جبار عبدالزهرة
الشهادة تضحية مقدسة والاقدام عليها يستدعي همة عالية وقدرة كبيرة وحزم مضاء من الانسان صاحب العزم على الوصول اليها ونيلها فالتضحية بالنفس من اجل المبادئ والقيم والانتصار للحق ببذل الانسان لمهجته جاعلا من روحه ثمنا لها وصفه العرب ( بانه جود ولكن في اقصى غاية الوجود ) 0
وفي التواصل مع هذا السياق وفي جميع الاحوال ان الشاب الفلسطيني تعامل مع واقع الحادثة بشكل مغلوط كلفه حياته دون ان يجني ثمرة لها ووزن وقيمة على درب الكفاح الفلسطيني في مواجهة العدو المحتل فقد بذلها رخيصة وراحة تضحيته هدرا على طريق المقاومة من الجانب الفلسطيني اما من جانب العدو الصهيوني فقد صارت غنيمة للعدو وهدية ثمينة يقدمها هذا الشاب له بلا مقابل فيه تعويض له او لمسارالتصدي للعدو لذلك فهي خسارة فادحة بكل الاعراف والمقاييس لمشروع المقاومة الفلسطينية 0
الكثير من اصحاب الكياسة والراي والنظر للامور بتدبر والتعامل معها بعقلانية يرون ان على كل انسان اي انسان يمر بواقع او يعيش بين ثناياه عليه ان يتعامل مع معطيات الواقع وفق ما تطرح من افرازات على الارض ويمكن اجمال تلك الافرازات على ضربين :- اولا الافرازات المفيدة والتي ينبغي على الانسان صاحب العلاقة بها ان يتعامل معها بطريقة يحصل منها على فائدة ومنفعة واما الافرزات الضارة فعليه ان يتعامل معها باسلوب يقي نفسه ضررها ويتجنب اذاها ويبتعد عن مخاطرها على راي الاخوان المصريين ( ابعد عن الشر وغني له ) 0
غير ان الشاب الفلسطيني الشهيد عمار هادي مفلح تعامل مع الشرطي الاسرائيلي بطريقة انفعالية فيها الكثير من التهور والارتجال فدفع ثمنا باهضا كما قلت قبل قليل كلفه حياته والحياة اغلى ثمن يدفعه الانسان مقابل الوصول الى اهدافه والتي ينبغي ان تتصف بالعظمة والسمو والرفعة والاهمية البالغة مقابل هكذا ثمن وربما استخدم معه كلام ضمن اطار المحظور اللفظي اضافة الاحتكاك الجسدي الذي بينه الفيديو ان حكما احتلاليا قائما على تل من مظاهرالكراهية للفلسطينيين ينبغي على كل فلسطيني ان لا يمنحه أي مبرر لتنفيذ مقتضياته الاجرامية به 0
لقد كان بامكان الشاب الفلسطيني الشهيد المغدور من قبل الجندي الاسرائيلي المسلح غدرا غير مسبوق والذي كان اعزل وفق الفيديو الذي صور الحادث تصويرا واضحا ، كان بامكانه لا بل من المفروض عليه من اجل سلامته ان يتجنب استفزاز الجندي الاسرائيلي وان يتعامل معه بلين ورفق لكي يحافظ على حياته من التلف امام عدو مسلح يمثل دولة قامت على انقاض من اشلائهم وانهار من دمائهم وترتكب كل يوم بحقهم ابشع الجرائم الدموية وغيرها ويدعمها اغلب دول العالم بقوة حتى من قبل بعض الانظمة العربية 0
لقد كانت الدبلوماسية السلسة والتعامل الهادئ مطلوبان بالحاح من الشاب الفلسطيني الشهيد عمار حتى يتمكن من خصمه باي منفذ من منافذ التمكين كأن يتمكن بالافلات من قبضته والفرار منه ، انه ليس من الحكمة وليس من السلوك المستقيم والمتزن ان يبادر الى صفع الجندي الاسرائيلي ذلك الخصم الغاشم المسلح ويلجا الى المطال معه فيحرك عوامل الاستفزاز الحافد والضغينة الاجرامية في اعماقه مما اثار حفيظة هذا الخصم المتعطش لسفك الدم الفلسطيني ودفعه الى اطلاق النار عليه وقد بادر بن غفير زعيم حزب ( القوة اليهودية ) المتطرف الى ان يثني على الجندي الاسرائيلي وببارك له العمل الاجرامي الذي قام به وهنئه ويمدحه 0
ولكن مع كل ما قيل ويقال من قبول او رفض بشان هذه الواقعة المؤلمة بالنسبة لنا نحن العرب تبقى الشهادة مسعىً انسانيا نبيلا نحو الاهداف العظيمة وتبقى تضحية لا بد منها فلسطينيا على طريق تحرير كامل تراب فلسطين حتى النصر النهائي بعودة اهل الارض الشرعيين اليها في يوم من الايام باذن الله تعالى، لأنّ الشهادة حتى في قيم السماء هي ثمن الهدف العظيم 0
عذراً التعليقات مغلقة