بغداد -ابو زينب المحمداوي -خاص لـ” قريش”
أعلن رئيس تيار الحكمة “الشيعي” في العراق ،عمار الحكيم، اليوم السبت، طرح مشروع “الوطنية الشيعية”،و حذر منانحرافات خطيرة قد تفضي الى انقسامات حادة في الواقع الشيعي. ويواجه الشيعة فيالعراق تقاطعات خطيرة مع مبدأ الوطنية بعد عقدين من الاحراج السياسي للنظام إثر تكريس حكم المذهب الذي طبع الحكم في العراق بطابع الطائفة الواحدة مع رتوش قليلة في مشهد متناقض مع اصول الوطنية العابرة للمذاهب الراسخة من نفوس العراقيين والتي عبر عنها “التشرينيون” في ثورتهم قبل اكثر من ثلاث سنوات.
وكان صدام حسين قد اشتغل على دمج الشيعة في المسار الوطني وافرزت تجربته قيادات عدة استند اليها حكمه طوال ثلاثة عقود. لاسيما في القتال ضد ايران في حقبة الثمانينات.
كما جرى تطبيق نظرية وزيره طارق عزيز في تسليم المواقع الاعلامية والواجهاتية مع الناس لقيادات ومديرين من الشيعة.
وأضاف الحكيم وهو احد اعمدة الاطار التنسيقي الشيعي الحاكم في العراق، أنه “لزاماً على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في كل زمان ومكان أن يحافظوا على وجودهم وعقيدتهم وطريقتهم الوسطى في الخطاب والسلوك وفي الحراك العقلاني والمنطقي والعلمي المقبول”.
ورأى الحكيم الذي يسعى الى استرداد المساحات الشعبية من القاعدة الشيعية الواسعة لغريمه مقتدى الصدر الذي راهن على وطنية الشيعة منذ سنوات، أن “بقاء الواقع الشيعي من دون مشروع متوازن بين الأصالة المبدئية والمرونة الواقعية، سيؤدي إلى انحرافات خطيرة تفضي الى انقسامات حادة في الواقع الشيعي بسبب انضواء مساحات كبيرة من الجمهور الشيعي تحت لافتات الأصالة والشعارات المبدئية، وانضواء أجزاء أخرى تحت لافتات الحداثة غير الملتزمة التي تطالب بتغييرات جذرية في مبادئ الإسلام العقيدية والتشريعية والقيمية”.
وأشار الحكيم إلى “البدء بطرح و بلورة (مشروع شيعي عام) متاح لجميع أتباع أهل البيت (ع) للمشاركة فيه وانضاجه تحت عنوان (الوطنية الشيعية)، مستندين في ذلك الى تاريخ طويل من المواقف والأفكار والارشادات الصادرة عن النبي (ص) والأئمة الاطهار (ع) مروراً بحركة الفقهاء على طول التاريخ بعد الغيبة الكبرى، وصولاً الى مدرسة النجف الأشرف بوصفها محوراً مركزياً وأصيلاً لهذا المشروع، وطرحنا معالمه العامة، ودعونا النخب والشخصيات الشيعية للمشاركة في انضاجه وبلورته”.
وقال الحكيم، ” إن الوطنية الشيعية التي نطرحها، قائمة على ثلاث حقائق تتفرع منها الأمور الأخرى وهي:
-أولا: إن أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من حيث العقيدة والشريعة والشعائر تمثلهم هوية واحدة متماسكة تتبع منهجا موحدا في حراكها المذهبي وإن تنوعت في أساليبها الشعائرية ومرجعياتها الدينية ولكنها تتبع ذات الإطار العام الذي تعتقد به وتتمسك بأطرافه وهو عابر للحدود والقيود.
ثانيا: إن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) موحدون من حيث العقيدة ولكنهم موزعون على دول و أوطان قائمة و محكومة بعقود اجتماعية وسياسية خاصة بها ، بحسب هويتهم الوطنية ودولهم ومجتمعاتهم في خط تاريخي أصيل ودائم وهذا الأمر يتطلب منهم (الاندماج في مجتمعاتهم وترسيخ هويتهم الوطنية ، والالتزام بقوانينهم) وهذا ما دعت إليه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من خلال وصايا الأئمة الأطهار (عليهم السلام) و ركز عليها الفقهاء وثبتتها المرجعية العليا بصورة واضحة في توصياتها وإرشاداتها الحكيمة.
ثالثا: إن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في كل بلد موزعون على شاكلة أفراد ومنظمات ومؤسسات ومشارب واتجاهات فكرية متنوعة. فهناك الشيعي الليبرالي والشيعي الإسلامي والشيعي الأكاديمي والشيعي المتحزب والآخر المستقل، وهكذا تتنوع المشارب الفكرية والثقافية. وهذا الأمر يجدر دراسته كحق فردي لكل شيعي في وطنه”.
فالمحصلة – والكلام للحكيم – هي “أن الشيعة موحدون على نطاق العقيدة ومنتشرون في أطر الدول والمجتمعات، ومحترمون في التزاماتهم الفردية والفكرية والثقافية والسياسية. وهذا الأمر يجعل المسارات أكثر وضوحا فيما بينهم وأكثر تفهما وتقديرا من غيرهم، ويزيل عنهم الشبهات الباطلة التي تشكك بهم وبانتماءاتهم ومواقفهم الوطنية”.
ودعا إلى “اعادة قراءة تجربة النجف الأشرف والمرجعية الدينية العليا بكل تفاصيلها وعطاءاتها الفكرية والثقافية الثرية التي باتت مرصودة ومشهودة من قبل العالم”.
وواصل الحكيم خاتما “هذه هي اللبنة الأساسية التي يمكن الانطلاق منها نحو محيطنا ونحو العالم بلغة عصرية مرنة، مفهومة ومقبولة ومحترمة من الجميع. فأتباع أهل البيت (عليهم السلام) يحملون راية الرسالة المحمدية ومسؤولية اظهار معالم ومآثر وثمرات هذه المدرسة للعالم أجمع، ليكونوا جزءا فاعلا و مشاركا و مؤثرا في حضارتنا الإنسانية الأوسع”.
عذراً التعليقات مغلقة