د. عماد الدين الجبوري
عندما يتعرض الشعب إلى الإهمال البنيوي وتفاقم الفساد المالي والإداري وتبديد ثروات البلاد وسرقات قوت العباد، وتتسع دائرة الفقر والعوز، خاصة إذا كان الوضع السياسي استبدادي جائر، فإن رد الفعل سيكون من خلال ثورة شعبية يسميها البعض “ثورة الجياع”. ولكن الجائع يكون ضعيفًا منهكًا بحاجة إلى من ينقذه ويسنده، والثورة تتطلب قوة وإرادة، كما أن نجاح الثورة لا ينحصر في تثوير الجياع المتعبين، بل بتخطيط مدروس يمتلك قوة تنفيذية لساعة الصفر.
وعليه، فعندما نقرأ عن الاوضاع الجارية في إيران والعراق وسوريا، التي يرى فيها البعض بأن ثورة الجياع قادمة لا محال، فإن هذه الثورة وهمية أكثر منها واقعية، ومن يتحدث عنها إنما يرجو تحقيق أمنية لشريحة كبيرة تنقصها آلية فعّالة ومؤثرة لها وجودها الحركي يتمثل في تنظيم متماسك له جناح مسلح، وهذه مقومات ثورة لا تشكو من معدة خاوية واعصاب مرهقة، بل تمتلك بنيانًا مرصوصًا فكرًا وعملًا.
قد يكون الكلام عن ثورة الجياع في لغة تحفيزية للسواد الأعظم من الشعب المثقل بقيود النظام الحاكم، إلا أن مثل هذا الخطاب ينبغي أن يقترن بحل بديل أو رؤية واقعية تنهي فيها مأساة الشعب نحو مستقبل واعد. ففي إيران، وفق تقرير صحيفة “جيهان صنعت” الإيرانية بتاريخ 15 آب/أغسطس 2021، فقد تضاعف معدل الفقر ثلاث مرات منذ عام 1979 لتصل النسبة إلى 60 في المئة يعيشون تحت خط الفقر. معنى هذا، أن هذه النسبة الإحصائية قابلة للصعود بشكل مطرد مع استمرار نظام الملالي الحاكم.
أمّا في العراق، ونظامه السياسي الموالي لإيران، فإنّ نسبة الفقر ارتفعت إلى 33 في المئة تقريبًا، مع أنّ النائب المستقل هادي السلامي والناشط محمد علاء، وفق ما نشرت “العربي الجديد” بتاريخ 11 نيسان/أبريل 2022، يتفقان على إنّ “نسب الفقر التي تعلن عنها الحكومة العراقية غير دقيقة، ولا تتناسب مع عدد الفقراء الذين ينتشرون في عموم مدن العراق”.
وفي سوريا، كشف “مكتب الإحصاء المركزي” الرسمي أن معدل الفقر بين عاميْ 2020-2021 بلغ 90 في المئة. كما أن هذه النسبة ارتفعت في عام 2022 إلى 95 في المئة.
ومن هنا، فإن أزمة الفقر وتصاعد نسبتها داخل المجتمعات في الدول الآنفة الذكر، من الخطأ أن ننظر إلى فقرائها المعدمين المسحوقين أن تنبثق منهم ثورة عارمة تسقط النظام الظالم الفاسد، إذ هم أنفسهم بأمس الحاجة إلى من ينتشلهم من هذا الواقع المرير، وإذا خرجوا بمظاهرات واحتجاجات على تردي أوضاعهم، سرعان ما يتم قمعهم بوحشية قاسية، فيزداد بداخلهم اليأس والقنوط. وبذلك، يجب أن يكون التركيز على انبثاق ثورة تمتلك بحق المقومات والمؤهلات لإسقاط تلك الأنظمة القمعية من جهة، وتعمل على رفع هؤلاء الفقراء من جهة أخرى.
سركول الجاف منذ سنتين
احسنت وسلمت يداك دكتور انه مخطط مدروس وفق اجندة امريكية صهيونية وبالتعاون مع المجوس لتدمير المجتمعات العربية لان بعد الفقر يولد الجهل والتخلف