بقلم : عبدالوهاب العمراني
دخلت الحرب اليمنية مرحلة مستعصية على الحل، فليس هناك في المستقبل المنظور حسم عسكري، ولا إمكانية لتسوية سياسية، أو حتى هدنة شاملة أو جزئية تخفف من حدتها. ويرجع ذلك إلى طبيعة الحرب، التي هي خليط غير متوازن من الحرب الأهلية والإقليمية والتدخلات الدولية. فالصراع القائم في اليمن والعمليات العسكرية والمبادرات الديبلوماسية الجارية ليست تعبيرًا عن صراع داخلي مستقل قائمًا بذاته، وإنما يمثل وجهًا من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف، تتداخل فيه مصالح إيرانية وأميركية وسعودية وإماراتية وخليجية وغيرها، كما تتداخل فيه عوامل طائفية وثقافية وسياسية وجهوية من جانب آخر.
وعليه يقف المراقب لتطورات هذه الحرب في حيره من امره، فلا يمكن لأي راصد ومتابع للشأن اليمني ان يحلل ما ستؤول اليه الحرب بمعزل عن الصراعات والتناقضات العميقة بين مكوناته الاجتماعية والقبلية والطائفية والجهوية، وفساد الحكومات السابقة خلال اكثر من ثلاثة عقود
ومع انتهاء عام 2022، يقف اليمن أمام مفترق طريق، إما يأخذه نحو التفاوض مع دول التحالف السعودي والتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وإما نحو الخيارات العسكرية،
ووفق مسوغات الواقع في المشهد اليمني سياسيا وعسكريا للعام المنصرم 2022، فإن مألات الحرب في اليمن عشية العام الجديد عام 2023 أمام خيارين؛ الأول قد يأخذ به نحو التفاوض مع دول التحالف، والآخر نحو خيار الحسم العسكري.
وبعد نحو ثماني سنوات لتدخل دولتا التحالف في هذه الحرب الماساوية أصبح اليمن مرهونًا برسم الحسابات والصراعات الإقليمية والدولية، وهو نوع من الحروب الذي يمكن أن يطول على أرض اليمن، في وقت يبدو فيه السلام المنشود بعيدًا. ومع تزايد الصراعات الداخلية، وتباين المصالح بين الرياض وأبو ظبي، والصراع السعودي الخليجي الأميركي مع إيران، فسيظل الوضع يستنزف اليمنيين والعرب والمسلمين ومواردهم، وكلها مؤشرات تستبعد احتمال التوصل إلى حلول جدية قريبة تنهي الحرب في اليمن.
دخلت الحرب اليمنية مرحلة مستعصية على الحل، فليس هناك في المستقبل المنظور حسم عسكري، ولا إمكانية لتسوية سياسية، أو حتى هدنة شاملة أو جزئية تخفف من حدتها. ويرجع ذلك إلى طبيعة الحرب، التي هي خليط غير متوازن من الحرب الأهلية والإقليمية والتدخلات الدولية. فالصراع القائم في اليمن والعمليات العسكرية والمبادرات الديبلوماسية الجارية ليست تعبيرًا عن صراع داخلي مستقل قائمًا بذاته، وإنما يمثل وجهًا من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف، تتداخل فيه مصالح إيرانية وأميركية وسعودية وإماراتية وخليجية وغيرها، كما تتداخل فيه عوامل طائفية وثقافية وسياسية وجهوية
تميز العام المنصرم حدثين مهمين خلال العام المنصرم استهله التحالف بصياغة هيكلة مستحدثة لقيادة الشرعية وأحدث مجلس رئاسي غير متناغم بفرض فصيل الانتقالي ليس كطرف في الشرعية فحسب، بل يكاد يكون هو الشرعية بالنظر لان عدن لازالت في قبضة هذا الفصيل
اعلان أكثر من هدنه جددت حتى اكتوبر من العام المنصرم لكن منذ نحو ثلاثة أشهر دخلت الحرب اليمنية في مرحلة البرزخ فلا حرب وحسم ولا مؤشرات لسلام مفترض
ولا يتوقع المراقبين والمتابعين للشان اليمني تقدم ملموس في الامد القريب لتجديد الهدنة وبالتالي احتمال انفراج الامور للتمهيد للدخول في مفاوضات
ولوجستياً شهد العام 2022 مناورات واستعراض عسكري حوثي في كلا من صنعاء والحديدة بمناسبة ذكرى قبضتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام 2014 وهذا الاحتفاء والاستعراذ يعكس بداهة رغبه جامحة لاستئناف الحرب، وفي حال حدث هذا فاتوقع قد تطول المجابهات في الجولة المفترضة لاشهر لان كل الاطراف لا تريد هزيمة وطالما وان ميليشيا الحوثي لها اليد الطولى في المشهد بعد ان خذل التحالف الشرعية وسعى لتفتيت اليمن لاكثر من كيان وليس فقط لتقسيمة
هذه التحولات في المشهد اليمني تاتي على خلفية جمود في مواقف المجتمع الدولي من تداعيات الحرب في اليمن وحسب
ويدرك المبعوث الدولي أن مجلس القيادة الرئاسي كان -ولا يزال- المتفاعل الإيجابي والمنفتح بجدية على مقترحات الأمم المتحدة ودول الإقليم.
اجمالاً فوفق معطيات حالة اللاحرب واللاسلم أصبح واضحا أن قوات التحالف فقدت مبادرة الحرب والسلم في اليمن. فلا هي تستطيع تصعيد العمل العسكري ولا تريد وقف الحرب دون أن تحقق انتصارات حقيقية توفر لها موقفا تفاوضيا فاعلا.
ومعلوما بعد الحوثيين ليسوا في وضع يجبرهم على قبول وقف إطلاق النار بأي شرط، بل أصبحوا يملون شروطهم ويطالبون بعقد مفاوضات وقف الحرب في أرض محايدة، ورفضوا حضور مؤتمر بين أطراف يمنية ترعاه الرياض وأبو ظبي. وقد وفرت سلطنة عمان حتى الآن مكانا مناسبا للمفاوضات، لقد أدرك الحوثيون هذه الميزة بالنسبة لهم في وقت مبكر والحاح دولتي التحالف بصفقة سلام مع الحوثي، وما المشاورات التي تجرى من وقت لاخر بين السعود والحوثيين
لا يمكن لاي راصد ومتابع للشأن اليمني ان يحلل ما ستؤل اليه الحرب
بمعزل عن الصراعات والتناقضات العميقة بين مكوناته الاجتماعية والقبلية والطائفية والجهوية، وفساد الحكومات السابقة خلال أكثر من ثلاثة عقود ة والحوثيين الا تاكيد لهذا الامر.
أتوقع خلال العام الجديد انه قد يحدث شئ ما يحدد مصير هذه الحرب سواء سلما او حرباً فكل الاطراف ترغب في تحريك المياه الراكدة وكسر حالة الجمود المؤقت
ويعزى مدى ارتهان الحوثي لطهران ولو بصورة اقل من علاقة خصومهم مع دولتي التحالف الى ان كلا من ميلشيا الحوثي وطهران يعتقدون تغيير الادارة الامريكية بوصول “بايدين” للبيت الابيض كان فرصة لمكاسب جديدة ورفع سقف اي تفاوض مفترض فايران تريد التفاوض حول الملف النووي من النقطة التي انتهى بها وليس تفاوض جديد من الصفر وهي بهذا تستخدم الورقة اليمنية في الملف النووي
وبداهة غدا لكل مراقب لمجريات الحرب العبثية ملاحظة ردود الافعال الحوثية تجاه مساعي انهاء الحرب لانه أصبح الطرف باقرار خصومهم الذين دابو على استجداء سلام مع الحركة الحوثي
لعل من نافلة القول بأن السلام في اليمن، بحاجة إلى إرادتين، إحداهما داخلية، وهي الأهم، ولن تتأتى إلا من خلال إقرار كافة الأطراف بعبثية الصراع والعودة بالأمور إلى ما قبل الانقلاب الحوثي من خلال استكمال الحوار الوطني والتوافق على إدارة مرحلة انتقالية، إلا أن هذه الخطوة تبدو مستحيلة نوعاً ما، بسبب ممانعة الحوثيين وانتشار المليشيات الأخرى التي باتت تستند لترسانة أسلحة مدعومة بمواقف القوى الخارجية.
فلم تعود كل الاطراف تملك قرار استمرارها أو وقفها، فلكل من الخيارين تبعاته السياسية والقانونية والأخلاقية. فقد أصبحت الحركة الحوثية نتيجة لخذلان التحالف إقليمية محصنة بتجربتها العسكرية التي تحولت إلى كابوس يضغط على أبوظبي والرياض. وبدلا من أن يكون هناك تفوق نوعي كاسح لهما، استعاد اليمنيون المبادرة واستطاعوا خلق معادلة جديدة على أساس «توازن الرعب». وأصبحوا أكثر اعتمادا على الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما لم يكن ضمن حسابات الذين خططوا للحرب. فما إن تستهدف مواقع يمنية حتى يأتي رد الانقلابيين الحوثيين سريعا ومزعجا. فاستهداف المنشآت الاقتصادية في الرياض والدمام وأبوظبي أو العسكرية كقاعدة الملك خالد في خميس مشيط أصبح أمرا معتادا، ما أفقد البلدين ميزة التفوق الحاسم. ومن المؤكد أن صور ضحايا المجاعة التي تعصف باليمن كانت عاملا في تشويه صورة المشاركين في الحرب
تميز العام المنصرم ايضاً بجملة احداث سياسية وليس عسكريه منها الوساطه العمانية والغزل السعودي مع السعودية بمعزل عن الشرعية بذريعة تحرك انساني مع انه تجاوز ذلك لاستجداء سعودي لحركة الحوثي
وعسكريا غدت تفاصيل خرق الهدنة الهشة فقط بين الجانب التحالف والسعودية تحديدا والسعودية غارتها هو الانسحاب تدريجيا يبدا بتحييدها وتجنب التهديد الحوثي المستمر بصواريخ ومسيرات هذه الميلشيات
، في حين استمرت مناوشات أكثر من مره بين الجيش الوطني والحركة الحوثية
اتوقع خلال العام الجديد انه قد يحدث شئ ما يحدد مصير هذه الحرب سواء سلما او حرباً فكل الاطراف ترغب في تحريك المياه الراكدة وكسر حالة الجمود المؤقت
ولو افترضنا استجدت المعارك وهذا مستبعد حسب مسوغات واقع الحال الا انه قد تكون الغلبه هذه المره للتحالف والشرعية في حال خفف التحالف قبضته على القرار اليمني . في حال رغبته في اغلاق هذا الملف ولو ان تكلفة الحسم اصبحت مظاعفة عما كان في العام الاول للحرب غداة “تحرير” المحافظات الجنوبية
فالحوثي في أضعف مراحلة والراي العام في اليمن بركان يغلي لكن السعودية هي من تمنع الجيش الوطني للتحرك صوب صنعاء.
وقد تتصاعد الحرب في حالتين ارادة خارجية لدولتي التحالف وبدعم المجتمع الدولي او في حالة تحولات جيوبلتكيه بتمكن الحوثي من الاستيلا على مارب او منابع النفط في هذه الحالة ستضطر دولتي التحالف الدخول في المعركة الاخيرة والتي قد تطول لبضعة اشهر.
يتوقع بعض المراقبين بأن اليمن سيواجه صعوبات اقتصادية منها قلة المساعدات الشحيحة اصلا والتي تذهب معضمها اما لادارة المنظمات التي تتولى توزيعها من الحوثيين الذين يتحكمون في توزيعها لانصارهم حصرا
وتملص من المساعدات الانسانية الامر الذي قد يسبب بمجاعة واسعة اكثر من اي وقت مضى
يرجع المراقبون للشأن اليمني ان اخفاق التحالف والسعودية تحديدا وفشلها سياسيا وعسكريا إلى سببين رئيسيين، الأول يعود إلى الجاهزية القصوى التي يتمتع بها الحوثيون في دحر القوات الأجنبية، والسبب الآخر هو أن القوات السعودية تعاني من انعدام الكفاءة وضعف الأداء وذلك رغم كل جهود الإماراتيين الرامية إلى تحقيق الانتصارات في هذه الحرب.
مؤخرا قبل أيام، نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالا للباحثة في معهد كوينسي، أنيل شيلاين، قالت فيه إن “الحوثيين في اليمن قد انتصروا (على السعودية)، وعلى إدارة جو بايدن الاعتراف بهذا الواقع، وأنها لا تستطيع الإملاء على المنتصر”، وذكرت أن تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في مقابلة مع شبكة “سي أن أن”، التي أشار فيها إلى أن “السعوديين يواصلون جهودهم المثمرة لإنهاء الحرب”، تعبر عن الموقف الرسمي الأمريكي مع أنها تفصح عن قلة المعلومات أو ترفض الاعتراف بالواقع على الأرض المتمثل في “هزيمة الحوثيين للسعودية”.
في حين يفسر اخرون فشل التحالف في هذه الحرب ان السعودية بعد “تحرير” المحافظات الجنوبية عملت على اطالة امد الحرب ومنعت الجيش الوطني اكثر من مره من التقدم صوب صنعاء عند فرضة نهم لخشيتها من ترتيبات ما بعد الحرب في حال الحسم المبكر للمعركة، فهي لا تريد القضاء مبكرا على الحوثيين حتى لا يستفيد من ذلك حزب الإصلاح المصنف ضمن قوى ثورات الربيع العربي وجمعها به تحالف الضرورة، كما أن التسريع بالحسم العسكري سينتفي معه مبرر استمرار تواجدها العسكري المكثف في محافظة المهرة شرقي اليمن، لذلك فهي ترى أن الحرص على استمرار الانقلاب الحوثي في هذه المرحلة يمثل خدمة كبيرة لها أكثر مما يخدم إيران، خصوصا أن الهجمات التي ينفذها الحوثيون بواسطة صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على أراضيها لا تشكل تهديدا يُذكر على الجيش السعودي ومخازن أسلحته أو البنية التحتية لاقتصاد المملكة.
في هذا السياق يرى الأستاذ في جامعة أوتاوا الكندية توماس جينو أن “السعودية تخسر الحرب، وتريد مخرجا”. ويشير جينو إلى أن الحوثيين “يسيطرون الآن على الأرض، لذا لا يجب توقع مرونة من جانبهم”.
اعلان أكثر من هدنة جددت حتى اكتوبر من العام المنصرم لكن منذ نحو ثلاثة اشهر دخلت الحرب اليمنية في مرحلة البرزخ فلا حرب وحسم ولا مؤشرات لسلام مفترض
ولا يتوقع المراقبين والمتابعين للشان اليمني تقدم ملموس في الامد القريب لتجديد الهدنة وبالتالي احتمال انفراج الامور للتمهيد للدخول في مفاوضات
وعلى خلفية الإيقاع البطئ لقيادة الشرعية وارتهان القرار والسيادة اليمنية للتحالف بحكم بقاء قيادة الشرعية خارج اليمن.
كيميا المشهد السياسي في اليمن تتفاعل منذ نحو عشر سنوات وغداة الربيع العربي بنسخته اليمنية تتفاعل بصوره درامية
فأن ما كان بالأمس ممكنا أصبح اليوم صعب في إيجاد الحلول وبالمقابل ما هو صعبا اليوم قد يصبح مستحيلا في الغد..
لقد اوصل التحالف الذي نكل باليمن لثمان سنوات الى وضعا مخزيا ومشوهاً كهذا يُراد تمريره، يتم في ظل حالة صمتٍ عجيبةٍ وغريبة، من النخب السياسية اليمنية التي كأنها ابتلعت ألسنتها وصمتت عما يجري من إعادة تشكيل لليمن، وفقا لأهداف ومطامع ومطامح قوى خارجية لصالح المليشيات الطائفية شمالا، والانفصالية والقروية جنوبا وشرقا وغربا
متزامنا مع شيطنة القوى الوطنية اليوم التي تقف سدّا منيعا أمام هذا المشروع، وترفع صوتها بلا مشاريع التقسيم والتفتيت، هي شهادة على وطنية هذه الأحزاب
عذراً التعليقات مغلقة