وقفة نقدية
نشوان عزيز عمانوئيل
ستوكهولم
من مجموعة قراءاتي مؤخراً مجموعة قصائد صدرت للشاعرة العراقية
كولالة نوري بعنوان
(لازهور على عتبه بيتي)
والتي نُشِرت في مجلة
Absinthe
التي تصدر من جامعة مشيغان الأمريكية
وحقيقة أردت الوقوف على عتبة هذهِ المجموعة من القصائد وكأنني اهبط من سابع حلم وفي جعبتي تساؤلات كثيرة محاولا إلقاء الضوء على دهاليز الإبداع والتميز الأدبي وخبايا أفق من الأحلام التي مهما حاولتُ التوغل فيها أعود كل مرة بخفي حنين وفي رأسي علامات من اللهفة والاستفهام ويصاحبني ذات الإحساس بأنني عدتُ توا من منفى بنكهة القصائد والكلمات والحلم وكأن الشاعره هنا أرادت أن نمشي صوب ذلك الطريق المؤدي إلى بيت في مفترق الطرق حيث لازهور على عتبة الدار وكل الامنيات مؤجلة في إنتظار أن تمنحنا الحياة فرصة لأرتكاب تلك الأحزان بطريقة أو بأخرى وكأن الحزن هو لعنة بيضاء يصيب فقط أولئك الذين يحترفون الجنون على ناصية الهشاشة
أنه كما وصَفَتهُ الشاعره مثل ركن اخير حيث لاجواهر تخاف عليها.. والزهور قلق هاديء ومحيطات من فوضى وغابة من تحديق.. وتستمر الرحلة مع القصيدة حيث لا اصيص على العتبة والزهور ليست لي.. وأرواح أصدقاء موتى.. وأنا محيطات لفوضى دمع..
إنها حكاية اصابتني بِأرَقِ الأحلام وغربة الروح وصراع الأنا.. هي كحياة آخرى على مفترق الطرق نبحث عنها ولانعرف الطريق إليها أبداً.. الزهور في القصيدة ثُكلى من أجل جنود يغادرون
شممتُ في القصيدة لوعة بودلير على أزهار الشر التي اختلطت برائحة سجائري وقهوتي السوداء وأنا اتنقل بين عوالم القصيدة حيث تنقلني الكلمات والفواصل من دهشة إلى أخرى محاولا تجنب السقوط في فخ الخوف والمجهول أو في تلك الغابة التي تصفها الشاعرة
غابة تحديقٍ حاد
كل ذلك تجسد في نص شعري حالم وثري وبلغة مِزاجها كألوان قوس قزح.
كأنني خرجتُ من رحم هذهِ القصيدة الرائعة وأنا أمشي بحزن
عبر الازقة البعيدة وعلى مفترق طرق الحياة حاملا بيدي سلة زهور ثُكلى وكأن أحدهم …نسي صوته في أذني وبأنني أتهاوى على حافة التنهيد أو كأنني كمنديل أسقط من سماء أخرى مثل أنهار تصبُ في فراغٍ مؤجل
نعم.. تلك هي الشاعرة المبدعة كولالة نوري التي كشفت لنا من خلال لغتها الشعرية صورة من صور الخوف والقلق والأمل وبأننا نعيش في زمن آخر نحن الذين بحاجة لكمٍّ هائل من السلام.
القصيدة :
لازهور على عتبة بيتي
كولالة نوري
يقع بيتي في ركن تقاطع طرق
مثل الركن الأخير لعمري
صغير ومتشعب
أترك الباب مفتوحاً غالباً
فلا جواهر أخاف عليها
وعلى العتبة لا أضع الأصيص
الزهور ليست لي
أقول للسُلّم الخشبي
إنها للنساء المهندسات لخطوط عرض الزواج
وطول علاقاتهنّ السريّة
إنها ليست لي
الزهور قلق هادئ يتعلق بتفكيرٍ دقيقٍ حول الماء
وأنا محيطات لفوضى دمعٍ في الجهات كلها
زهور العتبات رقيقات ومغنجات
وأنا غابة من تحديقٍ حادٍ لا أنعس
أتنزه مع الزواحف
وأتعشى شهاباً من أرواح أصدقاءٍ موتى
الزهور ليست لي
لقد ثُكلت مرات
وهم يقطفونها مني
تارةً من أجل جنود يغادرون
وأخرى لِجنود عائدين في تابوت
زهوري هناك يتيمة من ضوء
وأنا يتيمة هنا في بيت على تقاطع طرق
في ركنه المقابل
جارتي التي في عتبة بابها سلال الزهور
التي لا تعرف الحرب
.وتعرّف الحياة بخط مستقيم
.بينما أعرّف الحرب كثيمة لنجاةٍ ما
عذراً التعليقات مغلقة