د.فارس قائد الحداد *
حركة طالبان التي تسلمت مقاليد الحكم في أفغانستان قبل عام بعد حرب دامت ٢٠ عاما بينها وبين أمريكا .
وعند وصولها إلى الحكم سارعت الحركة في أحكام سيطرتها على مفاصل الدولة مجددا والمؤسسات بقبضة حديدية بصبغة دينو _ اسلاموية بحتة وبشهية مفتوحة لا حدود لها، فصادرت الحقوق والحريات العامة وانتهجت سياسة الحكم بالنار والحديد أمام الشعب الأفغاني الذي انتقل من جحيم طالبان وحربها مع أمريكا سابقا لينتقل إلى نار طالبان وسياسة الحكم الواحد القمعي حاضرا ومستقبلا إن استمرت حركة طالبان في حكم البلاد بهذه الطريقة الخاطئة ،
ومنذ استلامها مفاتيح القيادة في البلاد سارعت الحركة وبسرعة خاطفة لتغيير موازين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لصالحها دون مراعاة مصالح الأفراد والنخب داخل الإطار الشعبي والمجتمعي في البلاد فنزعت سلطة المشاركة السياسية واحتكرت القرار السياسي بمفردها وانصارها وصادرت حق قانوني ومشروع أمام القوى السياسية الأخرى بصورة اقصائية واضحة للنخب السياسية من الكيانات والأحزاب السياسية وخاصة المعارضة لها كان هذا هو قرار الكارثي والفشل الاول الذي وقعت به حركة طالبان وكأنها تقول للشعب الأفغاني لا مشاركة سياسية لأحد وان الحكم لها وانصارها فقط الذين يعتقدون أنفسهم أنهم اولى به من غيرهم لاعتبارات دنيوية اكثر منها دينية .
فكان من نتائج هذه السياسات أنها أثارت غضب وسخط الشارع الأفغاني السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي حتى وان لم يستطيع الشعب الأفغاني التعبير عن سخطه جهراً لكنه عبر به سراً وهذا كرس حاله من الاحتقان السياسي الذي افرغ الدولة الافغانية المنهكة وشل قوتها وجعلها تغرق اكثر في مستنقع من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحادة فلا سلطة حركة طالبان نجحت في إدارة شؤون للبلاد السياسية والاقتصادية ولا هي قبلت بالمشاركة بإدارة الملف السياسي والاقتصادي مع الأحزاب السياسية بل تركت البلاد اليوم تعوم في فوضى عارمة ، آخرها القرار الفاشل و الأخير الذي أقدمت عليه سلطة طالبان المتمثل بمنع الفتاة أو المرأة الأفغانية من حقها المشروع في التعليم في المدارس والجامعات ،
وهو القرار الذي قوبل بالرفض الشعبي والعربي والدولي باعتبار ذلك انتهاك خطير لحقوق المرأة الأفغانية ويتنافى مع القيم والشرائع السماوية والأعراف الإسلامية للدين الذي تسلقت عبره طالبان في حكم أفغانستان لكن السؤال الذي يطرح نفسه على طاولة حكومة طالبان الأفغانية ما هو الدين الذي أجاز لكم مصادرة حق تعليم الفتاه الأفغانية في المدارس والجامعات ؟ وهل هناك دين أو شرع أو مذهب من يبرر لكم فعل ذلك؟ وما هو المبرر لذلك ؟ وعلى أساس اسُتند لهذا القرار الانتحاري ؟اعتقد لا يوجد اي دين سماوي او ضعي او معتقد كما ليس اي مبرر او اساس قانوني او انساني او أخلاقي يسمح لكم ذلك .
يبدو ان هذا القرار هو فشل اخر وكارثة يضاف إلى قوائم فشل سلطة أمر الواقع لطالبان قد تكون له نتائج كارثية سيدفع ثمنه السلطة والشعب الأفغاني لسنوات وخاصة أنه استهدف حق الفتاه من التعليم يأتي هذا في سياق التشابه الكبير وعقدة النقص التي اتحدت عليه حركات الإسلام السياسي الرجعي ضمن سياسات الجماعات الاسلاموية وخاصة التي وصلت إلى كراسي الحكم في أكثر من بلد عربي مسلم القائمة على النظرة السوداوية المتوحشة نحو المرأة أو الفتاة ومحاولة تهميشها واقصائها وحرمانها من حقوقها المشروعة من المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية الى جانب آخيها الرجل في تحقيق نهضة الشعوب وتقدمها .
وهذا ما يؤكد بأن محاولة حركات الإسلام السياسي الاسلاموية الكهنوتية الظالمة والمتسلطة في أفغانستان وغيرها من الشعوب عند اتخاذ مثل هذه القرارات هدفها تعميق الشرخ داخل البنية الإنسانية والبشرية وكأنها تريد ايجاد عنصر بشري واحد على مقاسها ومزاجها وحصر المرأة أو الفتاة في عمل المنزل ولا يحق لها ان تتعلم وتشارك اخيها الرجل في جميع جوانب الحياة وهذا ليس إلا نوع من أنواع تكريس ثقافة التجهيل للمرأة والفتاة الأفغانية وللمجتمع الأفغاني ككل وامام هذه التطور الخطير لن يقبل به الشعب الأفغاني والمرأة والفتاة الأفغانية اطلاقاً من خلال الاستمرار في طريق النظال المستمر من أجل الحقوق والحريات مهما كانت التحديات وان أصواتنا إلى جانب أصواتكم وحقوقكم المشروعة . وهذا ما يؤكد أن سلطة طالبان والشعب الأفغاني دخل مرحلة جديدة من الواقع المتأزم والاضطرابات والفوضى المتواصلة بفعل مثل هذه القرارات الرعناء والطائشة التي لا تخدم مصالح أبناء الشعب الأفغاني اطلاقا ولن يستفيد منها احد بقدر ما تكون سلطة طالبان خسرت وستخسر أكثر مما تفكر ان تربحه في الحاضر والمستقبل .
باحث في التنمية الديمقراطية والقانون الدولى _الجمهورية اليمنية *
عذراً التعليقات مغلقة