتليها ومناطقها من العرب السُّنة.

والفئة الثانية، تذرعت بالتعامل مع قوات الاحتلال كأمر واقع، يوجب الحوار معه حقنًا لدماء العراقيين. وتنقسم هذه الفئة إلى قسمين ديني وسياسي، فعمائم مرجعية النجف التي يرأسها الإيراني على السيستاني، كانت حجته بتقديم الجهاد السلمي وتأخير الجهاد المسلح لمدة سنتين يراقب فيها إداء القوات المحتلة، مع أن قاطبة المحتلين من دول مسيحية لأرض المسلمين، وبذلك عطّل معظم العرب الشيعة من قتال العدو المحتل. وعلى هذا النمط، جاء دور السياسيين الذين شاركوا بالعملية السياسية، التي أوجدها المحتل الأميركي، على أساس إنشاء دولة ديموقراطية جديدة.

بالرغم من الدور التاريخي المميز الذي لعبته فصائل المقاومة العراقية بالاعتماد على الله أولًا، وعلى قواها الذاتية ثانيًا، في تحقيق هدفها التحرري المشترك بإخراج قوات الاحتلال، من دون عون أو سند من أية دولة عربية أو إسلامية، إلا أنّ أجنحتها السياسية لم تضع هدفًا مشتركًا بالعمل معًا لما بعد الخروج العسكري الأميركي

أما الفئة الثالثة، فكانت متعاونة مع قوات الاحتلال لأسباب عدة، منها طمعًا في المال أو المنصب أو مضاد إلى النظام الوطني السابق، ناهيك بالكلام عن الخونة والعملاء المرتبطين أصلًا بالأنظمة السياسية الخارجية. 

وبعد 8 سنوات ونيف من الشهور، استطاعت المقاومة العراقية من إجبار قوات المحتل الأميركي بالخروج رسميًا من العراق قبيل نهاية 2011، وتكشفت خلال هذه الفترة حقائق كثيرة للشعب العراقي من مواقف المرجعيات الدينية والسياسية والاجتماعية، التي هادنت المحتل تمهيدًا لتثبيت المشروع الإيراني وبموافقة الإدارات الأميركية المتعاقبة.  

وبالرغم من الدور التاريخي المميز الذي لعبته فصائل المقاومة العراقية بالاعتماد على الله أولًا، وعلى قواها الذاتية ثانيًا، في تحقيق هدفها التحرري المشترك بإخراج قوات الاحتلال، من دون عون أو سند من أية دولة عربية أو إسلامية، إلا أن أجنحتها السياسية لم تضع هدفًا مشتركًا بالعمل معًا لما بعد الخروج العسكري الأميركي، ومع غياب كلي إلى العمل المسلح وعدم وجود عمل سياسي مشترك، بدأ الحراك الشعبي يسد هدا النقص. وهكذا تفجرت ثورة العشائر العربية ما بين 2014-2015 ضد قوات نوري المالكي الطائفية، والمجازر التي ارتكبتها: “جامع سارية” و”الحويجة” في عام 2013 مثالًا. 

لا مناص من تخليص الشعب والوطن من براثن وأنياب المشروع الإيراني المدعوم غربيًا، إلا بالعودة إلى الكفاح المسلح مرة أخرى، ونجاعة سنوات المقاومة العراقية خير دليل على إمكانية إحياء هذا الدور ومواصلة الطريق على درب التحرير

ومع أن محافظات الوسط والجنوب كانت تتخذ من سلسلة نقص الكهرباء والماء والبطالة وتفاقم الفساد المالي والإداري حججًا بالتظاهرات بين الفينة والأخرى، لكنها أخيرًا اشتعلت بوهج ثورة شعبية واسعة في تشرين/أكتوبر 2019، كأن شباب العرب الشيعة أرادوا التحرر من خدعة “وحدة المذهب” التي يسوقها نظام الملالي في إيران.

وتم حصد أرواح هؤلاء الشباب العُزل بوحشية بربرية بشعة، كما فعلوها مع شباب العشائر العربية، وما زال الوضع مستمرًا على حاله يومًا بعد آخر، بل وصل تسلط الفصائل المسلحة الموالية لإيران والمدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، أن أصبحت أقوى من الدولة، ومهيمنة على المجتمع وعلى مختلف مناحي الحياة.

الآن، وبعد هذا السرد الموجز، فلا مناص من تخليص الشعب والوطن من براثن وأنياب المشروع الإيراني المدعوم غربيًا، إلا بالعودة إلى الكفاح المسلح مرة أخرى، ونجاعة سنوات المقاومة العراقية خير دليل على إمكانية إحياء هذا الدور ومواصلة الطريق على درب التحرير. ومهما كانت الصعوبات في هذه المرحلة، وما يتطلبه العمل بمزيد من التضحيات بالأنفس والأموال والأحوال، فلا طريق آخر غيره جدير بالإرادة العراقية الحقة.

إن الشعب المصري لم تنجح ثورته لولا مساندة الجيش الوطني له، وكذلك كل شعب في العالم مهما ثار لا بد من وجود قوة مسلحة تسانده وتجابه قوة العدو. وإلا فإن دماء العراقيين الثائرين ستذهب قرابين مجانية على مذبح الوطن، لا سيما أن التحركات السياسية والإعلامية والثقافية أدت دورها، وبدأت تراوح مكانها، إذ لم تحقق أدنى تغيير على أرض الواقع. وعليه، فعلى قادة الجبهات الجهات التحررية وبقية الفصائل المسلحة، التي جابهت قوات الاحتلال الأميركي، عليها رصّ الصفوف ثانية وتكملة مشوار تحرير العراق أرضًا وشعبًا، ويبدأ ذلك من التقاء أجنحتها السياسية بوضع الحجر الأساس لمشروع التحرير الشامل.

رابط مختصر

التعليقات 3 تعليقات

  • ALI ALOTAIB I

    علينا ان نتعلم الدرس من طالبان بعد ان هم تعلموا من المقاومة الوطنية الشجاعه والاقدام لاننا لو تمعنا جيدا لوجدنا انه بعد احتلال امريكا لافغانستان لم تتطلق مقاومة قوية ضدهم ولكن بعد انطلاق المقاومة العراقية ضد المحتل الامريكي وبقوة انطلقت مقاومة طالبان ولكنهم صمدوا وتماسكوا بينهم وساندهم الشعب وميزتهم ساووا بين المحتل والعميل والذيول فكانت ضرباتهم موجعة وعلينا ان نقتدي بهم
    تحياتي

  • عبدالحسين الولائي -العمارة

    الحشد الشعبي هو رأس الرمح للكفاح المسلح لكي لا يعود الامريكي والبعثي والوهابي، بهذا الشكل نحن مع الكفاح المسلح.

  • علي حازم الاعرجي -بغداد

    افكار اقرب الى الاحلام لا اساس لها في الواقع.. اي كفاح مسلح؟ هناك دولة معترف بها من كل العالم اسمها العراق .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com