قريش:
يقول الباحث الكبير دكتور أحمد على مرسي “إن المرأة هي المبدعة لمعظم أشكال المأثورات الشيقة والحافظة لها أيضًا، والمرأة هي التي عبرت وحافظت على قيم متعددة فيما تبدع من فنون الحكي والغناء”
هذا المدخل يعد مناسبًا لهذا الكتاب “حكايات الجدة الإيروتيكية” للكاتب أحمد الشريف، والكتاب يحتوي على مقدمة وعشر قصص ، والمقدمة نفسها يمكن اعتبارها قصة أو مناجأة : الإذن والسماح، شاعر في جزيرة النساء، إمسك بتاعك الورق اتحرق، حكاية حسان وفريدة،هموم عجوز شبق، أشواق وميول سارة، عازف ناي وصياد، زين بائع الكيف، رجل وفتاة في حلم، لندا عاشقة الطيور، الجنة هنا ولا أحد يدري.
عشر قصص مع مدخل بعنوان الإذن والسماح بمثابة قصة استرجاعية من تاريخ طفولة الكاتب التي اختلط فيها الخيال بالواقع، ونجد في معظم القصص المرأة هي من لها الدور الأبرز والأكبر ، كما في قصص : شاعر في جزيرة النساء، امسك بتاعك الورق اتحرق،أشواق وميول سارة، رجل وفتاة في حلم، لندا عاشقة الطيور، إلخ.
من هنا تأتي هذه المجموعة من الحكايات والقصص لتؤكد دور شهر زاد الأنثى وعودتها مجددًا ودائمًا إلى صدارة الحكي ، وإعطاء معنى وبهجة للحياة ؛ كي نستطيع تحمل ما فيها من خير وشر وفرح وحزن، وانتصار وانكسار، وكي تشدنا أو ترجعنا ولو قليلاً إلى تراثنا العربي الكبير كما في نص ألف ليلة ونص الأغاني وغيرهما.
وبمقدمة الكتاب حكايتان تعيدنا إلى هذا التراث : “شاعر في جزيرة النساء” ، “وامسك بتاعك الورق اتحرق” ، وكأنهما كذلك توطئة أو أرضية تراثية زمنية أو تاريخية زمنية تحركت عليها الحكايات أو بدأت منها أو كانتا إلهاما انسل من بينهما، كذلك وفاء بالعهد الذي قطعه الراوي للجدة قائلاً: ” أنه سيحكي حكاياتها وحكاياته معًا” .
يقول الكاتب في مقدمة الكتاب :” سنوات طوال ولا تزال حكايات جدتي عالقة بذاكرتي ملحة علىَ لكتابتها خاصة حكاياتها وحواديتها الجنسية دقيقة التفاصيل، التي سمت فيها الأعضاء الجنسية بأسمائها الدارجة دون مواربة مستترة وراء خجل”. هذا هو العمود الفقري أو الفكرة الرئيسة في هذا الكتاب ، حكايات إيروتكية كانت تحكي في الزمن القديم بيسر وبلا تعقيدات، وقد صارت اليوم من الممنوعات.
هناك أيضًا حكايات ومواضيع وتقاطعات أخرى مع الراهن واليومي المعيش لكن دائما ما نعود في صلب الحكايات للمرأة وجسدها وحريتها ورغبتها بالانعتاق روحيا وجسديا ، نجد هذا في قصة “لندا عاشقة الطيور” ، وأشواق وميول سارة” ، إذ أن الشخصية المحورية في كلتا القصتين إمرأة تبحث عن حريتها وأشواق ونزعات جسدها ضد الظروف غير المواتية ، وضد الزمن الذي يفرض سطوته وقوانينه مع اختلاف البيئة والمجتمع بكلتا القصتين، فالقصة الأولى في بلد أوروبي أما الثانية في مصر، رغم هذا فكلتا الشخصيتين واجهتا العديد من الصعوبات من أجل الاستقلال الجسدي والروحي ومن أجل التطلع إلى ” بهجة الغد” كما قالت لندا عاشقة الطيور وللعنوان دلالة بالطبع.
وفي سؤال للكاتب عن سبب صدور كتابه الثاني على التوالي من خارج مصر قال إن كتاب حكايات الجدة كان مقررًا أن يصدر في مصر، وقد اعتذر عدد من دور النشر عن إصداره، إلى أن وصل إلى إحدى دور النشر العريقة التي يديرها شاعر وصحفي مرموق وقد وافق لكنه اصطدم برفض موظفي الهيئة العامة للكتاب حيث رفضوا إعطاء الكتاب رقم إيداع.
عذراً التعليقات مغلقة