ميمون حرش
قاص من المغرب
مُتسولة
المدينة، مساء، تتقيأ كماً هائلا من المتسولين، تبدت بينهم سيدة نحيلة،استرعت انتباه أحمد، كانت تحمل طفلاً، عينه فُراره، توقف عندها، منحها ورقة مالية ليس كرماً منه، لكن بغيته أن يسمع منها، قال لها:
– عمتِ مساءً سيدتي..
– قلما يحيينا أحد، “هنا” لا أحد يسلم علينا، يا ولدي، والتحية يلقونها كالشتيمة إن فعلوا، يمرون بنا، ينظرون إلينا، ولا يروننا..
يتأسف الشاب مما سمعه، يتأمل السيدة، والطفل الذي معها، كان الصغير يرمقه هو الآخر بعينين زائغتين، حادتين، يمسك بتلابيها، وهي تمسد على رأس لا شعر فيه، صامت كحنظلة، يبدو منكسر الخاطر، مهيض الجناح.. قال لها أحمد:
– إني أراك يومياً، هنا، في الشارع، أوليس لك بيت يأويك مع طفلك؟
– الشارع بيتي، ومع ذلك هم يحسدوننا عليه، يعتبروننا مجرد زبالة تشوه شوارعهم الأنيقة..
وحين لاحظت اهتمامه بالطفل، قالت له:
– إنك، ولا شك، من أسرة كريمة، وأطهر أرومة.. فهلا أخذت معك الطفل، تسهر عليه أسرتك بدل هذا الشارع..
يرد الشاب، وقد فاجأته بطلبها:
– وهل تصبرين على فراقه سيدتي؟!
قالت بدون حرارة:
– إنه ليس ابني.
القصة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات واداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة