تدخلات واشنطن الحاسمة تاريخياً هل سُيكتب لها النجاح في الحرب الروسية الأوكرانية؟
د . محمد عياش
– كاتب وباحث سياسي
لابد من التذكير ، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي نتاج الأفكار الجاكسونية المتوحشة التي ارتكبت المجازر بحق السكان الحقيقيين ( الهنود الحمر ) ، وقتلت الملايين منهم ، حتى أنشأوا هذا المسمى الجديد ، وبالتالي فإن مهمة هذا المجمع هو ممارسة الغطرسة والسيطرة على العالم ، وهذا ما بشر به ونستون تشرشل وشارل ديغول بعد الحرب العالمية الثانية .
إذا قرأنا التاريخ الأميركي الحديث لاستنتجنا ما يلي: عندما تتحرّك أميركا يتغيّر العالم. ويعود سبب هذا الأمر إلى الثقل الأميركي في كلّ الأبعاد، خصوصاً الاقتصادي والعسكريّ.. هذا بالإضافة إلى الانتشار الأميركي المُمأسس حول العالم عبر قواعد عسكريّة يتجاوز عددها الـ750 قاعدة ووجوداً. في الحرب العالمية الأولى تدخّلت أميركا فغيّرت أوروبا بعد مؤتمر فرساي، وتأسست عصبة الأمم. في الحرب العالمية الثانية تدخّلت بعد بيرل هاربور، وأنهت الحرب عبر النووي ضدّ اليابان، وإنزال النورماندي في أوروبا وأسّست بعدها لنظام عالميّ، ولمؤسّسات دوليّة أهمّها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى المؤسسات التي نتجت عن اتفاقيّة «بروتون وودز». بعد 11 سبتمبر 2001، أعلن الرئيس بوش الابن الحرب على الإرهاب. هذا مع العلم أن الإرهاب هو تكتيك وليس عدواً، فكيف تُعلن الحرب على تكتيك؟ وبذلك، غيّرت أميركا العالم خصوصا منطقة الشرق الأوسط .
معاهدةُ ڤرساي ، أو «صلح ڤرساي»، أو «معاهدةُ السلامِ بينَ الحلفاءِ والقوى المرتبطة وبينَ ألمانيا» بحسبِ الاسمِ الرسمي، هي المعاهدةُ التي أسدلتِ الستارَ من جانب القانونِ الدوليِّ على أحداثِ الحرب العالمية الأولى. وُقِعَ عليها بعدَ مفاوضاتٍ شاقّةٍ وعسيرةٍ استمرَّت ستةَ أشهرٍ هي وقائعُ مؤتمرِ باريسَ للسلامِ .
الهجوم على «بيرل هاربر» هي غارة جوية مباغتة نفذتها البحرية الإمبراطورية اليابانية في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1941 على الأسطول الأمريكي القابع في المحيط الهادئ في قاعدته البحرية في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي، غير هذا الحدث مجرى التاريخ وأرغم الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية.
غزو «نورماندي» سلسة من المعارك قامت عام 1944 بين ألمانيا النازية وقوات الحلفاء كجزء من صراع كبير خلال الحرب العالمية الثانية. وأهمية هذه المعركة هي نزول قوات الحلفاء إلى أوروبا ونقل المعركة مباشرة ضد الألمان. وهي الجزء المبدأي من حملة تنقسم لعدة مراحل عرفت بمجملها باسم حملة نورماندي.
اتفاقية «بريتون وودز» الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي الذي انعقد من 1 إلى 22 يوليو/ تموز 1944 في غابات بريتون في نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقد وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية.
خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن في العاصمة البولندية وارسو يوم الثلاثاء فبراير / شباط 21 / 2 / 2023 ، كان بمثابة الإعلان عن التدخل الأمريكي المباشر ، حيث ألقى اللوم على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحملّهُ وزر الحرب ، رافق ذلك ببعض التهديدات المبطنة والوعود بالاحتفال وما شابه وزيادة الدعم الاقتصادي والعسكري لأوكرانيا .
التدخلات السابقة في التاريخ الأمريكي كلها ناجحة تقريبا ً مع بعض التحفظات ، وذلك يعود للتفوق العسكري الأمريكي وضعف العدو وإمكاناته في المواجهة .. أما وأن تقف بوجه دولة عظمى كروسيا والتي تعتبر الند الحقيقي لها باعتبارها دولة نووية ووجود اتفاقيات للحد من أعداد الرؤوس النووية بينهما كمعاهدة «نيو ستارت» والتي انسحب منها بوتين مجددا ً الأمر الذي فتح الصراع على مصراعيه وأدخل العالم برمته بحالة من الرعب والهيستريا مما سيجري في الأيام أو الأسابيع المقبلة .
بايدن وعد الأوكرانيين بالنصر ، وكاد يشكر روسيا في خطابه على توحيد حلف الناتو ، الذي سيستثمره في مواجهة الصين العدو الاقتصادي الأكبر لواشنطن . أما الرئيس الروسي يؤكد أنه سيحرر الأراضي التاريخية للاتحاد السوفيتي باعتبار أوكرانيا جزء منه وبالتالي لا يمكن التنازل عن هذه المعركة ، وكان كلام نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف ،عندما قال التوقف عن هذه الحرب سيمكن حلف الناتو من تمزيق الاتحاد الروسي إلى أشلاء ، يعبر عن حالة التصميم على نهاية المعركة لصالح روسيا ولا شيء سواه .
عذراً التعليقات مغلقة