نصار النعيمي- العراق
نالت رضا الجميع، راقية بكل معنى الرقي نورت بالمعرفة متابعيها وبكل المجالات، غطت الأدب والفن وكل مجالات الحياة، بحثت في عالم المعرفة،.مذيعوها ذوو اصوات مميزة ترسخت في مسامع المجتمع العربي والعراقي بالأخص، نقلت لهم اخبار الحروب في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ثم اخبار تحشيد اكثر من 33 دولة للحرب على النظام السابق،.
حين ظهرت اذاعة مونتي كارلو الفرنسية بالعربي في سبعينات القرن الماضي ، ظن الناس ان منافسا كبيرا سيزيح الاذاعة البريطانية من منصات متابعة المستمع العراقي لكنها ازدادت رجاحة وانتشارا ، وتحولت الى بث على موجة اف ام في نهاية التسعينات في جوار العراق كما في الاردن.
هناك مَن يقول أنها رسخت في ادمغتنا الحروب وهناك مَن يصفها بالعريقة فهي تمتلك اليوم ارشيفاً نادراً من الاشرطة من المقابلات والتحقيقات، وهناك مَن يقول انها انجبت عمالقة في الفن الاذاعي من مخرجين ومذيعين وبرامج لازالت عالقة في أذهاننا الى اليوم، إنها إذاعة البي بي سي العريقة التي توقفت نهائياً.
خليل عامر ، مدرس، في محافظة نينوى ، يقول هناك معزوفة او تقليد لا ادري تسميته في هذه الاذاعة العريقة حين كانت تصر على تسمية داعش بتنظيم الدولة الاسلامية ، وهناك في العراق مَن كان يمتعض من التسمية في فترة احتلال التنظيم الارهابي للموصل والانبار وتكريت، لا احد يريد ان يقرن الاسلام بالمجرمين ، وكنا نقول اكيد ان داعش يفرح من مكانه.
غير انّ الاذاعة البريطانية دافعت عن قرارها المهني في الالتزام بالمسميات من دون تحريفها مهما كانت الظروف ، وقد اذعنت الحكومة البريطانية لرأي هيئة الاذاعة قبل سنوات حين اثير الموضوع في صحافة لندن والبرلمان.
هناك مَن يقول أن لهم الحق في ذلك لأنها وسيلة اعلامية مبكرة وكانت سيدة الموقف انذاك، يغلقونها افضل قبل ان تغلق الناس اذانها عنها، واخرون يرون أنها نجاحها سيكرس الجهد في مؤسسة اعلامية جديدة تكون حلقة ارتباط بين نجاح الامس واليوم من البي بي سي الشهيرة الى نجاح اخر .
ولا ادري من اين استقى كثير من العراقيين معلوماتهم في ان القسم العربي كان يخضع للمسات ايرانية وربما فارسية تحديدا، من خلال التقارير والاخبار ، لكن ذلك ربما مجرد هواجس حين تعلو اصوات بعض المقابلات والتقارير في اعقاب صعود الموالين لايران الى منصة الحكم في بغداد.
لكن لا دليل دامغا حول ذلك بالرغم من امكانية وجود ايرانيين في القسم العربي . غير انّ اذان العراقيين تصغي لكل شاردة وواردة وتتداولها احيانا على انها من المُسلَّمات
وهناك الذي يرى أن قرار الاغلاق خطأ كبير من هيئة الإذاعة البريطانية، فهذه الإذاعة لها مصداقية كبيرة ويمكن التقطها في الأماكن النائية التي ليس لها خدمة الانترنت.
ويقول محمد اخر” كان والدي يسمعها في السادسة صباحا ونحن صغار وكبرنا ونحن نسمعها، وكانت تذيع الاخبار بدون انحياز، اما في السنين الاخيرة فكانت منحازة لأمريكا واسرائيل واوربا.
فيما يرى الحاج أبو عبدالله، عسكري متقاعد ، طلب عدم ذكر اسمه الكامل ، أن توقفها جاء بعد توقف اغلب القلوب التي كانت تسمعها ولم يبق لها مستمع، الا بعض من قلوب عاجزه بشرايين متصلبة انتهى صلاحيتها وتنتظر توقفها لتلتحق بالبي بي سي، فلا اعتقد ان جيلاً مثقفاً سوف يبقى يستمع لها بعد الان.
ويقول الاعلامي جمال البدراني” وهو مراسل تلفزيوني معروف إن توقفها يوحي للعالم بحقبة جديدة قد تنهي الإذاعات في العالم.
ويرى الإذاعي محمد عثمان الذي عمل ما يقرب من 30 عاما في إذاعة العراق، الإذاعات لها نكهة خاصة لن يستطيع الانسان ان يتخلى عنها.
قانون الحياة هو انّ لكل شيء نهاية، وغلق البي بي سي بداية مرحلة جديدة من الصراع بين صعوبة توفير الدعم المالي لوسائل الاعلام وبين صراع البقاء من أجل الحياة وبين السباق بين وسائل الاعلام التقليدية وبين السوشييل ميديا ..من يدري هل تطول فترة الصراع لعقود مستقبلية أم ستنتهي قريباً؟
عذراً التعليقات مغلقة