خالد عمر بن ققه
كاتب واعلامي من الجزائر
القمم الثلاث أعادت التأكيد على” الدوائر” التي يتحرك داخلها العرب، وهي:” الوطنية”، هنا تخص السعودية، و”الإقليمية”، تطرح دول مجلس التعاون كقوة اقتصادية، و” القومية”، التي شملت معظم الدول العربية، وهكذا وجدت الصين تفسها بقيادة رئيسها” شي جين بينغ”، تتحاور مع عدة أطراف
بين العرب والصينيّين، امتدّت جسور من العلاقة، اختلط فيها التاريخ بالجغرافيا، وطغت فيها” حكمة الشرق” ببعْديْها الديني والفلسفي، وهي تحضر اليوم في محاولة استباقيَّة لما هو منتظر ـ وقد أصبح وشيكاً ـ من اقرار واعتراف دولي بعالم” متعدد الأقطاب”، سيكون للصين ” نصيب الأسد” فيه، ومن المحتمل أن يظل فيه العرب” أرانب سباق”، وأن يضلوا الطريق مثلما حصل خلال العقود الستة الماضية حين توزعوا بين النظامين الرأسمالي والإشتراكي.
يُظْهر العرب والصينيون في لقاءاتهم حنيناً إلى الماضي المشترك، وتأكيداً على التعاون في الحاضر، ويطمحان إلى مستقبل مثمر في كل المجالات، خاصَّة آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي، على النحو الذي تمّ طرحه في القمم الصينية ـ العربية الثلاث( السعودية ــ الصينية، والخليجية ـ الصينية، والعربية ـ الصينية) التي عقدت في الرياض خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 10 ديسمبر الجاري، بحضور 30 قائد دولة ومنظمة دولية.
تلك القمم الثلاث أعادت التأكيد على” الدوائر” التي يتحرك داخلها العرب، وهي:” الوطنية”، هنا تخص السعودية، و”الإقليمية”، تطرح دول مجلس التعاون كقوة اقتصادية، و” القومية”، التي شملت معظم الدول العربية، وهكذا وجدت الصين تفسها بقيادة رئيسها” شي جين بينغ”، تتحاور مع عدة أطراف، كما استمعتْ لخطاب يتكلم عن الماضي العربي بروح الفريق والأمة، ويتحدث عن حاضر ومستقبل من خلال حقيقة دول متفرقة، سينتهي بها الأمر إلى التبعية في” العصر الصيني” المقبل.
نحن العرب نلتقي، ونتفاوض، ونتحاور، ونشترك مع الصين، ومع غيرها من القوى العالمية ـ المتوقع أن تكون صاحبة قرار ودور في مرحلة” الأقطاب المتعددة” ــ بأصوات مسموعة وعالية، تعبر عن مرحلة” الحرب الروسية ـ الأكرانية”، حيث ارتفاع أسعار الطاقة، لكنها من غير المعقول أن تستمر كذلك،
إذا استثينا الاقتصاد في جوانبه الإنتاجية لدى الصين، وفي مصدره الريعي بالنسبة للعرب، فإن علاقتنا بالصين، مهما حققت أو ستحقق من نتائج في المستقبل، ستظل ناقصة، وقد تؤثر على مستقبلنا الإنساني والحضاري، ما لم ترتبط بالقيم المعاصرة، بما تحمله من إعادة النظر بين الشعوب والحكومات لجهة تحديد الحقوق والواجبات
أولا: أن تغير أسعار الطاقة نحو الانخفاض ممكن في أي لحظة، وثانيا: لأن أصواتنا المرفوعة اليوم، حتى وإن اجتمعنا وخاطبْنا الآخرين بروح الفريق، ليست متناغمة، بل أنها لا تمثل صوت قويا لأي دولة عربية مهما علا شأنها في نظرها، وفي نظر دول العالم الأخرى، وثالثا: أن أصوانتا لا صلة لها بالفعل السياسي لدولنا على صعيد الجبهات الداخلية، وهذا الأمر نشترك فيه الدول العربية مع الصين، وهو عامل مساعد للتقارب بين الطرفين.
في حديث العرب والصينيين عن عوامل التقارب، وهما ينطلقان سعياً إلى تكتل عالمي ــ يركز على المنافع المتبادلة أكثر من اهتمامه بالقيم المشتركة ـ يتناسيَان أنهما حاضران بحكم حركة التاريخ والوجود، لكنهما لا يحملان” قيم العصرنة”، ومنها: حقوق الإنسان، ليس بمفهومها الغربي، وإنما بمعناها الشرقي، سواء أكانت بالمعنى الفلسفي والمعتقادات الأرضية والأساطير المؤسسة كما هي في الصين، أو بالمقاصد الخيرية للإعلاء من قيمة الإنسان كما تطرحه الكتب السماوية في الدول العربية.
العلاقة في الوقت الراهن بين الصينيين بوجودهم الآسيوي، والعرب بوجودهم الأسيوي والأفريقي، تركز في كينونتها وماهيتها ومستقبلها عن المشترك اقتصاديا، وهذا أمر ضروري وأساسي ومطلوب، لكن هذا المشترك قد يحقق الأمن الغذائي والمعاشي، كما قد يجعل من الدول قوية ماليّاً وعسكريّاً.
من ناحية أخرى، فإن المشترك ـ السابق الذكر ـ لن يجعل الصينيين ولا العرب، يجسّدان القيم المعاصرة للبشرية، المتعلقة بالحكمة التي تتكلم عليها الأمتان الصينية والعربية ليس فقط لعدم قناعات أنظتهما بها، ولكن لأن طبيعة السلطة نابعة من فكرة” الأبوة”، حيث لا يزال حكام الأمتين يريان في الغالب أن الدول تقود بالأسلوب العائلي لرب الأسرة، ولهذا من الطبيعي أن يحصل تعاون بين الصين والعرب، فهما يشتركان في قراءة الحياة والوجود، مهما اختلفت معتقداتهما وفلسفتهما، بما في ذلك أسلوب التعامل مع الأقليات سواء أكانت دينية أو عرقية.
وإذا استثينا الاقتصاد في جوانبه الإنتاجية لدى الصين، وفي مصدره الريعي بالنسبة للعرب، فإن علاقتنا بالصين، مهما حققت أو ستحقق من نتائج في المستقبل، ستظل ناقصة، وقد تؤثر على مستقبلنا الإنساني والحضاري، ما لم ترتبط بالقيم المعاصرة، بما تحمله من إعادة النظر بين الشعوب والحكومات لجهة تحديد الحقوق والواجبات، وتوسيع دائرة الحريات في كل المجالات، والقسمة العادلة ـ ولو في حدها الأدنى ـ للثروات الوطنية، والإعلاء من القيم الإنسانية المشتركة، وإنهاء ساسية الإقصاء، ومحاربة العنف والإرهاب والتطرف من أي جهة كانت، بما في ذلك السلطة، والعمل على سيادة العنف والحوار، وتثوير الجبهة الاجتماعاية.. وغيرها.
علي فاهم منذ سنتين
اصاب الكاتب في ما ذهب اليه ، والعرب ليسوا قوة اقتصادية لانّ الاموال ليست العامل الوحيد في تكوين هذه القوة . العرب تنقصهم الروية والارادة والقرار المستقل