حوار مع الأديبة التونسية فتحية النصري : هموم الشعر و الرواية والنساء

حوار مع الأديبة التونسية فتحية النصري : هموم الشعر و الرواية والنساء

آخر تحديث : الإثنين 27 فبراير 2023 - 1:39 صباحًا

حوار مع الأديبة التونسية فتحية النصري :

أميل في كتاباتي الى الشعر الذي يعبر عن الشجن الروحي

لحظة الكتابة تبقى لحظة فارقة وخارجية عن النص والزمان والمكان…

كتبت في عدة أغراض شعرية..في الشعر الغنائي والملحون والقصائد الموزونة وبين العمودي والحر والقصيدة النثرية…

شاركت في منتديات ومهرجانات عربية في تونس وخارجها كمصر وسوريا والعراق من خلال جوائز أدبية او تكريم لمسيرتي الابداعية…

lmk - قريش
فتحية النصري

الأديبة فتحية نصري ابنة السباسب الجميلة أصيلة مدينة القصرين بالوسط من تونس..متحصلة على الأستاذة في اللغة والحضارة العربية مربية اصيلة مدينة القصرين بدأت بكتابة الشعر والقصة القصيرة متحصلة على عدة جواىز وطنية في القصة القصيرة والشعر صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان “مدينة اغتيال الأحلام” عن دار سحر للنشر و رواية بعنوان “امرأة الليل” عن دار كنعان للنشر بدمشق وطبعة ثانية للرواية عن دار بيبلومانيا للنشر سنة 2021 تحصلت علي جائزة عربية في مصر عن رواية “امرأة الليل ” من قبل المركز العربي للدراسات وللدقيق اللغوي وخدمات ما قبل الطباعة بإشراف الاستاذ فايز ابو جيش وعن منتدى غادة صلاح  و لها قيد النشر مجموعة شعرية عن دار بيبلومانيا للنشر ورواية تتحدث عن زمن الكوفيد ..اختارت العمل الحقوقي أيام الثورة وبعدها وهي رئيسة منظمة نسوية تدافع عن حقوق النساء وترافق النساء ضحايا العنف  و عضو  الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وناشطة حقوقية..بدأت بالشعر الذي تتقول عنه “…وكلما اشتد الوضع قسوة اعتبر الشعر ملاذي وراحتي الأبدية وبيتي السري …”.

هنا حوار معها عن الكتابة و التجربة و المسار الأدبي :

حاورها / شمس الدين العوني

 1/  كيف تتحدث الشاعرة و الكاتبة فتحية النصري  عن تجربة البدايات مع القصيدة …مع الشعر..و السرد … و مع أرض السباسب..الذات و المكان؟

تجربة البدايات :اعتبرها تجربة العنوان والاندفاع الثوري والتمرد واكتشاف العالم ..كانت تجربة البدايات تتشكل و تنغمس في سجايا الروح و تبحث عن النقاء الثوري الذي نصبو اليه فكان من الطبيعي أن أميل الى الشعر الذي بيعبر عن الشجن الروحي ويميل الي الانطباعية في رسم الحلم والواقع وكذلك لانه قادر على رصد الانفاعالات اللامتناهية للحظة الشعرية التي تبحث دائما على أشكال تعبيرية آنية وانفعالية كانت أيضا متعلقة بالمزاج العام الذي كانت فيه القضية الفلسطينية هي البوصلة لتشكل وعيي الثوري كاغلب أبناء وبنات جيلي الى جانب التعلق بالمكان والوجه الحبيبة التي تدفعك للكتابة وفك شيفرتها حقيقة للمكان بلدتي التي اعشق تأثير كبير في مسيرتي الإبداعية والشرعية أين يتماهى الذاتي بالموضوعي فتربة الشعانبي الندية تلك المحمية الطبيعية العالمية والقمة الشماء والاابات الوارفة الظلال تاتير ارتبط بمخيلتي جعلت من وعيي يتفتح مبكرا وينتصر فيه للحب والجمال المحطة القديمة والَمقطورات المعملة والبيوت ذات الطابع الفرنسي القديم التي هجرها اصحابها جعلت من خيالي ينفلت بلا حدود حكايات تحفر في الروح وانا أمر في شوارعها التي احتضنها أشجار الكلبتوس والصفصاف تلك السواقي التي تشق البساتين والممرات… كانت توشوشني بمالاف الحكايات بساتين العريش رىة القصرين التي تلطف الأجواء بغاباتها واشحارها المثمرة كجنة حان قطافها لتهدي العابرين ثمارها.. وادي الدرب الذي يتفتح على المسرح الروماني والمدينة الأثرية بسيليوم هي وسفيطلة بوابات النصر التي تذكر بأمجاد هذه الربوع المنسيك لتحدث العالم انها كانت عاصمة أفريقية لمىات السنين.. الوجو المتعبة للامهات والجدات المنحوتة بيد ريشة فنان فلورنسي فتواري أسرارها بالرسم الامازيغي الذي بخلتل الزمان ويعبر الحضارات محتفضا بالأصل محافظا على لغة الأجداد في الوجة الوشم الذي بحدث الدنيا عن اصولنا للرجال الاحرار الامازيغي مايدة يوغرطا والجبال التي كانت حصنا للوطن وللفلاقة ايام الاستعمار فعاقبونا لأننا ثرنا فزرعوا فيها الارهاب العيون الخضر والأزرق والشهلاء تحدث التاريخ عن المال في هذه الربوع رغم القبح الذي يحاصرنا ورغم الإهمال والنسيان تجعل مني شاعرة فلا خيار لي في ظل بيئة حاضنة للعشق والعرفان كل هذا الحب والجمال الطبيعي والطقس البارد الشتوي القاسي والصيف الحار الذي يتحفك لنسمات جبلية لا مثيل لها تسكن روحي فكلما ارتحت عنها عدت العاشقةالتي يدميها الهجران معهد الشهابي ابطي درست فيه اتاح لي المرور اليومي أمام معلمها البسيطة فتحفر في الروح آلاف القصص والحكايا التي لا تموت ومنه كانت بدايتي بالخاطر والمحاولات العربية في سن الثالثة عشر …

 2/   الشعر و النقد..ماذا تقولين عن العلاقة بينهما  ؟

أعتبر الشعر المدرسة الأولى التي يقف أمامها النقد صغيرا لاهثا وراء مراكماته باحثا عن تجلياته بلا جدوى محاولا سبر أغواره فيعود متعبا مهزوما منكسرا أمام قوة حصونه المحكمة البناء لان الشعر وليد اللحظة الشعرية الفارقة والاحساس الروحي الصادق الذي لا يخضع للقواعد والقوالب والاملاءات متجاوز المنطق الذي يرغب النقد في اخضاعه له فلا ينجح وان ربح المعارك فهو الذي يخسر الحرب داىما مهما اجتهد في تفسير هذه الظاهرة الإنسانية الراقية يظل طفلا غريرا يعوزه الاحساس الصادق باللحظة الشعرية فيفسر مالا يفسر لذلك يظل الشعر أرقى انواع التعبيرات الفنية في نظري و يظل النقد بوابة منطقية تحاول توجيه الشاعر الي بوصلة لا يقصدها في أحيانا كثيرة على أهميته وبروز العديد من المدارس النقدية الحديثة موفقيالشخصي اعتبر الفنان كلما تخلص من سيف النقد والايدبولوحيا ظل قادرا على الإبداع اكثر حرا طليقا ثاىرا على على كل القوالب والقيود أما السرد =لي معه قصة عشق لا تنتهي بدأت منذ طفولتي سن الثامنة اوالتاسعة تقريبا إذ يعطي للمبدع مساحة للتداعي والتفسير والحكي بعيدا عن الترميز والابهام والغموض تاركا مساحة للتاريخ مراحل طويلة باسهاب فيه مكان للانفعال والخيال اكثر اتساعا وطلت تجربتي مراوحة بين الكتابة والسعر ولم أجد صعوبة في ذلك فالشعر يعطي مساحات اكثرا للأنثى ان تعبر عن عفويتها وميرلاتها في زمن ذكوري جارح هو بيتي السري وصندوق القديم وهو البوابة التي تترك لي مساحة للتعبير عن أحلامي وارهاصاتي وانتكاساتي التي تختزلني في عالم موجع للنساء في زمن التسليع لهذا الكاىن المفعم احساسا وشاعرية هذا المخلوق الذي قمعه التاريخ والجغرافيا والعادات والتقاليد والدين. لذلك أجد في قلمي سلاحي وبيتي السري الذي يلهمني التحدي ومواصلة المشوار الطويل والمنضني

3/ كتبت القصيدة..هل ترين أنك أضفت لها.

بدات بكتابة القصيدة الموزونة في البدايات وتأثرت بالمخزون الشعري العربي القديم شعراء المعلقات وشعراء القرن الرابع كالمجتون وبن ابي ربيعة وقيس وليلى وشعراء الخمري لأبي نواس وبشار بن برد.. وانتقلت الس الشعر الحديث شعراء مطلع القرن العشرين شعراء رابطة القلم العربي والمدرسة الرومنطيقية وتأثرت بالنجددين في السعر كنازك الملاىكة والشباب والجواهر ثم ادوتيس وأنسي الحاج وعشقت تجربة نزار قباني لكن كان ميلي اكثر لشعر محمود درويش نهبت من كل هذه الشارب لكن ام أكن من هواة التقليد و اومن بالطابع الخاص وخصوصي كل تجربة شعرية وحقيقة اميل الى الشعر الثوري عموما ولا اميل الي القيود والتفعيلة والقيود في الشعر فكتبت تأثرت لكل المدارس الشعرية واخترت قصيدة النثر وبدأت تجربتي الشعرية تتشكل بعيدا عن التقليد والقوالب الجاهزة اما عن اضافتي للشعر او القصيدة اترك ذلك للتاريخ والقارىء لكن لدي ايمان راسخ ان لكل شاعر خصوصياته الإبداعية وعليه ان يدافع عنها حتى تتشكل تجارب متنوعة وللنقاد والتاريخ قولهم الفصل

  ماذا عن أحوال القصيدة العربية ؟ وما هي القضايا الشعرية التي شغلتك مع جيلك؟4/

القصيدة العربية الثورية عانقت الروعة بعد خمسينات القرن الماضي واتسمت بالجمالية والتمرد على الساىد وتماهت مع هموم الشعوب ضمن مدارس راىدة متنوعة المشارب لذلك أعتبر أنه من الطبيعي أن يبحث الشعراء عن التجديد والتمرد عن القوالب (القصيدة الموزونة.. .) وكان من الطبيعي أن يبحث الشاعر عن طرق أخرى للتعبير ويعود سبب ذلك الى الانتسكاسات والارهاصات التي مرت بها شعوب المنطقة وفشل شعارات أمن بها المبدع ودافع عنها في تجربته الشعرية أو الانسانية و الايديولوجية والفكرية جعلت من الواقع لحظة اقتراف للذنوب او خداع تلك الطوباوية الثورية لشعراء أصابهم ما حدث من خراب بون وتشاؤم في مصر النكسة او ما حدث للقضية الفلسطينية من تخل عن الأرض والدخول في المفاوضات او الحرب على العراق و ربيع الخراب الذي قضى على بقية الحلم رغم انه كان كل الحلم وليبيا وسوريا واليمن صور مؤلمة وصراع مع رجعيات عانينا تديرها المنهج للوعي الجمعي في العشرية السوداء في تونس.احدث كل ذلكر.تاثير فارق فالحروب والوهن والخراب جعل من الشعر في حيرة بين الساىد والحلم لذلك اعتبر ان من الضروري ان يبحث الشعر عن صورا جديدة تتناسب مع حجم ما وصلنا اليه من تغييرات ليفتح متافذا أخرى للحلم والأمل حتى اكون اكثر وضوحا كل ما حدث من خساىر علينا أن نتجاوزه بثورة فكربة وابداعية تجعلنا نعبر الراهن بسلام وأكبر دليل على أن القادم أجمل وجود أقلام واعدة ومبدعة وملهمة لنا حتى نستمر لأن جل ما شغل جيلنا قضايا مفصلية كتحرر شعوبنا من نبر الاستعمار المباشر او الغير مباشر فتوحش الرأسمالية الغربية والأمريكية أعاد هذه الشعوب الى البدايات كل هذه الانتكاسات أنجبت جيلا هاربا من واقعه متاثرا بجنة الغرب التي احرقتنا في ظل تعقيدات ومؤامرات تشهدها المنطقة لم يكن االفنان والمبدع في مستوى تحديات الراهن وانخرط في معارك جانبية اما مع الربيع اوضده متناسيا ان الثورات أساسها فكري وفلسفي وثقافي حتى تنجح. في ركام ولجج هذه التغييرات المذهلة والمتتالية يبقى (الشاعر الكاتب المبدع المسرحي الرواىي الرسام…) مشتتا بين مرارة الواقع وقسوته وكثرةالتحديات المطروحة عليه ما شغلني كجل أبناء وبنات جيلي القضايا العادلة مسألة الحرية وانتكاسة أحلامي بمستقبل يسود فيه العدل والحرية والمساواةالتامة والفعلية والقضاء على الظلم وقد ذكرت فيما سبق تأثري بقضايا التحرر العادلة في أمريكا اللا تينية وجنوب افريقيا وخاصة بالقضية الفلسطينية كانت لي رؤية كونية وانسانية للعالم كنت حالمةرو تاىقة للعدل والحب والجمال وقد راكمت تجاربا ايديولوجبة وسياسية أثناء الدراسة وفي النقابات وتأثرت بالفكر التقدمي ودافعت عن موقفي من الوطن والكون والحياة

  5/ ماذا عن لحظة الكتابة لديك ..و هل نال شعرك ما يستحقه نقديا؟

لحظة الكتابة تبقى لحظة فارقة وخارجية عن النص والزمان والمكان في الحقيقة حافظت دوما على عفويتها ومزاجيتها التي تبقى رهينة الإلهام والصفاء الروحي وتوفر شروط ذاتية وموضوعية للكتابة ظلت تراودني داىما فكرة اخضاعها للحرفية لكن فشلت ولم افلح في ذلك وتبقى طفلتي الحالمة التي تشبعت بقيم النقاء وجمال روح البدايات تغلب على طبعي وهذا ما يجعلني مقلة في النشر رغم أنني لم انقطع عن الكتابة نظرا لايماني باللحظة الإبداعية الفارقة والجمالية والكمال (الحق والحب والجمال…. ) لا -أنكر مزاجيتي واتمنى أن أصل الى الحرفية وأتمنى ان أتجاوز ذلك.. انا ابنة السباسب وحبي لمنطقتي وبقاىي فيها لم يتح لتجربتي الإبداعية الشعرية والرواىية ان تأخذ حظها كما أرى أن ذلك يعود لعدة أسباب اهمها تمركز الحركة الأدبية في العاصمة او المركز وعدم تفتحها على الداخل او الهامش وعدم أطلاعه وتعرفه على تجارب إبداعية واعدة رغم ان كتاباتي وجدت احتفاء عربيا في الجراىد والمجلات الخليجية والمشرقية كروايية وشاعرة نالت جوايز عربية لافتة معلي المستوى المحلي اسم فتحية نصري المربية والشاعرة والرواىية والمتاضلة الحقوقية و النسوية يعرفه الصغير قبل الكبير وايضا على مستوى العربي في دمشق والقاهرة عترف اهم النقادلعرب والمبدعين بجودة قلمي لكن اتمنى ان يتم تثمين تجربتي في وطني والتعريف بها وهذا ليس مقتصرا علي انا فقط فقد تم تهميش العديد من الأقلام المتميزة والمتمكنة من الفعل الإبداعي في تونس فقط لأننا لسنا في المركز لذلك لم تحضى تجربتي الشعرية والرواىية بحضها من النقد والتعريف

6/   بعض الشعراء مروا إلى الرواية وأبدعوا فيها ..كيف ترين ذلك؟

كان لي الشرف ان كنت من بين الشاعرات والشعراء اللذين مروا من التجربة الشعرية الي التجربة القصصية و الروائية وقد نجحت في ذلك فمجموعتي القصصية الأولى مدينة اغتيال الاحلام عن دار سحر للنشر تحصلت أقصوصاتها على جواىز وطنية كذاك روايتي امرأة الليل في طبعة أولى عن دار كنعان للنشر بدمشق والطلعة الثانية عن دار بيبلومانيا للنشر بالقاهرة تحصلت على جاىزة عربية سنة 2021 عن المركز العربي للدراسات والمراجعات الأدبية الذي يشرف علبه الاستاذ فاىز ابو جيش وعن منتدى حسام عقل وغادة صلاح وقد لاقت صدى طيبا فقد كنت فخورة ان قلمي مثل المرأة المبدعة التونسية أرقى تمثيل

لاننا جيل قد راكم تجربته الثقافية بشكل متنوع المشارب وكان لنا اهتمام خاص بالكتاب وتربينا على عشق المطالعة فكنا نحتفي بالكتاب فنطالع الشعر والرواية والنقد والمقالة الأدبية و الكتب السياسية… وقد بدأت تجربتي الشعرية وتجربة الكتابة القصصية في نفس الفترة ونلت عن ذلك العديد من الجواىز الوطنية مع انني اؤمن بأهمية الموهبة التى لا غنى عنها حتى أن جل النقاد الذين اطلعوا على كتاباتي القصصية أجمعوا على شعريتها في نظري لا حدود للشعر والقصة و الرواية في الإبداع مادام القلم قادر على خط ملامحه الإبداعية بحرفية شرط الاقدار والتمكين والموهبة حتى لا نشرع لتداخل التخصصات الابداعية

7/  هل ترين للشعر من جدوى في الزمن الراهـن؟

للشعر في كل الأزمنة والأمكنة ضرورة واضحة فاضحة للرداءة و الظلم والقهر معليا بذلك راية احق والحب والجمال سيبقى الشعر ما بقى الإنسان أداة جمالية راقية تكشف مكامن الروح ورقي الوجدان تكشف انحطاط الإنسان وتعري حيوانيته وتدعوه الي خوض التجارب المجهولة ذلك الكاىن المحب للطبيعة و القادر فجأة على حرق كل إنجازاته.. سيبقى الشعر ما بقى الانسان حرا من كل القيود.. تايقا للابهي والاجمل الشعر نبض حي ضمير الشعوب وموقف من الحياة بل هو الحياة نفسها وهو تشريع للحلم وبعد جمالي نابض باللمل والديناميكية أحمد فؤاد نجم بابلو نيرودا درويش نزار.. منهم تعلمنا أن الشعر هو الإنسان يتجل بهيا فيرسم بالكلمات ما تعجز عنه ريشة الرسام يؤرخ للحظات الإبداع الفارقة منه فقط راكمنا تجارب الشعوب وتعلمنا ان الافق كوني أرحب وأن الجمال هو غاية انسانية يمارسها الشعر ويقترفها كل بوم فكلما ضاقت بي السبل التعبيرية انحاز حتما للشعر والشعربة.

8/  هل كتبت شعرا وقع التغني به ..وكيف تقيمين حال العلاقة بين القصيدة والأغنية التي تمر الآن بأزمة إبداع وطرب؟

كتبت في عدة أغراض شعرية كتبت الشعر الغناىي والملحون والقصايدة الموزونة وبين العمودي والحر والقصيدة النثرية. اذكر انني كتبت قصيدا غناىيا اثر وفاة شكري بلعيد لاحد الفنانين الهواة لتبقى العلاقة بين الشعر والغناء علاقة روحية متلازمة فمتى كانت الكلمة راقية وصادقة ومرهفة وفيها مجال للإبداع والجمالية تضمن للفنان الانتشار وللاغنية الخلود. هذا لا يجعلنا نغفل عن أزمة الأغنية في الفترة الأخيرة وتعمد الكلمات السطحية مع الإيقاع السريع وجنوح الفنانين لاختيار أغاني تجارية تخضع لمتطلبات السوق التي تفرض سطحية المفردات وسوقيتها و تعمق أزمة الأغنية اليوم كذلك بروز فن الراب او فن الشارع وميل الذوق العام نحو هذا النوع من الغناء هو ظاهرة تستحق من المبدعين النزول الى الواقع وفهم مشاكل ومشاغل الشباب إضافة إلى تردي الذوق العام وفشل المشاريع الفكرية الثقافية والتربوية لبلداننا خاصة في تونس كأزمة الكتاب او نفور هذه الأجيال من المطالعة ف دورنا اليوم هو كيف نعيد الثقة في الكتاب بكل مضاربه وكيف يستعيد المبدع دوره في مجتمعه ويتماهى وواقعه الثقافي بعيدا عن التقوقع و العنجهية والتعالي باعتباري ناشطة في المجتمع المدني لا القي بالمسؤولية على هذه الاجيال بقدر ما هو تحميل الدولة والمثقف ما وصلنا اليه من ترد ثقافي الحل في مشروع فكري وثوري متكامل تتبناه الدولة بكل تعبيراتها مع إعطاء المبدع دوره الحقيقي وتشجيعه. حقيقة في وطني لا نقدر كفاءاتنا ولا نحترم مبدعينا إضافة إلى انتشار وساىل التواصل الاجتماعي التي خلفت لنا مبدعين من وهم ومن ورق وادمان الانترنيت جعل من هذه الاجيال تنفر من الكتاب وتبحث عن الاستسهال وادمان الألعاب الاكترونية والتقوقع هذا الوهم الافتراضي جعل من الجميع يستسهل الشعر والكتابة الي جانب نفور المبدع من واقعه وتهربه من الفعل الثقافي الحقيقي في واقعه والتهرب من أهمية التجديد في واقع متغير بشكل مذهل ويومي وضرورة الوقوف على أهمية التغيير والتجديد في الأساليب الإبداعية المعتمدة والتي قد لا تناسب هذه الاجيال حتى نقلل من الفجوة بين الفنان المبدع وواقعه.

9/    هل يمكن أن نتحدث اليوم عن جماليات أخرى جديدة ومغايرة تتطلبها القصيدة العربية؟.

ان التغيير المذهل الذي يمر به العالم وبروز وساىل التواصل الاجتماعي كطرق حديثة للتعبير والتواصل يجعل من الضروري ان نفكر في طرق جمالية وابداعية متطورة تتناسب وهذه الفجوة الرقمية التي تفصلنا عن الكون والحياة حتى لا نكون خارج التاريخ ولا نتعامل مع الأحداث بحرفية وحضور يشكل لدينا وعي حقيقي بالتغيير لنقترب اكثر من القارىء والمستهلك الأساسي للمادة الإبداعية بشتى انواعها حتى لا نبني فجوة بيننا وبين الواقع باعتبار ان المثقف العضوي هو الفاعل وليس كيانا منفعلا يسلب نفسه الموقف من الكون والحياة بعيدا عن الشعبوية والشعارات الزاىفة للسياسيين وللأسف سقط في ذلك المثقف وأصبح حبيس التصنيف الأيديولوجي حقيقة علبنا ان نفكر في طرق إبداعية وجمالية قريبة من الواقع الإنساني والمجتمعي الذي يجبرنا على خوض الكثير من التحديات.. ان التوحش الامبريالي والعولمة المتسارعة جعل من المثقف او المبدع حبيس الروتين اليومي والضغط الاقتصادي داخل داىرة مغلفة تجبره على الاستسلام او الاكتىاب يجعلنا نفكر بكل جدية في مشاريع ثقافية وفكرية تتبناها الدولة وبكون المثقف شريكا فاعبا فيها حتى نتقذ الإبداع من هذا الانحطاط والرداءة اللتان تحاصرانه و نبني جسرا من الثقة والود بيننا وبين المتلقي هذا الزمن الذي توحش فيه الإنسان وداي على كل القيم الإنسانية من أجل متافعه وصالحه اما كدول او كأشخاص غزل الأمل وبناء الثقة بيننا وبين القاريء او المستهلك للثقافة امر ضروري فالمصالحة لا تنبني على التعالي الغطرسة فكلما اقتربنا من هموم الناس كلما ضاقت داىرة الخوف وأسعدنا دور المثقف الفاعل في واقعه مثلا الأغراض في استعمال لغة أكاديمية لن يفهمها هذا الجيل ولن تعبر عن مشاغلةه ومشاكله صناعة حقل لغوي يناسب الواقع وطموحات هذا الجيل هو مشروع على المبدع والدولة تبنيه من خلال مشاريع ثورية متطورة في النهاية نحن نرنو الي يلاية التعبير والواقعية والاقتراب من روح المستهلك للفن والابداع بكل أنواعه وتجلياته ولسنا دعاة للاستسهال او للرداءة

10/  هل ترجمت أشعارك لغات أخرى ؟.

لم تترجم كتاباتي الشعرية او الروائية الى أي لغة وأتمنى ذلك لانه سيمنحني فرصة التواصل الإنساني مع ثقافات أخرى وبلدان أخرى للأسف اتمنى ذلك وهو حلم كل مبدع ان تترجم كتاباته الي لغات أخرى وبالتالي سيمنحه حياة أخرى امل ذلك في أقرب فرصة

11/  ما هي أهم مشاركاتك الشعرية العربية والدولية إلى حد الآن؟

شاركت في عدة منتديات ومهرحانات عربية في تونس وخارجها كمصر الشقيقة وسوريا والعراق من خلال جوائز أدبية او تكريم لمسيرتي الابداعية في الشعر وقد نلت التكريم في الشعر في أكثر المهرجانات ذات الطابع الدولي مثلا من قبل رابطة جمال الدين والعنقاء الأدبي بالعراق الشقيق في تونس وتحصلت روايتي امرأة الليل عن دار بيبلومانيا للنشر على جاىزة عربية وتم تكريمي في القاهرة من قبل المركز العربي للمراجعات وللدراسات الأدبية الذي يشرف عليه الاستاذ فاىز ابو جيش و ومنتدى غادة صلاح والدكتور حسام عقل الى جانب استقبالي والاحتفاء بي من قبل اتحاد الكتاب العرب بإشراف الدكتور علاء عبد الهادي الى جانب السفارة التونسية في القاهرة وهذا يجعلني على ثقة تامة بأهمية التعريف بتجاربنا الإبداعية خارج حدود الوطن لأنها أينما حلت تترك أجمل الانطباعات كذلك لنتعرف على التجارب الإبداعية العربية او الإنسانية لنثري تجاربنا ونستمر في الفعل الثقافي والتميز والابداع

12/  و أنت في أوج هذه المسيرة الشعرية و السردية ..ماذا تقول الأديبة فتحية النصري ؟

مازلت أخوض تجاربي الشعرية و الرواىية بشغف وأحلم بربيع اللوز يحف الخطى على هذه الأرض الخضراء الندية والحبيبة أنا هناك من جبال السباسب الشامخة ومن سفوح الشعانبي الذي مر بمحن كثيرة راكمتها كشاعرة وكرواىية وابنة هذه الربوع المناضلة ضد النسيان والتخلي أنتصر للحب و للحياة اقول لك صديقي مازلت طفلة تقترف ذنب الكتابة وتتعامل مع الكون بوجدان الثاىرة على النمطية والرتابة في الكتابة وفي الشعر سعدت كثيرا بهذه المصافحة الراىعة وهذه الصدفة التي جمعتني بك صديقا أكن له كل الاحترام والتقدير شكرا للعاصمة الخضراء التي جمعتنا والف شكر لك مبدعا أصيلا وصديقا وفيا تحياتي لك لأنك فسحتم لي المجال من خلال منبركم الاعلامي الراقي لشخصي المتواضع فتزدحم الأفكار وتتردد الكلمات فأقول في حبك يا بلدي /مازلت ليك نغني ومازلت نزرع دروب الورد بعزفي وفني / سنبقى الأقرب رغم المسافات وسيخط قلمي آيات العشق والعرفان لهذا الوطن الجميل الذي عشقنا رغم المركزية الضيقة والنسيان من جبال الشعانبي الشماء سنظل أوفياء للحب والجمال من ربيع الزعتر ومن نسماتها البهية وغاباتها سنحضن عشقنا لخضراء العيون سأبقى طفلة عاشقة للوطن بوصلتي الإبداع والكتابةضد الرداءة والنسيان نابضة بالحياة لأن في الكتابة حياة سأكتب حتى ينصفنا التاريخ على العهد دوما وان باعدت بيننا المسافات سنكتب عن تونس التنوع والمحبة سأكتب عن السباسب التي عشقنا خراىط وجع ووشمات امازيغية تحدث العابرين عن الثورة والحب والحياة سنكتب ضد الرداءة سنتغنى بالشعر ضد القبح وسنعلي رايات التمرد والحق والجمال.. اذا دجن المبدع و تخل عن التمرد عن الساىد سيظل الطريق لذلك سأحافظ على روح الثورة والتمرد في داخلي

13/  بماذا تحلمين ككاتبة…الشاعرة و الانسانة؟

أحلم كإنسانة وكشاعرة أن تلغى الموانع الحدود وتبقى غايتنا الأساسية الإنسان سنشرع سفينتنا للريح ونترك للحلم فسحة أخرى ونبحر مهما اشتدت العواصف كل ما اتمناه أن لا نذبح أماني أبناءنا و نقاوم بكل عنفوان المركزية الضيقة وان يفسح المجال للجميع حتى لا نكون على الهامش ونقاوم العنصربة والجهوية المقيتة وأنا ن تبقى تونس اما لنا تحضن إبداعات ابناىها ولا تتركهم فريسة للتخلي والنسيان والتطرف أرفض التقسيم والتسطيح الذي جعل منا غرباء داخل هذا الوطن العزيز اكتب اكثر من ثلاثين عام كنت المتمردة التي ترفض التاطير انتميت اخيرا الي اتحاد الكتاب أحمل خلفي ارثا لسفيطلة وسيليوم عاصفة أفريقية لمىات السنين أحلم بتونس الممكنة أحمل خلفي وزر سنوات من النضال الحقوقي والنسوي ضد التهميش على أساس النوع والجنس والعرق واللون ما أعد به =الكتابة ثم الكتابة ضد الرداءة وانتصارا للحياة

14/   ) و أخيرا…

… واخيرا تركت لي فسحة حرة من الانفلات الفكري فمارست كعادتي طقوس اقتراف الكتابة دون قيود او تابوهات ..كل الشكر والتقدير على هذا المتنفس الاعلامي الذي فسح لي المجال كي اعبر عن كل اختلاجات وثورتي وحبي للإبداع ولهذا الوطن الحبيب والجميل… فقط سأقول لك عشت فترات كانت فيه المنتديات الأدبية والمهرجات الشعرية من شمال البلاد حتى جنوبها تدفعنا للمنافسة والكتابة.. هذا يجعلني متأكدة ان على هذه الأرض الخضراء الندية من أقلام متمكنة ومبدعة ما يترك لنا مساحات للحلم والفعل الثقافي ما يستحق عناء الكتابة والابداع والحياة فتحية نصري الشاعرة والرواىية والقاصة ستواصل الكتابة ضد القبح واعلاء قيم الحق والحب والجمال والتمرد على السائد والتأسيس ضمن جيل من الشعراء والكتاب كان وفيا ومنحازا للإبداع والجمال .

حوار خاص لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب. -لندن

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com