جبار عبدالزهرة
/النجف/ العراق
اكوام الاموال المسروقة من المال العام التي وقف بينها السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني والمستردة وهي شيء قليل تكاد تصدق عليها تسمية حفنة لتقزمها اموال المسروق الهائل من المال العام واشك ان استردادها افتراضيا وليس حقيقيا وقد كان من اجل المحافظة على ماء وجه صاحب الوعود بمحاسبة الذين امتدت ايديهم الى اموال الشعب وكذلك من اجل اضفاء شيء من المصداقية على تحركه بهذا الاتجاه وهو السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني 0
قد قلت حفنة استردت لان الاموال بمعظمها قد هربت الى خارج العراق من قبل قائد المجموعة المنفذ لعملية السرقة نور جاسم والمشتركين معه الذي قام بعملية سطو غير مسبوقة من نوعها وسميت ( بسرقة القرن ) وهو القرن الواحد والعشرون لانه لم تحصل سرقة مماثلة لها في ضخامة المبلغ المذكور ولا في درجة عمق حضيض مستوى فساد وسوء اخلاق المسؤولين الذين قاموا بها في هذا القرن والذين اولاهم الشعب ثقته وسلمهم مقاليد الحكم ممثلين له في ادارة البلاد وسياستها والمحافظة على حقوقه وعدم انتهاكها 0
هذه الاكوام المالية (في راي السيد رئيس مجلس الوزراء والمصطفين الى جانبه) والتي هي كما قلت حفنة صغيرة من عامة اموال الشعب المنهوبة في رايي وراي كل مواطن عراقي والتي وقف بينها السيد رئيس الوزراء السوداني هي في مسار تداعياتها وسلوك السارق والحكومة في اجراءاتها ضده تشبه الى حد عميق القول الشعبي العراقي الذي سار مثلا في اوساط المجتمع العراقي في عشرينيات القرن الماضي والى اليوم 0
ياتي به العراقي كلما دعت الحاجة الى التنديد في سلوك مدان للبعض من قبل البعض الاخر وهو فيه نوع من التهكم على الاجهزة التنفيذية الرسمية والذي يقول :- ( قبضنا على المقتول والقاتل هرب ) وفيه سخرية حدث ولا حرج بشكل خاص بالاجهزة الامنية التي لا تؤدي واجبها بالشكل الصحيح المطلوب منها ضمن اطار المسؤولية القانونية المناطة بها 0
فالسارق لاموال الضريبة المدعو نور جاسم بعد ان القي القبض عليه في مطار بغداد للهروب من العراق بطائرة خاصة تصوروا يا ناس لص وفاسد تنتظره طائرة خاصة في مطار بغداد الدولي الحكومي الا تثير هذه الحادثة الشك والريبة في مسؤولين عراقيين آخرين متواطئين معه لمساعدته على الهروب من العراق لكي لا يكشف امر فسادهم وخيانتهم للشعب والوطن 0
ولكن الطامة الكبرى والاكثر افتضاحا في التواطئ الحكومي مع نور جاسم تجسدت واقعا بعد القاء القبض عليه وايداعه في السجن حيث تم اطلاق سراحه بكفالة من قبل القضاء العراقي الذي يبدو انه مسيس وغير مستقل في قراراته القضائية وفي احكامه العقابية وانما يتوافق بها بما لا يقبل الشك مع رغبات وطموحات واهداف الذين يسيسونه ولذلك فهو متواطئ بكل ما يصدر عنه من احكام مع طاقم المسؤولين الحكومين الفاسدين المشتركين في هذه اللعبة الحقيرة وما سبقها من سرقات للاموال العامة من قبل كبار وصغار المسؤولين العراقيين الذين يسطيرون على مواقع السلطة منذ العام 2003م الى اليوم 0
والذين لن يتخلوا عنها مهما كلف الامر والذين دفعوا بحياة الشعب العراقي رغم ايرادات الثروة النفطية العراقية الضخمة الى مستويات معيشية فقيرة غاية الفقر اضافة الى ارهاق كاهل الشعب العراقي بالضرائب الباهضة ورفع سعر صرف الدولار الامريكي بازاء سعر صرف الدينار العراقي مما ادى الى رفع اسعار امواد الغذائية والسلع الاخرى بشكل جنوني 0
لقد هيئوا له اسباب الافلات من العقاب مع مليار دولار سرقها من اموال الشعب على حين ان رئيس الوزراء في تصريحات له قال انه لن يتم اخفاء أي شيء على الشعب ولن يفلت أي احد من العقاب وهذا مما يتعارض بشكل صارخ مع عملية الاصلاح التي وعد بها ابان تسنمه لدست الحكم ومنها محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين 0
ولا بد هنا من التعريج على ازدواجية القضاء العراقي وتعامله بمكيالين مع العراقيين عبر تسليط الضوء على الحكم ثلاث سنوات سجن والذي صدر بحق شاب عراقي يدعى حيدر الزيدي وهو في العشرين من العمرانتقد الحشد الشعبي والعجيب انهم يدعون انهم سائرون على طريق الامام علي عليه السلام في العبادة وفي تعامله مع الناس وتاريخ الاسلام يروي لنا عن الامام علي انه ذات يوم كان يخطب في الناس في مكان عام فقام اليه احدهم فسبه جهارا وعلنا على مسمع ومراى من الحاضرين فقام اليه البعض من اصحاب الامام علي وامسك به فامرهم الامام باخلاء سببله وقال لهم (ع):- ( مهلا إما سب بسب او عفو عن ذنب ) الم يكن الاجدر في قيادة الحشد الشعبي الكريم ان يغظوا النظر عن هذا الشاب وينأون بانفسهم وبفصائل الحشد المجاهد عن التشنج والعصبية ويعفون عنه فيكسبون رضا الله والناس ومنهم الشاب واسرته 0
اعود الى منفذي سرقة القرن مكرراً ومن هول الصدمة فاقول انه لامر صادم فعلا من ان هؤلاء المسؤولين الفاسدين الذين قال عنهم زير المالية السابق المستقيل علي علاوي :- ( تعمل شبكات سرية واسعة من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والسياسيين الفاسدين في الظل.. ويسحبون حرفيا مليارات الدولارات من الخزينة العامة ) قد سهلوا امر نور ليغادر العراق مع العلم ان القانون العراقي لا يسمح لمن اطلق سراحه بكفالة بمغادرة العراق لان ادانته بالقضية لا زالت سارية المفعول وفق قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي وهذا وجه آخر من وجوه الفساد الكالحة الذي ليس معه شيء مستحيل حتى ولو كان خارج على القانون ويضر بمصلحة الوطن والشعب المغلوب على امره بالقرارات الجائرة والتي آخرها قانون جرائم المعلوماتية واستمرارسلاح المنفلت سلاح الميليشيات 0
ان استرجاع بعض الاموال من اصول الضرائب المسروقة واطلاق سراح السارق بكفالة وهروبه الى خارج العراق ينطبق عليه المثل الشعبي العراقي الذي ذكرته قبل قليل : ( قبضنا على المقتول والقاتل هرب ) فهذا المثل يتهم الشرطة بانها سهلت للقاتل امر الهروب من خلال صرف النظر عنه وعدم متابعته فافلت من العقاب وقد ظهر هذا المثل كحكاية يتندر بها العراقيون منتقدين بها سلوك جهاز الشرطة الذي تم تاسيسه من قبل اول حكومة وطنية حكمت العراق في العام 1920م تحت قيادة الملك فيصل الاول في ارساء قواعد الامن وضبط الاستقرار في ذلك الوقت0
وقد يسال سائل فيقول :- الم يكن هناك جهازشرطة للحكومة العثمانية التي كانت تحكم العراق قبل انتزاعه منها في الحرب العاامية الاولى ؟؟ ،الجواب نعم كان للعثمانيين في العراق شرطة وجيش ولكن فقط للدفاع عن مصالح الحكومة العثمانية والمحافظة على سلطتها وحماية جهازها الاداري وحراسة السلطان 0
اما الشعب العراقي فقد ترك العثمانيون كل ما يخصه من القضايا في صغيرتها وكبيرتها تحت سلطة امراء القبائل وضمن مسؤولية شيوخ العشائر فهذان الصنفان من الوجهاء الاجتماعيين كانوا يحكمون والى اليوم في النزاعات وحوادث القتل وغيرها من الحوادث والوقائع الاجتماعية التي تحصل بين القائل والعشائر وبين الناس من اهلها ومن اهل القبلية او العشيرة الواحدة ويحكمون بها من منظورهم الشخصي ويستنبطون مقارباتها واحكامها في القضاء بين الناس مما تجود به عليهم قرائحهم الشخصية من مفاهيم وتعاميم وافكار لذلك فقد صاحب هذه الاحكام الكثير من الظلم والجور خاصة بالنسبة للمراة التي غالبا ما يحكمون بقتلها حتى اعتمادا على الشك من دون وجود ادلة واقعية يستندون اليها واحب ان اسرد حكاية وقعت في احد الارياف العراقية في مرحلة الخمسينيات : – تقول هذه الحكاية ان احدهم جاء الى مقهى وجلس فيها فقال له احدهم يا فلان ان على عقالك طين فخرج من المقهى وذهب الى داره فقتل اخته وعاد الى المقهى فكرر الرجل عليه كلامه يا فلان قلت لك على عقالك طين فنهض من مكانه وذهب الى داره فقتل زوجته وعاد الى الىمقهى وجلس فقال له الشخص نفسه يافلان ان على عقالك طين فنهض من مقعده وذهب الى داره فقتل امه وعندما عاد الى المقهى قال له الرجل ماذا فعلت والله ان على عقالك طين فمد الرجل يده الى العقال واراه الطين0
اما لماذا قام هذا الرجل بقتل نساء اسرته الثلاثة ؟؟؟ وهن اخته وزوجته وامه لانه فهم من كلام الاخر (على عقالك طين) ان شرفه قد تلطخ بالعار بسبب السلوك المنافي للاخلاق السائدة في المجتمع العشائري من قبل اخته اولا فقام بقتلها وعندما عد الى المقنى اعاد الاخرعليه الكلام نفسه ظن ان زوجته هي السبب فذهب الى الدار فقتلها وعندما كرر الاخرعليه نفس الكلام فذهب الى الدار فقتل امه ظنا منه هي السبب بجلب العار له وهو حكم انتقائي ظالم لجا اليه بعض الشباب العربي في مصر والاردن في قتل الشابة التي رفضت الارتباط به 0
واعود الى تسليط الضوء على السلوك الحكومي المشابه حرفيا لسلوك الجهاز الامني والذي ينطبق عليه القول الشعبي الذي ساربين الناس كقول حكيم او سار وصار مثلا ( قبضنا على المقتولوالقاتلهرب)والذي مارسته وقامت به الحكومة باتخاذ اجراءات سهلت فيها اخلاء سبيل المجرم بكفالة وفسحت الطريق امامه باجرءات اخرى لمغادرة العراق بدلا من ابقائه في السجن وفتح تحقيق معه موسع للنظر في كافة الوقائع المتعلقة بالسرقة سرقة الودائع الضريبية واخرغيرها وكذلك التثبت من خلال آليات عمل التحقيق من اجل معرفة المسؤولين الاخرين المشتركين والمتورطين معه بهذه السرقة الاكبر من غيرها من السرقات التي سبقتها وانزال عقوبات باحكام قانونية بحقه وحقهم جراء ما اقترفت ايديهم من نهب للاموال العامة وتهريبها للخارج وحرمان الشعب منها نهايك عن مساهمتها في انخفاض سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار الامريكي والعملات الاجنبية الاخرى 0
واخير في مقالتي هذه وليس اخيرا على طريق نهب اموال العراق العامة والاستيلاء على عائدات ثروته النفطية الخيالية من قبل الحكام الفاسدين في العراق وهذا التوصيف لنخبة اللصوصية الحاكمة في العراق اطلقته فيهم بعض النخب السياسية في العالم اضافة الى وسائل الاعلام العالمية والعربية ومنها مجلة (ايكونوميست) 0
هذه المجلة التي قالت عن جشع وطمع وانتهازية الحكام والمسؤولين في العراق :- إن العراق لطالما عانى من حكام جشعين، فقد تعامل صدام حسين مع موارد الدولة على أنها موارده الخاصة. ومنذ أن أطاحت به القوات الأمريكية عام 2003، ظلت الحكومات المتعاقبة تعاني من فساد مستشر. يأخذ المسؤولون عربونات ويقتطعون من العقود أو يوظفون عمالا وهميين ويضعون رواتبهم في جيوبهم.
عذراً التعليقات مغلقة