جبار عبدالزهرة
/ النجف / العراق
منذ سقوط الدولة الاموية في الاندلس وسقوط الدولة العباسية في العراق في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي تدهورت احول العرب والمسلمين بشكل خطير ، اذ انهم بعد قوة على الاخر وهيبة في نفوس العدو قبل الصديق ، اصبحوا وهم في اوطانهم وبلدانهم وعلى اراضيهم وتحت سقف سمائهم وعلى شواطئ وسواحل مياههم عرضة للتبعية للاجنبي المستعمر فنهب ليراتهم وحتى جندهم الاجنبي الكولنيالي الاقوى منهم بشكل خاص للدفاع عن مصالحه ونفوذه في المناطق الاقليمية والدولية عبر الاراضي الواسعة وعبر البحار والمحيطات في ما يسمى اليوم بظاهرة الاستعمار الحديث 0
ومن الاقطاب القوية لهذه الظاهرة الاستعمارية الجديدة الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، وتاسيسا على متطلبات المصالح والنفوذ لكل واحد منهما في ليبيا يستمر الخلاف والصراع بين النُخب الليبية المنقسمة على نفسها منذ انتخابات العام 2014م لأنّ ما تريده امريكا جو بايدن وما تريده روسيا فلاديمير بوتين يشكل بوابة ذات ممرين متناقضين على خلفية التنميط المتقاطع وفق ما يشتهي كل واحد من القطبين الكبيرين في ساحة الصراع الدولي والاقليمي 0
ومن هنا يمكن القول على انه يبدو ان الصراع الخفي وغير المعلن بين ادارة الرئيس الامريكي جو بادين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخصوص المصالح السياسية والاقتصادية ومساحة النفوذ في ليبيا كان ولم يزل يشكل عقبة في طريق الفرقاء الليبيين .
ومن المؤسف والصادم لنا كعرب ان نصف اشقائنا العرب في ليبيا بالفرقاء لانهم ابناء وطن واحد ووشائج رحم واحدة ولكن هذا التوصيف مطابق تماما لافرازات الواقع المعاش في هذه البلد العربي الذي يعيش حالة من التذبذب السياسي والتمزق الاقتصادي وغيرها من حالات التدهور لمختلف الاوضاع في هذه البلد منذ صقوط الحكم الجماهيري للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بفعل ما سمي بثورات الربيع العربي في العام 2011م وانه يتولى تنفيذ ما جرى ويجري في ليبيا من سيناريوهات التخريب والهدم والدمار هم ثلة من ابناء ليبيا القحاح اللذين يخوضون في مستنقعات من سياق الصراع السياسي الحاد الذي اوصد كل منافذ الامل نحو انفراجة سياسية يتولى الامساك بزمامها الليببون انفسهم مع الانعتاق من حبل الاجندة الخارجية والقفز من فوق اسوار خدمة المصالح الكولونيالية الاستعمارية والتخلي عن حماية النفوذ الاجنبي 0
غير ان واقع الحال الليبي السياسي لجهة انقسام النخبة الليبية الحاكمة والمجتمعي لجهة تفرق المجتمع الليبي في الولاء لهذه الجهة او تلك فقد ذهبت التركيبة السكانية الليبية الى الانقسام الى شريحتين واحدة تحت قيادة حكومة عبدالحميد الدبيبة المعترف بها من قبل هيئة الامم المتحدة والذي يرفض بدوره تسليم السلطة الاّ الى حكومة يكلفها مسؤولية سياسة البلاد وادارة شؤونها برلمان جديد منتخب ويبدو ان هذا شرط تعجيزي لا اعتقد ان رئيس البرلمان الحالي عقيلة صالح يقبل به هذا من جهة 0
ومن جهة ثانية فان الحكومة الثانية تحت قيادة فتحي باش اغا المكلفة من قبل برلمان طبرق (شرق) ترفض كل برنامج سياسي او حراك دبلوماسي لحكومة الدبيبة فلها موقفها وبرامجها وخططها في تولي السلطة وادارة البلاد وقد دفع هذا الانقسام المشؤوم على مستوى النخب الليبية والقاعدة الجماهيرية الى ان يعيشوا تحت طائلة صراعات حادة كل الحدة عبر تأثير الغايات والاهداف الاقليمية والدولية ضمن الاطار الجيوسياسي المتناغم مع تطلعات الجهات الخارجية الفاعلة في ليبيا وفي المقدمة منها امريكا وروسيا وانه من الصعب كل الصعوبة ان يسير الطرفان على طريق واحدة تصل بهم الى اتفاق سياسي يفضي الى حل نهائي لازمة البلاد0
ولعل تأسيس الرأي على خلاصة القول من ان تاثير المطالب الخارجية هو الذي اعجز الليبيين حتى هذه الساعة عن تحقيق الحد الادنى من التواصل والتقارب الانساني والدرجة الاقل من التكامل الوطني فيما بينهم هو الراي الصائب 0
ولكن لعل الثانية التي تستند الى مبادرة من الأمم المتحدة ، والتي افضت الى تشكيل لجنة مشتركة في ليبيا من مجلسي النواب والأعلى للدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن ، تجعل البشير ياتي بقميص الامل الذي يسهم في فتح النخب الليبية اعينها على افق لحل ازمات بلادهم عبر التمسك بقيم الحوار البناء والتسامح الاخوي ونبذ الكراهية فيلتقون على طاولة التفاوض السلمي من اجل الوصول الى حل يرضيهم جميعا ثم ينتشر الامن والسلام والاستقرار على كل شبر من ارض ليبيا ، ولكن هناك من يقول متشائما ان هذا المسار لا زال متعثرا على خلفية افتراضية هي عقبات ما لا يخدم الاطماع الامريكية وكذلك ما لا يخدم الاطماع الروسية في ليبيا وعليه يبقى الليبيون هم الضحية
عذراً التعليقات مغلقة