الدكتور محمد عياش
– كاتب وباحث سياسي
دأبت الآلة الإعلامية الصهيونية بعد كل عملية يقوم بها الشباب الفلسطيني المقاوم ، بأنها عمل إرهابي ضد كيانه «الديمقراطي» ، من دون التطرق للدوافع التي جعلت الشباب في مقتبل العمر على هذه العمليات التي يدركون أي الشباب أن البقاء على قيد الحياة 1 % أو شبه معدومة ، والصدمة التي بدت على وجوه الصهاينة ، العملية الثانية التي قام بها طفل في الثالثة عشر من عمره وأصاب مستوطنين اثنين جراح أحدهما خطيرة جداً ويقال أنه ضابطا ً بلواء المضليين أحد ألوية المشاة في الجيش الصهيوني .
الشهيد خيري علقم 21 عاما ً من حي الشياح بمدينة القدس المحتلة يعمل في مجال الكهرباء ، وأنهى دراسته من مدرسة الطور الشاملة في القدس يحمل اسم جده الشهيد خيري علقم ، الذي ارتقى بتاريخ 13 مايو/ أيار 1998 ، بعدما طُعن على يد مستوطن ( حاييم فرلمان ) حتى الموت .
كان للشهيد فلسفة خاصة به أي رؤيته للصراع مع الكيان الصهيوني ، حيث ترجم هذه الفلسفة بكتاباته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حيث يقول “: لا تقلق سوف يعطيك ربك حتى ترضى وسوف يرضيك حتى تنسى أن هماً مرّ عليك ” . كما كتب في أكتوبر / تشرين الثاني 2021 ، :” من قال إننا نريد السلام ؟ نريد حربا ً لا نهاية لها . وفي يونيو / حزيران من العام ذاته ، كتب :” يمكنك التراجع لتجنب الحرب ، لكن لا تتراجع مليمتراً إذا بدأ القتال “. وفي أكتوبر أيضاً من عام 2020 كتب :” القناص الصحيح في المكان المناسب خير من ألف جندي في ساحة المعركة ” .
ترجم الشهيد علقم فلسفته على الأرض يوم الجمعة 27 / 1 / 2023 يناير / كانون الثاني ، وتحولت كتاباته لأفعال ، وذلك عبر اعترافات العدو الصهيوني بالإصابات الدقيقة في الرأس والصدر ، وصموده عشرون دقيقة ونجاحه في المناورة وتبادل إطلاق النار ، حتى استشهاده .
كالعادة حضر رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو إلى مكان العملية ، وبن غفير جال في المكان وأطلق تهديداته العنصرية ضد الشعب العربي الفلسطيني ، وعقد الكابينت اجتماعه ، وقرر بمزيد من الإجراءات الظالمة بحق أهلنا في القدس . كل هذا أصبح معروفا ً ومألوفا ً لشعبنا الجبار الذي يتطلع للتخلص من ربقة الاحتلال الصهيوني بالمطلق ، وما قام به الشهيد علقم يعبر عن الاستراتيجية الجمعية في قلب كل فلسطيني شريف ، والقادم مرّ وعلقم على جحافل المستوطنين .
حقيقة يجب أن يدركها الاحتلال الصهيوني ، وهي بمثابة المعادلة الطردية ومفادها ، كلما اتجهت الحكومة الصهيونية باتجاه التطرف وممارسة القتل بحق إخوتنا في فلسطين ، كلما زاد الحنق والغضب ، والقيام بما لا يتخيله أي صهيوني على أرض فلسطين ، فالشباب أو ما يسمونه في إسرائيل ، الجيل الصعب سيمرغ أنف الاحتلال بالأرض والأيام حبلى بالعمليات النوعية بإذن الله .
البشرى التي نزفها لكل محب وغيور على القضية الفلسطينية ، أننا أمام مرحلة جديدة من المقاومة ، مرحلة المقاومة الشاملة سواءً كان ينتمي لحزب أو لا ، فإن ما قاما به كل من الشهيد خيري علقم والطفل محمد عليوات يؤكد هذه البشارة ، وبعد ذلك لن تفيد الزيارات لموقع العملية من نتنياهو وتشلهمه على الضحايا ، والتشلهم هو البكاء مع نحيب .
أعتقد أن الصهاينة أفلسوا من خطط ومؤامرات لتركيع الشعب الفلسطيني ، وبالتالي لم يبق لديهم سوى التظاهر والتماهي وممارسة الضغط على الشعب الفلسطيني من خلال الدول التي هرولت باتجاهه سواء ً بقطع المساعدات عنه أو بإصدار قرارات مجحفة من مجلس الأمن وإلصاق تهمة الإرهاب . كل ذلك لا يهم وفي حسابات شعبنا ، المهم أن تستمر هذه الاستراتيجية الجديدة التي يقودها هذا الجيل الذي سيحرر الأرض والإنسان ويطهرها من دنس الصهاينة الأنجاس .
عذراً التعليقات مغلقة