الجامعة والحداثة.. خسارة العقل مسافة من الضوء

آخر تحديث : الأحد 12 فبراير 2023 - 9:39 مساءً
الجامعة والحداثة.. خسارة العقل مسافة من الضوء

عندما تُحرم الجامعة من درسٍ في الحداثة، فانتظر أن يخسر العقل مسافة من الضوء

عبد الحميد جماهري (*)

roundcube 1 - قريش

كاتب وإعلامي ومحلل سياسي مغربي

عندما تُحرم الجامعة من درسٍ في الحداثة، فانتظر أن يخسر العقل مسافة من الضوء، وأن يكسبَ الظلام في الحرم الأكاديمي قطعةً إضافية.
وهذا ما حدث بالضبط يوم السبت الماضي، عندما حارب الطلبة المنتسبون إلى الفصيل القاعدي، (ورثة إلى الأمام زعما زعما)، ونسفوا نشاطا للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات.
عملية انتحارية يقوم به الطلبة، وهم يفوتون على العقل الحداثي، مناسبة جامعية للترافع من أجل إنصاف المرأة، ومن أجل تقدم قضية من القضايا الجوهرية لليسار عموما واليسار الوطني المغربي على وجه الخصوص.
لا أحد يمكن أن يصدق بأن الطلبة القاعديين أولئك، كانت تحركهم فكرة ما نضالية، فلا نضال ولا مناضل يقف في وجه القضية النسوية التقدمية. ما نستخلصه بالأحرى هو أن الظلامية لم تعد حيث اعتقدنا دوما، بل كسبت النزعة الظلامية فلولا جديدة من جديد الميليشيات التي تدافع عن قيمها القاتلة للعقل.
ما نستخلصه هو أن القضية النسائية أصبحت لها فلول جديدة من الأعداء بأقنعة تقدمية واهمة، تتحرك بكل تلقائية في الحرم الجامعي..
لقد نسفت الظلامية الجديدة ندوة، كل أسلحتها هي الفكرة والعقلانية والتقدم والمساواة.
ما نسفته القوى الظلامية الجديدة هي القيم التي قامت عليها الحركة التقدمية عبر تاريخها وفي كل محطاتها ونضالها المرير من أجل إثبات حقوق المرأة في العالم ..
ماقامت عليه منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، طليعة النضال الطلابي والأكاديمي، والذي شكلت فيه المناضلات «الأوطاميات » من كل المشارب والاتجاهات التقدمية طليعة حقيقية، ولبنة لتفجير القضية النسائية بكل بهائها وسموها وتوهجها..
لقد كان فلاديمير لينين يمجد المرأة وحضورها، بل يربط نجاح الثورة، كأسلوب في التغيير سابقا بدرجة انخراط النساء فيها، وقال قولته المشهورة « إن تجارب كل الحركات التحريرية تشهد على أن نجاح ثورة ما يخضع لدرجة مساهمة النساء فيها ».. وعندما يعمل فصيل طلابي على تعطيل هذه الحركية النسائية، فهو بالتعريف وبالضرورة قوة تخلف وقوى رجعية لا تسمح للمرأة بالترافع عن قضيتها، كما يعطل إحدى وظائف الجامعة¡ وهي وظيفة التنوير والنضال من أجل التقدم والانتصار ..
لقد اكتست القضية النسائية في ظروف عديدة من تطور الحركة التقدمية أهمية كبرى صارت بها ذات أولوية على غيرها من قضايا الجماهير¡ ولعل التلاميذ السحرة للظلامية المقنعة لن يفهموا ذلك لأن قراءتهم للأدبيات التقدمية لا تتجاوز بعض الشعارات البئيسة والمترهلة، التي لا ينخدع بها أحد..
من المحقق أن العملية المشبوهة حقا لن تنال من قوة الانخراط النسائي للمنظمة الاشتراكية للمناضلات الاتحاديات، من كل طبقات المجتمع ومن كل فروعه وتخصصاته، بل سيوضح الموقفُ الذي جرت أطواره في جامعة محمد بن عبدالله في فاس، التي تم تعميدها ذات نضال متوج بكومونة فاس، طبيعةَ القوى المتلفعة بالتقدمية، المتخلفة عن قضايا الشعب وفئاته ونضالاته العقلانية.
ويوضح إلى ذلك الحاجة الماسة إلى فكر تقدمي بآفاق عقلانية وديموقراطية ناضجة لتحرير العقل، ولتحرير الجامعة أيضا من ميليشيات التفكير الظلامي الجديد.
هناك حاجة ملحة وحتمية تَجْمع كل القوى التي من مصلحتها أن تظل القضية النسائية قضية ذات أولوية في المغرب، ومن مصلحتها أن تظل الجامعة ساحة الفكر ومربع الضوء وفضاء العقلانية والفكر النقدي…. المتجرد، والبعيد عن الترهيب الإيديولوجي.
إن المتطرفين يلتقون، هكذا قال معلمو الفكر الاشتراكي النقدي الواعي، وقد التقت نزعات الظلامية التقليدية مع الظلامية الجديدة في محاربة قضية مركزية في حياة الشعوب، وفي كل مدارس الفكر التقدمي هي مدرسة المساواة والإنصاف..
أما المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات فماضيةٌ في نضالها وفي تعبئتها ومرافعاتها، من أجل أفضل الأيام للمغربيات الشامخات.. وللمغرب الحر المتعدد الشجاع !
الكلمة للتاريخ للفصل بين توجهين، واحد يخدم المستقبل المضيء للمغرب وآخر يسعى إلى فرملة التطور…
ويكفي المرأة الاتحادية فخرا أنها جزء من التيار الأول وأن إرادتها التقت مع إرادة أهل العلم والمعرفة، ورجال ونساء العقلانية والتنوير… عكس خصومها.


(*) مدير تحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية 

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com